تتفاعل الاحداث السياسية ساخنة في العراق، متدحرجة نحو الحضيض، مما جعل الافق تكاد تكون مقفلة، وهنا يتوجب التساؤل عن دور القوى المؤسسة والقائدة للحراك الجماهيري حيث تنسيقياته الفاعلة . يبدو الحراك الجماهيري اليوم  على غير مرة، فهو رغم اتساعه الا انه انطلق متحموراً حول الخدمات اكثر من شعاراته  بالاصلاح والتغيير. فهل حصل ذلك بفعل غياب القيادات التقليدية عن الساحة ؟!.. مفهوم ان يحصل في بعض الاحيان استباق الجماهير لقياداتها في ثوريتها وانطلاقها بخطى غير محسوبة، الا ان القيادات المدركة لخطورة انفلات زمام الامور سرعان ما تبادر لمسك لجام الجموح غير المحسوب.

               في مطلق الاحوال لا خشية من غياب القيادة المنبثقة من صلبه في الوهلة الاولى، لان الحراك الجماهيري هو اطروحة الثوار في سبيل التغيير. ولا يتماهى مع اجندات ليست لها افق لصالح الجماهير الزاحفة نحو نيل حقوقها، التي تتلخص في ازاحة الاستغلال والمصالح الفئوية الضيقة، وارساء العدالة. غير ان ثمة هواجس من الانفلات وفقدان البوصلة لدى الجماهير الغاضبة. وعليه ان من يبقى خلف مسيرة الجياع الحفاة المنتفضين سوف لن يتمكن من الاحتفاظ بمكانته الطليعية و لا يجد له تأثيراً على الزخم الجماهيري المتطلع نحو التغيير المنشود. ان المخاض في الوسط السياسي من غير المنطقي ارتهان حل ازمة المواطنين بنتائجه، وذلك لكونه غير ملموس في لحظته الراهنة او ثبات ابعاده.

           ان مطاليب الجماهير الحياتية كما نراها اليوم لا حل جذري لها يلوح بالافق القريب، لان الحكومة فاشلة وعاجزة ومنتهية الصلاحيات، واذا ما حصل حل ما، فهو سيكون في احسن اشكاله ترقيعياً، وسرعان ما تنفتق الازمة باقوى واشد من سابق حالها. اذن الاصلاح والتغيير هو الحل وليكن تفعيل الحراك باتجاه استكمال عملية التغيير ابتداءً من نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة، حيث كان فوز قوى التغيير في الصدارة { كتلة سائرون } التي ليس من الوارد ان تكف بعض الاجندات عن تعطيل تلك النتائج. فهي لا شك قد اقلقت بعض الاوساط الاقليمية وغيرها، التي ما انفكت ترمي بشديد ثقلها لحرف العملية الانتخابية عن سياقاتها الدستورية .

           ان قوى التغيير وصانعة الحراك الجماهيري منذ عام   2011  عليها ان لا تغفل ما حصلت عليها من نتائج انتخابية كونها ليست ببعيدة عن مخرجات تظاهرات الاحتجاج. كما يحسب التظاهر صراخاً بوجه الظلم والفساد وعصا غليضة بوجه الطغاة، واذا ما قمع الحراك لايعني ذلك سوى الخوف منه لكي لا يعري الفاسدين من كتل المحاصصة الحاكمة،  وبالتالي يكون ذا فعل في عملية التغيير، وعليه ان تكون قواه المحركة والقائدة، رأس النفيضة ، وان لا تترك ثغرات  يتسرب منها البعض بغية ركوب الموجة. ان الانتفاضة او الوثبة او حتى الثورة على الظلم ، ستصنع مقتلها بايديها اذا ما كانت خطاها مترددة فاقدة البوصلة السياسية. ان الحراك الجماهيري في العراق قد دنا من  حافات غد التغيير، وان الغد المشرق لناظره قريب. 

عرض مقالات: