واقعةٌ قد يبدو حصولها في بلادنا أمراً مألوفًا، إلا أنها سرعان ما أثارت غضبًا واسعًا في الشارع الماليزيّ، فضلًا عن اضطرار السلطات الماليزية إلى الشروع بإجراء تحقيق في القضية المذكورة آنفًا والوقوف على الظروف المحيطة بها؛ بالنظر لاستياء عدد كبير من المواطنين من حدوثها. وعلى الرغم من الاهتمام الشديد الذي حظيت به تلك الحادثة، والذي تسبب في تحويلها إلى قضية رأي عام، فأنها لا تمت بصلة إلى مصير ركاب الطائرة الماليزية المنكوبة التي ما يزال الغموض يلف احتمالات اختفائها في جنوبي المحيط الهندي عام 2014م، ولا بصدد الظروف التي تسببت بسقوط شقيقتها وتحطمها في شرقي أوكرانيا بواسطة صاروخ روسي ما يزال الجدل دائر حول الجهة التي أطلقته. كذلك لم تكن تلك الحادثة على علاقة بما يمكن أن تسببه الأعاصير أو الفيضانات العارمة - التي عرفت بها تلك المنطقة - من نزوح وخسائر بشرية وخسائر في الممتلكات، ولا ما قد يظنه القارئ الكريم من أنها تمثل بعضاً من ويلات الحروب وما يتبعها من أهوال النزوح أو ربما يذهب ببعضهم الظن إلى غيرها من أزمات الحياة المعاصرة التي وهبتها العولمة لجموع المقهورين؛ إذ أنَّ تلك الواقعة التي تصدر خبرها الصحف الماليزية وأغلب الصحف العالمية بالإضافة إلى الوسائل الإعلامية الأخرى، خلاصتها أنَّ فتاةً تايلاندية تبلغ من العمر إحدى عشرة سنة جرى تزويجها "سرًا" لرجل أربعيني يحمل الجنسية الماليزية، لتكون الزوجة الثالثة لهذا الرجل الذي يكبرها بثلاثين عاماً، الأمر الذي أغاظ إحدى زوجاته وحفزها على تقديم شكوى ضد زوجها إلى أحد مراكز الشرطة في بلدتها تتعلق بصغر سن العروس الجديدة الذي يتعارض مع القوانين الماليزية التي تمنح الفتيات اللواتي تقل أعمارهن عن ستة عشر سنة الحق في الزواج بشرط موافقة المحكمة والوالد، فأصبحت تلك الزيجة التاريخية حديث المجتمع الماليزي، فضلاً عن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في ماليزيا وغيرها من البلدان، بعد أن جرى تسريب مجموعة من الصور التي تظهر مراسم عقد القران ما بين الزوج الماليزي وعروسه التايلندية الصغيرة، حيث انقسمت الآراء ما بين مؤيد وآخر معارض له يطالب برفع سن الزواج لدى النساء الماليزيات.

الفحلُ البشريّ الماليزيّ الذي يستمتع حاليًا بشهر عسله الثالث، واجه ما أفضى إلى أثارته زواجه من أحاديث مثيرة بالتأكيد على أنَّ زواجه جرى بالاستناد إلى القانون؛ لأنه تم بموافقة والديّ الطفلة، إلا أنَّ تبريرَ الزوج، لم يكن مقنعاً لنائبة رئيس الوزراء الماليزية، والتي ردت على هذا الطرح بالقول "إن الزواج غير قانوني إذا لم توافق عليه المحكمة الشرعية"، مضيفة "سألتقي - اليوم - مع بعض المسؤولين لمناقشة هذه القضية".

ما أثارني وأنا أتصفح نشرات الأخبار، لا يتعلق مطلقاً بمجريات القضية المذكورة آنفاً، إنما أمران، أولهما هل بوسع المواطن العراقي المبتلى بنكبات الزمان، الحديث عن اليسير من حقوقه في مجال الخدمات - وليس الأمنيات - من دون تبريرات الجهات المعنية كما دافع " رمز الفحولة الماليزية " عن زواجه، أما الأمر الآخر فهو : هل بإمكان الحكومة العراقية في ظل غياب وحدة القرار المتأتي من " مستنقع المحاصصة " الذي أوجدته ديمقراطية "بريمر" التوافقية، مواجهة الأزمات التي تمر بها البلاد وقت حدوثها كما فعلت نائبة رئيس الوزراء الماليزية؟!.   

في أمان الله.

عرض مقالات: