بهذه المناسبة شارك الرئيس بوتين في الجلسة العامة للمناقشات. وبعد عرضٍ وافٍ للأحداث العالمية، بما فيها القضية ألأوكرانية والعلاقات الروسية ألأمريكية وألأحداث الجارية في أوروبا وفي قطاع غزة، أشار بوتين إلى أن واقع وجود روسيا لا يعجب الكثيرين اليوم، خاصة أوروبا، المستشرية في عدائها ألأعمى لروسيا، والتي تخطط "لإلحاق هزيمة استراتيجية" بها، وتعلن بوضوح عن استعدادها للدخول في حرب مع روسيا.

إن هذا التوجه العدائي ليس وليد اليوم، فقد كانت أوروبا تمارسه في القرن التاسع عشر والعشرين، وان ما يجري اليوم هو اسستمرار لتلك السياسة التي قادتها وتقودها اليوم إلى طريق مسدود.

وخلال حديثه عن هذا الموضوع، ذكر بوتين أن الشاعر الروسي ألكبير ألكسندر بوشكين كتب عام 1831 عن أطماع ومواقف أوروبا العدائية ومحاولات القضاء على روسيا في قصيدته المأثورة "يوم بورودينو ألعظيم"، التي يشبه سير الأحداث فيها إلى حد كبير سياسة العداء التي تتبعها أوروبا تجاه روسيا اليوم. وقال من الضروري على كل شخص أن يطلع ويقرأ هذه القصيدة لكي يفهم ويقارن أوجه التطابق بين سياسة أوروبا القديمة والحالية تجاه روسيا.

ونشير إلى أن "معركة بورودينو" هي أكبر معركة خلال الحرب ألوطنية عام 1812 بين الجيش الروسي بقيادة جنرال المشاة ألأمير ميخائيل كوتوزوف والجيش الفرنسي بقيادة الامبراطور نابليون الأول بونابرت. ووقعت المعركة في سبتمبر عام 1812 بالقرب من قرية "بورودينو" ، على بعد 125 كيلومترا غرب موسكو.

وقد خصص بوشكين قصيدته لحدثين هامين : ذكرى معركة بورودينو الشهيرة عام 1812 والانتفاضة البولندية عامي 1830 – 1831.

ويركز بوشكين في قصيدته على تمجيد بطولة الشعب الروسي وانتصاره على جيش نابليون، ويطرح موضوع عدم إمكانية قهر روسيا امام التحديات الخارجية مُظهراً قدرتها على الدفاع عن حريتها واستقلالها. ويتأمل الكاتب كيف أظهرت معركة بورودينو قوة الجيش الروسي ويقارنها بالأحداث المعاصرة في بولندا. والقصيدة رد فعل بوشكين على قضية الاستيلاء على وارشو المتمردة وسقوطها المحتوم.

بهذا الصدد ارتأينا تقديم ترجمة كاملة لقصيدة بوشكين المذكورة رغم صعوبة وعمق مضمونها ومعانيها، ولكي نعطي لقرائنا صورة واضحة عن أحداث تلك الفترة.

ملحمة "بورودينو" العظيمة

يوم "بورودينو" العظيم،

للشاعر الروسي الكبير: ألكسندر سيرغييفيتش بوشكين، كتبها عام 1831.

 

ونحن، إذ نتذكر في وليمة التأبين ألأخوية،

كنا نردد: "لقد سارت القبائل"،

مهددةً روسيا بالكارثة،

ألم تكن أوروبا كلها هنا؟

ونَجمةُ مَن قادتها إلينا!

لكننا صمدنا بأقدام راسخة،

وواجهنا بصدورنا،

هجوم القبائل المطيعةِ للإرادةِ الأبية،

وكانت ألمعركةُ غير المتكافئة متكافئةَ.

 ثم ماذا؟ إنهم نسوا اليوم بكبرياء هزيمَتَهم ألكارثية،

نسوا الحربة الروسية والثلج،

الذي دفن مجدَهم في ألصحراء.

ألوَليمةُ ألمألوفةَ تلوحُ لهم من جديد –

ألدَمُ السلافي سُكْر لهم!

لكن نشوةَ السُكْرْ ستكون مؤلمة لهم،

ونومُ ألضُيوفِ سيكون طويلاً

في مَسكنٍ ضيق وبارد،

تحت غِلال الحقول الشماليةَ!

 تقدموا إلينا : روسيا تناديكم !

ولكن تعلمون أيها الضيوف المذعورون!

لن تقودكم بولندا:

عَبرَ عظامها ألسائرةَ ! ..... "

تَحققَ ذلك – في يوم "بورودينو" أيضاً

من جديد غَزتْ راياتنا

ثَغَراتَ وارشو المنهارة ثانيةً،

وبولندا، كفوجٍ هاربْ،

تَرمي الرايةَ ألمُلَطخةَ بالدماء في ألرَماد –

في صَمتِ ألتَمَرُد ألمهزوم.

 فالساقطِ في المعركة سالم،

لن نَسحَقَ أعداءَنا تُراباً تحتَ أقدامنا،

ولن نذكرهم اليوم،

بما تَحفِظهُ الألواحُ ألقديمةَ،

في أساطيرِ الصامتين،

نحنُ لن نُحرقَ وارشووَتَهم،

إنهم أعداءُ الشعب،

لن يَروا الوجهَ ألغاضِبْ،

ولن يَسمَعوا أغانيَ الاستياء،

من قيثارةِ مغنٍ روسي.

 لكنكم يا مُثيري الشَغَبَ في المجالس،

أيها الخُطباءَ ذوي اللسان ألفظ،

يا مُفزعي الرُعاعْ،

يا مُفتَري روسيا، يا أعداءَ روسيا!

ماذا أخذتُمْ ؟ هل لا تزال روسيا

عِملاقاً مريضاً ضعيفاً؟

هل لا يزال ألمَجدُ الشمالي

مَثلاً فارغاً، حُلماً زائفاً؟

أخبروني: هل ستُقِرْ وارشو لنا قريباً قانونَها المتغطرِسْ؟

إلى أين سندفع صَفَ الحُصونْ؟

إلى ما وراءَ بوغت، إلى فورسكما، إلى ليمان؟

مَن سيحتَفِظْ بفولين ؟

مَن سيحتَفِظْ بإرثِ بوغدان؟

اعترافاً بالحقوق ألمُتَمردةَ،

هل ستنفصل عنا ليتوانيا؟

كييفُنا المتداعيةَ، ذاتُ الرأس ألذهبي،

سَلَفُ المُدنِ ألروسيةَ،

هل ستتحِدْ مع وارشو ألمُضطَرِبةَ؟

مَلجَأَ جميعَ قبورها؟

ضَجيجُكُم ألعاصفْ وصِراخُكُم الأجَشْ

هل أعَجا ألحاكمَ الروسي؟

أخبرونا، مَن الذي طَأطَأ برأسهِ؟

لمَنْ التاج: للسيفْ أم للصرخةَ؟

هل روسيا قوية؟ الحربْ والوباءْ،

والتمرُد، وهجمةُ العواصفِ ألخارجية

هزَتها بقوة –

انظروا: ما زالتْ صامدةَ!

ومن حولها سقطَ ألإضطراب –

وحُسِمْ مصيرُ بولندا......

 ألنَصْرْ! ساعة تُريحُ القلب!

روسيا! انهَضي وتفوقي!

ارفَعي صَوتَكِ، صَوتَ النَشوةِ ألعام،

لكن بهدوء، اصرَخي بهدوء،

حولَ ألنعش الذي يرقد فيه،

ألمُنتَقِم ألعظيم من الضيم القاسي،

الذي قَهَرَ قِمَةَ تافر،

أمامَ الذي خَضَعَتْ له يريفان،

لِمَن نَسَجَتْ له ألمعركةُ ألثلاثيةَ إكليلاً من غار سوفوروف.

 وحين نَهضَ من قبره

يرى سوفوروف أسْرَ وارشو،

وقد هَزَتْ ظِلَهُ من إشراقةِ ألمجد الذي بدأه!

يُبارِكْ هو كالبطل

مُعاناتكَ وسلامتكَ وشجاعةَ رفاقِكَ!

وخَبرَ انتصارك، ومعه حفيدكَ ألشاب الذي يُحَلِقْ فوق براغ.

                 8 / 10 / 2025