منذ تأسيسها عام 2017 بموجب قانون نقابة الأكاديميين العراقيين رقم (61)، كان يفترض ان تكون هذه النقابة منبرا مستقلا يمثل صوت الأكاديميين، لا صدى لسياسات الوزارة. لكن يبدو ان الحلم قد تحول الى كابوس بيروقراطي، تدار فيه النقابة كما تدار اي دائرة تابعة للوزير، لا كما تدار مؤسسة نقابية حرة.
هندسة الاقصاء
وفقا للائحة الانتخابية الجديدة، لا يحق لأي أكاديمي الترشح لمنصب النقيب او نائبه ما لم يكن منتميا للنقابة منذ يوم تأسيسها. اي ان الأكاديمي المؤهل أكاديميا ومهنيا، يقصى فقط لأنه لم يكن ضمن "الدفعة الاولى" من الاعضاء. هذا ليس شرطا تنظيميا، بل شرط اقصائي بامتياز، يفصل على مقاس من يريدون اعادة انتاج أنفسهم في مواقع القرار.
إذا كانت الانتخابات تدار بهذه الطريقة، فالأجدر ان نسميها تعيينا لا اختيارا. فالشروط الحالية لا تفتح بابا للتغيير، بل تغلقه بإحكام امام كل من يحمل رؤية او كفاءة.
النقابة كذراع للوزارة
الاخطر من ذلك ان النقابة، التي يفترض ان تكون مستقلة، باتت ترتبط ارتباطا وثيقا بالوزارة. قراراتها تصاغ في مكاتب المسؤولين، ومواقفها تعكس سياسات الوزير لا مصالح الأكاديميين. لقد تحولت النقابة الى بوق رسمي، لا يصدح الا بما يملى عليه، وبصمة بيروقراطية تشرعن ما لا يمكن الدفاع عنه.
في ظل هذا الواقع، لم تعد النقابة تمثل الأكاديميين، بل تمثل الاجهزة التي يفترض ان تحاسبها. انها نقابة بلا نقابيين، مؤسسة بلا استقلال، وواجهة بلا مضمون.
المطلوب الغاء الشروط وفك الارتباط
ان استمرار هذه الشروط يعني استمرار الجمود، واستمرار الوجوه التي لم تقدم شيئا يذكر على مدى دورتين انتخابيتين. المطلوب اليوم ليس مجرد تعديل لائحة، بل اعادة تعريف النقابة نفسها:
يجب الغاء الشروط التي تقصي الكفاءات وتكرس المحسوبية.
يجب فك ارتباط النقابة بالوزارة، وضمان استقلالها التام.
يجب ان تكون النقابة ممثلا حقيقيا للأكاديميين، لا امتدادا للبيروقراطية.
النقابة التي لا تمثل الأكاديميين، ولا تدافع عن الحريات الاكاديمية، ولا تسمح بتداول القيادة، ولا تفتح الباب امام الكفاءات، ليست نقابة... بل مجرد ختم اداري يستخدم لتجميل قرارات لا علاقة لها بالتعليم العالي ولا بالعدالة.