توفَّر الموارد الطبيعية من العناصر المحددة والمهمة للإستثمار الأجنبي المباشر، حيث يتدفق هذا الاستثمار إلى الدول الغنية بالموارد الطبيعية وبكميات كبيرة في المراحل الأولى لظاهرة الاستثمار الأجنبي المباشر في القرن التاسع عشر كان معظم الاستثمار الأجنبي المباشر يتدفق باتجاه الدول الغنية بالموارد الطبيعية من أجل ضمان استمرارية الحصول على هذه الموارد وبأثمان معقولة. الاستثمار من الناحية الاقتصادية هو تخصيص رأس المال للحصول على وسائل إنتاجية جديدة لتطوير الوسائل الموجودة بهدف زيادة الطاقة الإنتاجية. وهذا يعبّر عن انتقال رأس المال من الشكل النقدي إلى الشكل المنتج ، وهو أمر تنفيه حقيقة أن الاستثمار قد يتم في أصول حقيقية أو مالية سعيا لتحقيق أهداف محددة، فضلا عن وجود الاستثمار بشكل تقني وليس نقديا كمنح البراءات والتراخيص أو بشكل بشري. ان الاتجاه نحو الاستثمارات الاجنبية انما يتم بهدف سد النقص وسد الفجوة الموجودة في الموارد المحلية المخصصة للاستثمار...وفي ظل هذه المسلمات والفرضيات والعوامل يجب ان يصار إلى اختيار صيغ الاستثمار المرغوبة بما يخص الاستكشاف والانتاج والتسويق. وتعتبر المحددات الإقتصادية أهم مدخل يعتمد عليه صانع قرار الإستثمار الأجنبي المباشر لتوجيه أمواله نحو الخارج ، لما لها من جوانب تأثيرية مهمة على سير المشروع الإستثماري على مستوى الدول المضيفة.و يعتبر حجم السوق من المحددات الأساسية لإمكانية إقامة المشروعات الإستثمارية أو التوسع فيها ، وذلك لأن حجم الإنتاج يرتبط بإمكانية تصريف هذا الإنتاج في الأسواق المحلية والخارجية ، وبالتالي كلما إتسع حجم السوق زادت قدرة الإقتصاد القومي على إستيعاب الإستثمارات مما يجذب المزيد من تدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر ، لذلك إن الهدف الأساسي لتلك المشروعات الأجنبية قد يكون البحث أو المحافظة على الأسواق الخارجية لتصريف إنتاجها البيئة الاقتصادية ذات السياسات الاقتصادية المحفزة للاستثمار والتي تتمتع بالاستقرار والثبات من المحددات الأساسية في مجال تشجيع الاستثمار بصفة عامة والاستثمار الأجنبي بصفة خاصة. فتلك السياسات بما تتضمنه من سياسات مالية ونقدية وتجارية تعطي إشارات لكل من المستثمر المحلي والأجنبي عن درجة تحرير الاقتصاد والانفتاح على العالم الخارجي وتوفير المناخ الملائم للاستثمار. ونعني بالسياسات الاقتصادية تلك المتعلقة بالاقتصاد الكلي، كالسياسة النقدية والمالية والتجارية وهذه السياسات تكون ذات تأثير كبير على الاستثمار الأجنبي المباشر وتظهر هذه السياسات بأشكال وصور مختلفة حسب الدولة المضيفة وفلسفتها الاقتصادية ، فهناك دول ترحب وبشكل شامل بالاستثمار الأجنبي المباشر ، أي لا تضع أي قيود أو عراقيل أمام عمل الشركات متعددة الجنسية وهناك دول أخرى تتبع سياسة الترحيب الجزئي أي وضع بعض القيود على تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
إن تحقيق الإقتصاد معدلات نمو مرتفعة يضمن إستمرار تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وإعادة إستثمار أرباحها سواء بالتوسع في المشروعات أو إنشاء مشروعات جديدة ، ولاشك أن التدفق المتزايد إلى الدول الأكثر تقدما يرجع إلى حد كبير إلى إرتفاع معدلات النمو في هذه الدول ، حيث توجد علاقة إرتباط قوية بين معدل النمو وتدفق الإستثمار الأجنبي للمجتمع ، فكلما كان معدل النمو مرتفعا فإن هذا يؤدي إلى زيادة الدخل القومي بما يترتب عليه زيادة مستويات الدخل الفردية ومن ثم زيادة الطلب على السلع والخدمات وإتساع الأسواق الداخلية بها ، مما يمثل دافعا سياسيا لتدفق الإستثمار الأجنبي المباشر ، وعليه فإنه يمكن إعتبار الإستثمار الأجنبي المباشر دالة متزايدة في معدل النمو الإقتصادي. ومعدل النمو المرتفع دليل على النشاط الاقتصادي ومدى كفاءة هذا النشاط ، ويعد مؤشر مهم يعتمد عليه المستثمر للقيام باستثماراته وهذا ما حصل في الصين ودول جنوب شرق أسيا منذ الثمانينات حيث إن ارتفاع معدلات النمو ساعدت على جذب تدفقات كبيرة من الاستثمار الأجنبي إلى هذه المنطقة . أما مستويات التنمية ، فالشاهد عليها الدول المتقدمة كافة حيث تدفق, ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى مستويات التنمية إليها أكثر من ثلثي الاستثمار الأجنبي المباشر عالميا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المرتفعة . ويساهم الاستثمار الأجنبي في تقوية الاقتصاد الوطني وتحفيز نموه من عدة اتجاهات منها ,زيادة الإنتاج والتوظيف .. فهو يساهم في زيادة قدرة الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة، مما يؤدي إلى الاسراع في النمو الاقتصادي.لاجل معرفة مدى مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في تمويل الاقتصاد الوطني، بحيث أصبحت العديد من الدول سواءً المتقدمة أو النامية تسعى إلى تطوير آليات لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، والعراق واحد من الدول التي تسعى لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، إلا أن السياسات المعتمدة لا تكفي لجذبه، فهناك ما يعيق فعاليتها، نتيجة ضعف مكونات المناخ الاستثماري في البلد .
ويواجه العديد من الاقتصادات الصاعدة الكبيرة مخاطر من انتقال الاستثمار الأجنبي المباشر، الأمر الذي يشير إلى أن مخاطر التشتت ليست مركزة في عدد قليل من البلدان وحسب. وليست الاقتصادات المتقدمة محصنة من ذلك، ولا سيما تلك التي لديها أرصدة كبيرة من الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعات استراتيجية. وبالنظر إلى إمكانية اتساع مواطن الضعف كذلك لتطال التدفقات من غير الاستثمار الأجنبي المباشر. والاستثمار الاجنبي المباشر يعمل على اذكاء المنافسة بين الشركات والمؤسسات الوطنية ومثيلاتها الاجنبية وما ينتج عن هذا التنافس من منافع تتمثل في خفض الاحتكار وتحفيز الشركات على تحسين نوعية المنتج والخدمات اذ ان اشتداد المنافسة هذه حتى بين الشركات الاجنبية العاملة في البلد وبين الشركات الاخرى خارج البلد يجبر الشركات البحث عن سبل جديده لزيادة الكفاءة بما في ذلك توسيع نطاق وصولها الى اسواق جديده في مرحله مبكرة وهذا يصب في خانة منفعة البلد....لقد اصبح من البديهي الحديث عن الاستثمار الاجنبي المباشر يعني الحديث عن الشركات العملاقة ودورها في الاقتصاد العالمي كونها موجهاً مهما للنشاطات الاقتصادية الدولية اذ عمدت الى تدويل الانتاج عبر تصدير راس المال بعد ان كانت الاستثمارات الاجنبية تركز على الاستثمار في القطاع الاولي .
أن حل مشاكل القطاع النفطي العراقي وتنميته وبناءه بناءً عصرياً هو المفتاح والمدخل الطبيعي لعملية النهوض الاقتصادي فالقطاع النفطي لازال القطاع القيادي في الاقتصاد العراقي وسيبقى كذلك حتى اشعار اخر. إن مسألة جدوى الإستثمار الأجنبي المباشر ودوره في التنمية الإقتصادية هي مثار إختلاف بين الإقتصاديين ، فبينما يرى البعض أن الدول النامية سوف تحقق منافع هامة من الإستثمار الأجنبي ، يرى البعض الآخر أن النتائج السلبية التي يحدثها الإستثمار الأجنبي المباشر على إقتصادات الدول النامية أكبر بكثير من إستفادتها منه. وتزداد احتمالات تحقيق هذه المنافع عندما تدخل الشركات الأجنبية بلدا لإنتاج مدخلات توردها إلى شركات منتسبة ,فمصنع أشباه الموصلات التابع لشركة سامسونغ إلكترونيكس في كوريا ، الذي يُصَنِّع منتجات تُباع بصفة أساسية لوحدات أخرى ضمن المجمع الكوري في أنحاء العالم. والسبب وراء ذلك هو أن هذا النوع من الاستثمار الأجنبي المباشر الرأسي متركز بين منتجي السلع الوسيطة التي تستخدم تكنولوجيا أكثر تطورا واعتمادا على المهارات.
ونظرا لوفرة رؤوس الأموال في الدول المصدرة للنفط بفضل ارتفاع أسعار النفط، فإن هذه الدول ليست في حاجة ماسة إلى رؤوس أموال أجنبية للاستثمار فيها، بل تحتاج إلى نوع من الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يمثل فيه المستثمرون الأجانب كناقل للتكنولوجيا الجديدة، الخبرات الإدارية، خدمات التوزيع، ومعلومات بشأن الأسواق الخارجية. إذا رغبت هذه الدول في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة فإن الأدلة التجريبية، سواءً كانت دراسات الاقتصاد القياسي أو مسوح المستثمرين، تشير إلى حاجتها لتحسين البني التحتية، تبسيط القوانين والتشريعات، تعزيز مناخ الأعمال والاستثمار، تقوية استقرار الاقتصاد الكلي، إنشاء مناطق صناعية حرة تتمتع بالحرية الاقتصادية وتُسهَّل فيها ممارسة الأعمال لجذب شركات أكثر والدخول في تكامل إقليمي أوسع.
و المناطق العربية تحتوي على موارد إستراتيجية تتمثل في البترول والغاز .فالثروة النفطية تمكنها من الحصول على عائدات مالية هائلة تساعد على زيادة الدخل القومي، ومنه الزيادة في متوسط دخل الفرد السنوي. كما تساعد على التوسع في مشاريع الخدمات العامة مما يعني تحسين مستوى المعيشة .غير أن البعض يرى أنه لا يجب تفخيم أهمية النفط لأنه ثروة زائلة مع الزمن كما تتحكم في إنتاجه وعائداته قوى سوق تسيطر عليها الدول المستهلكة. وإن موقع العالم العربي له أهميته الخاصة، حيث تطل معظم دوله على بحار ومحيطات العالم، وتتميز تضاريس العالم العربي جغرافيا بوجود مجاري ومساقط مائية تسمح بتوليد طاقات كهربائية هائلة.كما تتوافر في العالم العربي الموارد البشرية وذلك يوفي بشرط هام من شروط الاستثمار الناجح، وهو توفير حد أدنى من الأيدي العاملة لأي مشروع، مع توافر حد أدنى من المهارات الفنية، وأعداد كبيرة نسبيا من الفنيين والخبراء .هذا وتوجد أعداد كبيرة من خريجي المدارس الفنية والمعاهد المتخصصة والجامعات لا يشتغلون بكامل طاقته، أو يضطرون لقبول أعمال لا تتناسب مع إمكانياتهم مما يعد تبديدا مضاعفا لطاقات وثروات يمكن أن تساهم في نهضة العالم العربي.
العوامل الاقتصادية تؤثّر في النتائج السياسية المرتبطة بإعادة الإعمار، ويتجلّى ذلك من خلال الشروط الأساسية التي ينبغي توافرها كي تتكلّل عملية إعادة الإعمار بالنجاح. ويحدّد كل شرط ما إذا كانت إعادة الإعمار ستتحقّق وكيف ستحدث، وهذه الشروط ,كتوافر الموارد الاقتصادية لإعادة الإعمار، ويعني ذلك الموارد المالية بالدرجة الأولى ولكن ليس حصرًا؛ والطريقة التي تنتهي أو قد تنتهي بها الحرب؛ ووجود أو غياب عملية سياسية على الصعيد الوطني أو الإقليمي؛ والهياكل الاقتصادية التي كانت قائمة قبل الحرب، والإرث المؤسساتي، وعلاقات الدولة. ان اشكالية تمويل التنمية واعادة بناء ما دمرته الحروب من البنى التحتية ومدة الحصار وردم فجوة التخلف هي اشكالية حقيقيه برزت نتيجة لانخفاض الدخل الحقيقي وقلة المدخرات طوال المدة الماضية، مما ادى لقلة الاستثمارات المحلية وعزوف المستثمر الاجنبي عن الدخول الى البلاد نتيجة لعدم استقرار الوضع الامني، وبالتالي احجام البنوك الدولية عن الاقراض اضافة الى ضخامة المديونية الخارجية للعراق مثلا وما يتبعها من خدمة الدين والتعويضات. وبعد أن استعادت الحكومة السيطرة على أراضيها من قبضة التنظيمات الإرهابية في العام 2017، انتهت العمليات العسكرية الواسعة النطاق. ومع أن البلاد تشهد عملية سياسية وطنية من خلال إجراء انتخابات برلمانية ومحلية، تعاني في الوقت نفسه انقسامًا كبيرًا وتغرق في لُجج سياسات الهوية الإثنية والطائفية. يقع العراق كذلك في قلب التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، إذ شكّلت الأراضي العراقية حتى الآن ساحة مواجهة بين الجانبين، بدءًا من اغتيال الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير 2020 قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني اللواء قاسم سليماني، ووصولًا إلى الهجمات الانتقامية الإيرانية التي طالت قواعد أميركية في العراق. الآن العراق نستطيع القول عنه بدأ في السكة الصحيحة للنهوض ويحتاج الى جميع الايادي الخيرة من ابناءه ومن الاصدقاء للاستفادة من الموار الناتجة عن ارتفاع سعر برميل النفط ومن البيئة التي تقريبا بدأت تستقر فرأس المال كما نعلم جبان. ومن الواضح أن المستثمر هدفه الربح والفوائد الأخرى التي يحققها من ألاستثمار المباشر. وان تحقيق هذا الهدف يتوقف على الحكم على المستقبل والمستقبل البعيد بالــذات , وبما إن المستقبل غير مؤكد فانه من المحتمل أن يبرز عنصر المخاطرة المحسوبة وغير المحسوبة وعليه فعندما يكون أصحاب المشروعات متفائلين فإنهم يقررون زيادة استثماراتهم ويترددون عــــــــن الاستثمار عندما يكونوا متشائمين وهذا يعني أن العوامل النفسية تلعب دورا ً مهما ً وخاصة أن درجة الثقة والتأكد تعتمد على التوقعات التي تبنى على المعلومات.الإستغلال الأمثل والإستفادة من الموارد المالية والبشرية المحلية المتاحة والمتوفرة في الدولة المضيفة.المساهمة في إنشاء علاقات بين قطاعات الإنتاج والخدمات داخل الدولة المعنية مما يساهم في وجود تكامل اقتصادي . ومن الواضح أن أي تقييم حقيقي لدور هذا الإستثمار في التنمية وجدواه يتطلب مجموعة من دراسات الحالة ، فربما تكون النتيجة العامة الوحيدة الصالحة هي أن الإستثمار الأجنبي المباشر يمكن أن يكون محفزا مهما للتنمية الإقتصادية والإجتماعية طالما هناك تطابق في مصالح الشركات متعددة الجنسيات ، وحكومات الدول المضيفة ، وربما تكون هناك إستحالة في وجود تطابق حقيقي في المصالح بين أهداف تعظيم الربح من جانب الشركات متعددة الجنسيات وأولويات التنمية التي تحددها الدول الأقل نموا.