تُعتبر الحرب الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة ضد كوبا خطيرة للغاية وتقوم على حقيقة أن الولايات المتحدة تعتمد على قانون الغابة لتقويض البلاد. ومن الواضح أن الولايات المتحدة ليس لديها أي مخاوف بشأن خرق القانون الدولي.
ومن وجهة نظر دولية، يتعين علينا بطبيعة الحال أن نُصِر على أن كوبا مِثل أي دولة مستقلة أخرى ـ لها الحق في العيش بسلام دون تدخل من بلدان أخرى.
ولذلك لم يكن مُستغرباً أن يُحكَمْ على الحصار الذي فرضته الولايات المتحدة على كوبا في العام الماضي بأنه غير مبرر على الإطلاق ويُشكل انتهاكاً للقانون الدولي. وقد صدرَ هذا الحكم في محكمة دولية في بروكسل بحكمٍ يستند إلى هذه القوانين والأنظمة الدولية المعترف بها:
المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة، الفقرة 4 و7 بشأن حماية السيادة وتقرير المصير وحظر التدخل
- استناداً الى مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966
- وحسب أحكام منظمة التجارة العالمية بشأن حماية التجارة الحرة.
- وكذلك إلى عدد من المبادئ في معاهدة الاتحاد الأوروبي (معاهدة روما، معاهدة ماستريخت).
ويعاني الاقتصاد الكوبي من الركود التام بعد أن شنت الولايات المتحدة حربا اقتصادية ضد البلاد لمدة 62 عاما، ويعاني السكان من أخطر حالة نقص منذ التسعينيات. وتتجلى خطورة الأمر في حقيقة أن كوبا اضطرت الآن إلى أن تطلب من الأمم المتحدة الحليب المجفف للأطفال.
وفي عام 2020، تفاقم الوضع الاقتصادي بسبب التشديد القوي للحصار الذي فرضه الرئيس ترامب. وواصلَ الرئيس بايدن سياسة التشديد، والذي كان الهدف منها، من بين أمور أخرى، منع كوبا من كسب العملات الأجنبية وجذب الاستثمار الأجنبي.
وبالتزامن مع تشديد الحصار، ضربت جائحة كورونا، وأدى هذا كلّه إلى انخفاض دخل البلاد من السياحة بشكل حاد.
وقد أثَّر الارتفاع العنيف في أسعار السلع الأساسية بسبب الحرب في أوكرانيا سِلباً على قدرة كوبا على الاستيراد. كما أثرت المشاكل الاقتصادية على خطط كوبا لإعادة هيكلة وتحديث اقتصادها وإعطاء الشركات الخاصة الصغيرة والمتوسطة الحجم دورا أكبر، خاصة في قطاعي الزراعة والأغذية. وأخيراً أصبح تنفيذ النظام الضريبي الجديد أمرا صعبا.
وفي 17 مارس/آذار من هذا العام، اندلعت احتجاجات شعبية في عدة مدن كوبية. والناس غيرُ راضين عن النقص في كل شيء تقريباً، من الغذاء والوقود إلى إنتاج الكهرباء. كان طابع المُظاهرات سلمي، وسارع السياسيون الكوبيون إلى اللقاء مع المتظاهرين لمناقشة القضايا المطروحة معهم.
وقد ذكرت وسائل الإعلام الدنماركية احتجاجات 17 مارس. لكن لسوء الحظ، لم تكن تغطية الوضع الذي أدى إلى المظاهرات تُشير إلى الأسباب الحقيقية التي دفعت الناس للنزول الى الشوارع. وكانت زاوية التغطية، قبل كل شيء، هي التكهنات حول المدة التي يمكن للحكومة أن تصمد فيها بسبب استياء السكان من البؤس الذي تتحمل العقوبات الأمريكية المسؤولية عنه بشكل رئيسي.
في كل عام، تُصوِّت الدنمارك مع بقية دول العالم – (باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل) في الجمعية العامة للأمم المتحدة على إنهاء الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة على كوبا. حتى الآن لا توجد نتيجة.
أوقفوا الولايات المتحدة الأمريكية
وتواصل الولايات المتحدة ضغوطها على كوبا بكل الطرق. واستغلت وسائل التواصل الاجتماعي الأمريكية ووسائل الإعلام والمجموعات الأوروبية المدعومة من الولايات المتحدة، مثل المرصد الكوبي لحقوق الإنسان في مدريد، الوضع لتأجيج النيران والدعوة إلى التمرد.
وباعتبارنا دولة صغيرة في عالم تسمح فيه القوى الكبرى لنفسها باستخدام قوتها للإساءة إلى بلدان أخرى، فإننا نحن الدنماركيون ندعم القانون الدولي والعدالة. ويجب أن ينطبق هذا أيضا على كوبا. ولذلك، يجب أن نطالب الولايات المتحدة بالوقف الفوري لعقوباتها غير المبررة ضد كوبا. أن ترفع الولايات المتحدة حصارها غير القانوني على كوبا. أن تقوم الولايات المتحدة بإزالة كوبا من قائمتها للدول التي تدعم الإرهاب. أن توقف الولايات المتحدة فوراً تدخلها غير المشروع في الشؤون الداخلية لكوبا.
وأدعو جميع السياسيين الدنماركيين والحركة النقابية وجميع المنظمات الإنسانية والقانونية في الدنمارك إلى دعم هذه المطالب.
(*) جريدة الشيوعي الدانماركية عدد السادس يونيو/ حزيران 2024
(**) رئيسة جمعية الصداقة الدنماركية الكوبية