- أثار التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا عاصفة دولية غير مسبوقة تمثلت بإدانة سياسية دولية وعقوبات اقتصادية واسعة فضلاً عن استنكار الأحزاب الاشتراكية للاجتياح الروسي لأراضي دولة مستقلة الامر الذي أشر الى نهوض دولي - شعبي شاجب للتدخلات العسكرية ونتائجها الكارثية.
-رغم اصطفافي مع القوى الديمقراطية الرافضة للتدخلات الدولية في الشؤن الوطنية أحاول التوقف عند أسباب التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا بهدف التوصل الى قرائه سياسية موضوعية للنزاع عبر محاور ثلاث-
أولا - شرعية السلطة السياسية في أوكرانيا.
ثانيا –دور التحالف الاطلسي بالنزاع الروسي – الأوكراني.
ثالثاً- نتائج التدخل العسكري الروسي وافاقه الدولية.
استنادا الى العدة المنهجية المثارة أحاول ملامسة مضامينها بكثافة بالغة.
أولا - شرعية السلطة السياسية في أوكرانيا.
-بات جلياً ان السلطة السياسية في أوكرانيا نتجت عن انقلاب سياسي أطاح بسلطة الشرعية الوطنية، وما أنتجه ذلك من التباس في شرعية السلطة السياسية الحالية كونها منبثقة من شرعية انتخابية وليدة حركة انقلابية.
استنادا الى التباس شرعية سلطة البلاد السياسية يمكننا تحديد سماتها التالية-
1- هيمنة اليمين المتطرف المساند من الاحتكارات الدولية على السلطة السياسية.
2- عداء اليمين الحاكم المتلحف بشعارات قومية لروسيا لاتحادية.
3- علاقات اليمين الأوكراني السياسية مع دول التحالف الأطلسي بهدف حفظ سلطته السياسية.
4- محاولات انشاء بنية عسكرية أطلسية على حدود روسيا الاتحادية وما يثيره ذلك من تهديد لأمن الدولة الروسية وسياستها الدولية.
5 -المساعي العدائية الهادفة الى عزل روسيا الاتحادية وتفكيك دولتها الاتحادية الى جمهوريات مستقلة متناحرة.
- الأهداف المشار اليها تؤكدها المساعدات العسكرية الأطلسية لأوكرانيا ومباركتها اضطهاد الأقاليم الناطقة باللغة الروسية.
- مساعي ادخال أوكرانيا في البنية العسكرية الأطلسية تهدف الى جر روسيا الاتحادية الى النزاعات القومية الامر الذي يحد من تطورها الرأسمالي المرتكز على النزعة الوطنية.
ثانيا –دور التحالف الاطلسي بالنزاع الروسي – الأوكراني.
رغم وحدة العالم الرأسمالية الا ان قوانين المنافسة والهيمنة تظل عوامل فاعلة بالنزاعات الدولية وبهذا السياق تشكل سياسة التحالف الأطلسي التدخلية دافعا لنزاعات دولية وما تنتجه من تحالفات سياسية - عسكرية.
- الصراع العسكري بين روسيا الاتحادية أوكرانيا يشكل كما أراه رداً على محاولات دول التحالف الأطلسي الهادفة الى تفكيك روسيا الاتحادية وتحويلها الى جمهوريات مستقلة متناحرة.
-- اعتماداً على تلك الرؤية السياسية يمكننا تحديد أهداف النزاع الروسي – الأطلسي بالموضوعات التالية-
اولاً- تفكيك الاتحاد الروسي وتعطيل نهضته الرأسمالية المرتكزة على الروح الوطنية واعاقة تعاونه مع الدول الاوربية في المجال الاقتصادي.
ثانياً- تعطيل بناء التحالف الروسي - الصيني وتخريب ركائزه الاقتصادية - السياسية.
ثالثاً – اعاقة تعاون دول العالم الثالث مع المحور الصيني- الروسي المستند على احترام المصالح الدولية وعدم التدخل في الشؤن الوطنية.
رابعاً- خشية المراكز الرأسمالية من تطور تعاون دول بريكس وتحويل تعاونها الاقتصادي الى تحالف متعدد الاطراف.
خامساً- خشية المراكز الرأسمالية من بناء عالم متعدد الأقطاب الدولية وانهيار هيمنة الولايات المتحدة الامريكية على السياسية الدولية.
- آليات التدخل الأطلسي في النزاع العسكري الروسي – الاوكراني أخذت اشكلا متعددة منها مساندة أوكرانيا ومدها بالأسلحة بهدف ادامة الصراع العسكري مع روسيا الاتحادية، ومنها عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على روسيا الاتحادية بهدف محاصرتها اقتصاديا وتعطيل تطور بنيتها الرأسمالية.
-- ان سعي المراكز الرأسمالية الى اعاقة تطور روسيا الرأسمالية وتحويلها الى دولة تابعة وما يحمله من تهميش دورها في الساحة الدولية يبقى هدفا استراتيجياً في النزاعات الرأسمالية الدائرة في تاريخنا المعاصر.
ثالثاً- نتائج التدخل العسكري الروسي وافاقه الدولية.
دراسة ناقدة لمجرى الصراع العسكري الروسي - الاوكراني ونتائجه الدولية تتطلب تأشير الموضوعات التالية –
أ– اعلان التحالف الأطلسي بعدم التدخل في الصراع العسكري الدائم بين روسيا أوكرانيا يرتكز على قناعته بخسارة أوكرانيا المتوقعة وسعيه الى مساندة حكومة منفى في حال تشكلها.
ب– مساعدة اوكرانيا بالسلاح ومنتسبي الشركات الخاصة للقتال الى جانب المؤسسة العسكرية وفصائل اليمين الاوكراني.
ج- أحدث التدخل الروسي العسكري في اوكرانيا انقساماً بين فصائل اليسار المناهضة للحرب والتدخلات العسكرية في الشؤن الوطنية.
د – أفضت الحملة العسكرية الروسية الى زيادة التعاون الصيني – الروسي مع احتمال تحوله الى حلف اقتصادي -عسكري جديد.
ه– أنتج التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا أزمة حادة في الاقتصاد العالمي.
و – اثقلت الحرب الروسية – الاكرانية معيشة الطبقات الكادحة والفقيرة وما ينتجه ذلك من اضطرابات سياسية.
ان الحرب الروسية – الأوكرانية لا يمكن وصفها الا بمنافسة حربية بين الرأسمالية الاحتكارية وبين الرأسمالية الروسية المرتكزة على أيديولوجيا وطنية- قومية.
أخيراً لابد من القول ان الصراع العسكري الدائر بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا سينتج عالما رأسماليا تنخره نزاعات عسكرية وتدخلات دولية عديدة.