(( يا عمال العالم إتحدوا ــ في وقت السلم ــ وأنحروا رقاب بعضكم البعض في وقت الحرب )). هكذا وصف فلاديمير أيليتش أوليانوف سياسة أحزاب (( الأممية الاشتراكية )) أي الأحزاب الديمقراطية الأجتماعية من الحرب العالمية الأولى.

ورغم الأعوام المئة التي تفصلنا عن تلك الحرب، فأن الأحزاب التي فضحها أوليانوف، تواصل انتهاج ذات السياسة المسعرة للحروب خدمة لمصالح الأمبرياليات. فالدعوة الى أحلال السلام في أوكرانيا عبر إعلان حيادها ترفض من تلك الأحزاب بدعوى تعارضها مع السيادة. أذن فليذبح الروس والأكرانيون والمتطوعون لنصرة كلا الجانبين بعضهم بعضا، بسلاح وذخيرة بلدان تحكم بعضها الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية، دفاعا عن مبدأ السيادة، وهكذا يكون الأنتماء إلى أحلاف عسكرية أهم بالنسبة لتلك الأحزاب من الحفاظ على السلم وصيانة أرواح البشر.

وفي  هذا السياق يوهم الديمقراطيون الأجتماعيون، شعوبهم والفئات الكادحة التي يزعمون تمثيلها، بأن إلتزام  الحياد بين التكتلات العسكرية أنتقاص من السيادة الوطنية، مفتئتين على حقيقة أن الحياد، وليس الأصطفاف في أحلاف عسكرية، هو السيادة الوطنية بعينها، حيث تتمتع الدولة المحايدة بالأستقلالية في رسم سياستها الدفاعية بعيدا عن تأثيرات القوى الكبرى، التي تقود تلك التكتلات، بما يتلائم مع مصالحها الخاصة، وتتجنب الانجرار الى مغامرات عسكرية لا علاقة لها بها من قريب أو بعيد. وأن النأي عن الأحلاف يساعد في حصر نطاق الصراعات العسكرية، ويحول دون توسعها.

المفارقة المؤلمة  على هذا الصعيد أن بين من يقفون حاليا الى جانب تغذية الحرب بشتى أنواع الأسلحة الفتاكة، واستبعاد خيار الحل السلمي عبر النأي عن الأحلاف العسكرية، جهات وأفراد كانوا أو مازالوا يعتبرون أنفسهم غير بعيدين عن فكر فلاديمير أيلتش أوليانوف. وبين هؤلاء من يجادل بأن لأوكرانيا الحق في تقرير المصير، مهملين في المقابل حق سكان القرم وأقليم الدونباس الذي يسكنه أكثر من عشرة ملايين نسمة في تقرير المصير.

ومغ أنه لأ يمكن إنكار تأثير الضخ الأعلامي لورش الدعاية الأمبريالية، وخنق رأي الطرف الأخر عبر إغلاق منافذ شبكة الأنترنيت ووسائل الإعلام في وجهه، إنكار تأثير ذلك في تشوه الوعي، فأن أنجرار أوساط ليست بالضيقة من الجهات والأفراد إلى تبني مواقف الأمبريالية من الأزمة الأوكرانية مؤشر خطير على تعاظم قدرة الأمبراطوريات الإعلامية على جر الرأي العام العالمي إلى حالة من القطعنه، والقبول بسيادة الرأي الواحد لمصلحة القطب الدولي الواحد.