- شكلت الدولة الوطنية محيطاً سياسيا لنمو وتطور تشكيلتها الاجتماعية بغض النظر عن طبيعة نظمها السياسية وعلى أساس ذلك تعتبر الدولة العراقية العامل الأساس في صيانة بنيتها الاجتماعية بعد نشؤها بإرادة استعمارية بريطانية حيث تحولت الى أداة حاضنة للتناقضات الطبقية ومساهمة في النزاعات الاجتماعية عبر سلطتها السياسية.

- الأحزاب السياسية في الدولة العراقية تشكلت استجابة لتبلور مصالح طبقاتها الاجتماعية، وبهذا المعنى يمكن القول ان الدولة العراقية وتياراتها السياسية تشكلتا في وقت متقارب.  

- سادت الأحزاب الوطنية وتطورت في عقد الخمسينات من القرن المنصرم حيث تكلل نشاطها بقيام جبهة الاتحاد الوطني التي أشرت الى مرحلة تاريخية متميزة باعتبارها اجماعا وطنيا على تحرير الدولة العراقية من الوصايا الأجنبية.

استندا الى هذا الرؤية التاريخية نسعى الى متابعة لوحة العراق السياسية عبر الموضوعات التالية-

أولا- السمات التاريخية لسلطة الدولة العراقية.

ثانياً–البنية الفكرية لأحزاب العراق السياسية.

ثالثاً- بناء التحالف الوطني الديمقراطي.

أولا- السمات التاريخية لسلطة الدولة العراقية.

لم تشهد الدولة العراقية منافسة انتخابية في عهودها المنصرمة الامر الذي أضفى على سلطاتها سمة ديكتاتورية حيث رفصت الطبقات الحاكمة المتمثلة بالضباط الشريفين والطبقة الكمبورادورية اعتماد الديمقراطية السياسية خشية فقدانها السلطة السياسية.

- انعدام الديمقراطية السياسية تزامن وعاملين في الحياة السياسية أولهما اعتماد الحكم على اقلية طائفية بسبب عزوف الطائفة الشيعية الأكبر في المشاركة السياسية. وثانيهما ظهور الحزب الشيوعي ذات المطالب الوطنية الديمقراطية المناهضة للقوى الاستعمارية.

- انعدام الديمقراطية السياسية وهيمنة الطبقات الفرعية وسم تاريخ الدولة العراقية بالإرهاب والاضطهاد السياسي الامر الذي جعل مطلب بناء الدولة العراقية على اساس الشرعية الديمقراطية مهمة سياسية تعلو على المهام الوطنية الأخرى في كل مراحل تطور تشكيلة العراق السياسية.

ثانياً–البنية الفكرية للأحزاب السياسية العراقية.

عملت الأحزاب الوطنية اليسارية منها والقومية على إعادة بناء الدولة العراقية انطلاقا من الأهداف الاستراتيجية التي اعتمدتها الأحزاب العراقية في برامجها السياسية.

 –كافح اليسار الاشتراكي من اجل بناء دولة اشتراكية بعد مرحلة تاريخية جرت تسميتها بالثورة الوطنية الديمقراطية بقيادة الحزب الاشتراكي.

-- التيار القومي بأصنافه المختلفة سعى الى بناء دولة الوحدة العربية رافضا معالجة الهموم الوطنية معتبرا ان استلام سلطة الدولة السياسية تشكل مرحلة في بناء دولة الوحدة العربية.
- لم يشذ التيار الإسلامي عن تفضيل الأهداف الاستراتيجية حيث كافح من اجل بناء دولة إسلامية واحدة.

-- التجربة التاريخية المنصرمة اثبتت ان اعلاء الأهداف الاستراتيجية في الكفاح الوطني تعني الاستبداد المنظم ضد القوى الوطنية الأخرى وتخريبا ً للوحدة الوطنية فضلا عن هدرها للطاقات الوطنية.  

- وحدانية التطور الرأسمالي وقوانينه المتسمة بالتهميش والتبعية وضعت القوى الوطنية امام مهام تشرطها الوقائع السياسية المعاشة بعيداً عن التحليق بسماء افتراضية.

- العودة الى العمل الوطني المشترك المبني على الشراكة الوطنية والاحترام تستمد موضوعاتها من العوامل التالية-

- تراجع دور الدولة السياسي بسبب تقاسم مهامها الدفاعية بين المؤسسة العسكرية الوطنية والمليشيات الحزبية المسلحة.

- ازدواجية الاضطهاد السياسي التي تقوم به الأجهزة الأمنية والمليشيات المسلحة وإشاعة الإرهاب السياسي تحت شعارات إسلامية.

-اقتسام المواقع الإدارية في الدولة بين الأجهزة الحكومية وبين قوى الأحزاب الإسلامية

- مخاطر اندلاع الصراعات الاهلية بين مليشيات الأحزاب الإسلامية.

ان العوامل المشار اليها تقود الى كثرة من المخاطر الكارثية على مستقبل الدولة العراقية أهمها-

-تفكك أجهزة الدولة السيادية وتراج هيمنتها الوطنية.

- اتساع ساحة النزاعات الاهلية بين الطوائف السياسية المتنازعة.

-تقسيم وحدة الدولة وتوزعها على أقاليم سياسية تتحكم في ادارتها الطوائف المسلحة.

- تراجع بنية الدولة السياسية يؤدي الى سيادة الروح الحربية والأساليب الديكتاتورية في الأقاليم المتنازعة ناهيك عن انعدام فعالية الاحزاب الوطنية الامر الذي يضع الدولة وتشكيلتها الاجتماعية في اتون الصراعات الطائفية.

 - ان تفكك سيادة الدولة الوطنية واقتسامها بين الطوائف المتنازعة يتجاوب ومساعي العولمة الرأسمالية الهادف الى تفكيك وحدة الدولة السياسية لغرض الحاقها بالتكتلات الدولية.

ثالثاً- بناء التحالف الوطني الديمقراطي.

- التجربة التاريخية المنصرمة أثبتت ان الدولة العراقية لا يمكن قيادتها من طرف سياسي واحد ينتهج طريق الاستقرار والتنمية الوطنية.

 - مكافحة قوانين الرأسمالية المعولمة المتسمة بالتبعية والتفكك تشترط اعتماد برنامج وطني ديمقراطي قادر عن صد توجهات قوانين الرأسمالية العاملة في السياسة الدولية.

ان موضوعات البرنامج الوطني الديمقراطي الذي اراه قادر على تقارب القوى الوطنية وسعيها لإعادة بناء للدولة العراقية الديمقراطية يستند الى –

-- بناء تحالف وطني ديمقراطي مناهضاً للتبعية والتهميش انطلاقا من الوقائع السياسية المعاشة.

- التخلي عن الأهداف السياسية الكبرى والبرامج السياسية المناهضة للواقع الاجتماعي.

- بناء سلطة سياسية انطلاقا من الشرعية الديمقراطية المنبثقة من انتخابات وطنية عامة.

– التركيز على إعادة هيبة الدولة على مؤسساتها الأمنية – العسكرية وحل كافة التشكيلات المسلحة.

– وحدانية أجهزة الدولة الإدارية وعدم اقتسامها بين القوى الحزبية المسلحة.

- إشاعة الحرية لعمل الأحزاب السياسية ورعاية الدولة لجميع قواها السياسية.

– الانتقال التدريجي لدولة الرعاية الاجتماعية التي تعني حماية الدولة لقواها الاجتماعية.

– استخدام الوسائل السلمية في النزاعات السياسية وتحريم استخدام السلاح بين القوى الوطنية.

– الاصطفاف السياسي مع الدول المناهضة لقوانين التوسع الرأسمالي المتسمة بالتفكك والتبعية والتهميش.

– مكافحة مشاريع الحماية الدولية الحاملة للتدخلات العسكرية والمدافعة عن القوى الهامشية في النزاعات الوطنية.

-اضعاف القوى الطبقية المتحالفة والقوى الرأسمالية الدولية.

اعتماد برنامج الوطنية الديمقراطية من شأنه ابعاد الدولة العراقية عن الصراعات الاهلية وحل القضايا الخلافية بروح وطنية بعيدة عن لغة السلاح ونتائجه الكارثية.    

عرض مقالات: