تعددت المظلوميات التي حُكمنا بها ! بعضها أُعطيت لها أبعاداً طائفية تاريخية ومنها معاصرة، أُسكتت بالسلاح الكيمياوي لإطفائها ووأدها.
مدّعو هذه المظلوميات، الذين أدخلهم المحتل الأمريكي إلى البلاد على دباباته وسلّمهم مقاليد السلطة ومفاتيحها وسلاحها، لم يداوا جروح ضحايا هذه المظلوميات بل انشغلوا واندفعوا لإشباع نوازع وجوع مظلومياتهم الفردية وقياداتهم الحزبية والطائفية والعرقية، واصبحوا بأحزابهم وميليشياتهم وسياساتهم احدى مفردات المظلومية التي يكابدها العراقيون.
أسسوا أثرها كانتوناتهم المذهبية والعرقية من بيت شيعي وبيت سني وبيت كردي، ليسجنوا الشعب في " غيتوات " خيالية ليس لها وجود حقيقي، ولأن المواطن لم يشعر يوماً بأن هذه البيوت لا تمثله وليست بيوته وليس له فيها " طابوقة " واحدة ولا من أثاثها " بريج مزروف "، بل نظر اليها باعتبارها أوكار سرقة وارهاب ودعارة سياسية، فرفضها وانتفض على سدنتها في تشرين ٢٠١٩، وشيّد بيت الشعب الجامع لكل مواطني هذه البلاد المسماة العراق في ساحات تحرير البلاد، ودافع بصدق وبسالة عن مظلوميتهم. ثم عاقب جلاديه في انتخابات تشرين ٢٠٢١ الأخيرة، وجعلهم بين حانه ومانه… " يفرون بأذاناتهم ".
اثبت ما حدث تحت قبة مجلس النواب من هرج ومرج، إصرار هذه القوى، التي ترفع شعار التقوى والدين، على التشبث بالسلطة ومغرياتها ومغانمها حد ارتكاب أدنأ وسائل الخداع والكيد والمكر والكذب والتدليس والغش والنفاق، لكي تحتفظ بامتيازاتها رغم أنف القانون والخيار الشعبي الرافض لها ولوجودها.
أن تأثيرات انتفاضة تشرين التي حطمت أسس الطائفية السياسية والعرقية، التى بات المرء يشهد مآلاتها بانتكاسات سياسية متتالية لكل من ناصبوها ويناصبوها العداء، وتوسلهم للحصول على وعد بعدم فتح ملفات فسادهم وتبديد المال العام وقتلة أبناء الشعب وتسليم الموصل وثلث العراق لأوباش داعش ومجزرة سبايكر والصقلاوية وسجن الموصل وسبي الإيزيديات وتهجير المواطنين وتغييب آخرين وتغيير الواقع الديموغرافي وترهيب السكان ومنع تعمير المناطق المدمرة بسبب الحرب وعدم السماح بعودة الفارين من ويلاتها وغيرها.
تحالف شلة المتحزبين الإسلاميين الذين كانوا إلى وقت قريب يكفرون بعضهم البعض، من الاخوان المسلمين وأحزاب الولي الفقيه الإيراني، تحت قبة البرلمان لتمرير ( بلتيقة ) العوبة، الاعتداء على رئيس السن في الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي وسقوطه في إغماءة، لتأجيل أو تأخير اختيار رئيس جديد لمجلس النواب لما بعد انتخابات ١٠/ ١٠ / ٢٠٢١ والتي خسرت فيها احزاب ايران، لهو أكبر دليل على صواب تقييمات شباب انتفاضة تشرين المجيدة، باستعداد تجار الدين، الصميمي، للكذب والغش والتحايل والخداع وحبك الدسائس لتحقيق مآربهم!
قرار المحكمة الاتحادية العليا برفض اعتراضاتهم، بعد الكشف، بتقرير طبي، عن فرية تعرض رئيس السن للضرب، يجعله، كنائب وسياسي، غير مؤهل لتمثيل من انتخبوه وغيرهم من العراقيين، ويجب أن يقدم للمحاكمة بتهمة الحنث باليمين الدستوري الذي ردده في جلسة مجلس النواب الاولى التي ادارها.
لا يتقبل الفاشلون بالانتخابات مصيرهم المقر قانونياً، بالادعاء بالتهميش والإقصاء، ورفضهم لثنائية " حكم ومعارضة " الجديدة، التي يجري تداولها حالياً في الطروحات السياسية بعيداً عن نهج المحاصصة السابق، لأنهم تعودوا على المشاركة في كعكة الحكم بغض النظر عن معادلة الفوز أو الخسارة الانتخابية السابقة.
مظلومية العراقيين لا يمكن أن يتجاوزها و يطفؤها إلا من كان ابناً باراً لشعبه، منحازاً لأكثر فئاته تعرضاً للظلم والتهميش، مؤمناً حقاً بدولة المساواة وتكافؤ الفرص وخضوع جميع مواطنيها للقانون بغض النظر عن انتمائهم الطبقي او الاجتماعي او الديني والطائفي، وهي قوى الشعب المؤمنة بالديمقراطية حقاً.