قبل البدء بإلقاء الضوء على السباق المحموم بين الاحزاب والتيارات السياسية العراقية لتشكيل الحكومة المقبلة , علينا أن نشير إلى أن هناك عزوفا من الناخبين العراقيين في المشاركة في اختيار ممثليهم للبرلمان المقبل , حيث كانت نسبة المشاركة بين عشر الى ثماني عشرة بالمائة بالكثير , وهذا يرجع الى عدم ايمان الناخبين العراقيين  بالأحزاب السياسية الحاكمة , وأن هذه الاحزاب  ليست لديها القدرة على التغيير نحو الافضل وهذا يعتبر درسا لقيادة الاحزاب  لمن يريد أن يتعظ  ويراجع حساباته ويكسب الشارع السياسي العراقي اليه  .

بالنسبة لإقليم كوردستان كل الاحزاب السياسية الكوردستانية خسرت بشكل وبأخر باستثناء الجيل الجديد الذي استفاد من غضب الجماهير على احزابهم وجيرهم الى صفه وكذلك العزوف الكبير للناخبين في المشاركة في الانتخابات عقابا لقيادة تلك الاحزاب السياسية التي لم تعر الجماهير اهتماماتها ولم تنصت الى طلباتهم.

على سبيل المثال سوف أذكر لكم بعض الحالات لعدم الاهتمام والانصات لصوت الجماهير , حصلت معي شخصيا  , كنت قد كتبت مقالة تطالب قيادة حركة التغيير بالمبادرة الى تشكيل حكومة انقاذ وطني اثر الاستفتاء الفاشل الذي  قادته  الحزب الديمقراطي الكوردستاني ولكن تردد قيادة التغيير وعدم الانصات لرغبة الجماهير فوتت فرصة  ذهبية للتخلص من السلطة الحاكمة في إقليم كوردستان , وكنت قد قدمت رسالة من خلال القنوات الفضائية الى مسعود برزاني بتأجيل الاستفتاء ولكن كعادته لم يسمع لصوت العقل والحكمة فكانت النتيجة خسارة أكثر من نصف إقليم كوردستان وفرض عليه الأمريكان الاستقالة من رئاسة الاقليم .

بعد دخول حركة التغيير الى حكومة مسرور برزاني أملين بالتغيير من داخل الحكومة لم يتمكنوا من ذلك رغم أن مسرور تباهى أمام الجماهير بأنه سوف يقود حكومة تقود عملية محاربة الفسادين المالي والاداري ولكنه كعادة قيادات الحزب الديمقراطي الكوردستانية تنصل من وعوده ولم يف بها !!، فكتبت لحركة التغيير في مقالة اطالبهم فيها الخروج والانسحاب من هذه الحكومة التي لم تحترم برنامجها في التغيير، ولكن لم ينصتوا والى الان هم مازالوا باقون في حكومة مسرور!!!

وأنتهز هذه الفرصة وأطالب حركة التغيير بالانسحاب من حكومة مسرور الائتلافية والانضمام الى الجماهير الكوردستانية وقيادة المعارضة الحقة وتحقيق برنامجها الوطني، فهل من مجيب، ينصت لرغبة الجماهير الواعية؟؟؟

والآن بعد الانتخابات العراقية العامة سجلنا تسابقا محموما بين فريقين لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، بين فريق يقوده التيار الصدري متحالفا مع تيار السنة (تقدم) والحزب الديمقراطي الكوردستاني، وبين فريق يقوده المالكي ومعه الولائيون (المليشيات الموالية لخامئني) فمن يكون له الغلبة يا ترى؟، فريق مدعوم من إيران والاخر مدعوم من السعودية والامارات.

والفريق الثالث الرافض اساسا للعملية السياسية ومنظومة الحكم الحالية وهم التشرينيون أو المتظاهرون في الساحات العراقية التي تطالب بوطن وطرد المحتلين، المحتل العسكري الامريكي والمحتل السياسي الايراني والمحتل التركي من اقليم كوردستان.

اننا امام مشهد سياسي عراقي دقيق وحساس، فالتدخل الاقليمي والدولي في شؤون العراقي مازال مسيطرا على الوضع السياسي العراقي بشكل وبأخر.

في الايام القادمة سوف نرى استقطابات سياسية بين الاطراف كافة المشاركين في العملية السياسية لتشكيل حكومة، لا ارى فيها اي بصيص أمل للتغيير أو الانصات الى رغبة الجماهير العراقية العريضة في العيش بحرية وكرامة وتقديم الخدمات العامة وتوفير الضمان الاجتماعي والصحي لغالبية الجماهير العراقية التي عانت ولا تزال من ضيم الحكومات العراقية المتعاقبة، هذه الحكومات التي تلبي طلبات المحتلين وليس الجماهير العراقية.

على الثورة التشرينية البطلة البدء في المرحلة الثالثة من الثورة والتي سوف تكون الحاسمة والقاضية ونتخلص نهائيا من الاحتلال الامريكي والايراني والتركي.

عرض مقالات: