-لم تشهد الدولة العراقية منذ تأسيسها انتخابات ديمقراطية تنافسية لغرض استلام السلطة السياسية رغم اجرائها بأشكال صورية في المرحلة الملكية.
- النظم السياسية الاستبدادية باتت سمة مميزة للدولة العراقية منذ نشوئها وتحولاتها الملكية والجمهورية.
- ثورة 14 تموز الوطنية اعتمدت شرعية ديمقراطية في انتخاب المنظمات المهنية والنقابات العمالية، ولكنها لم ترق الى انتخابات وطنية لاختيار سلطة البلاد السياسية.
- انهيار سلطة الدولة الديكتاتورية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق أفضى الى سيادة الشرعية الانتخابية وما نتج عنها من بناء سلطات الدولة الثلاث بقسمة طائفية.
استنادا الى هذه المقدمة المكثفة أحاول جهد الإمكان التوقف عند محاور اساسية أهمها- –
أولا -- الدولة الوطنية وشرعيتها السياسية.
ثانيا-– الشرعية الانتخابية وسلطتها السياسية.
ثالثا -- الشرعية الديمقراطية وبنيتها السياسية.
استنادا الى المحاور السياسية المثارة أسعى الى التوقف عند مضامينها الفكرية وتأثيراتها السياسية على مستقبل الدولة العراقية.
أولا -- الدولة الوطنية وشرعيتها السياسية.
تتشكل المنظومة السياسية للدولة من السلطات الثلاث القضائية - التشريعية -التنفيذية - والأحزاب السياسية الموالية والمعارضة لسلطة البلاد الوطنية.
استناداً الى التوصيف المشار اليه تتحدد طبيعة النظم السياسية وتقدير شرعيتها الوطنية من -
1 - طبيعة النظام السياسي للدولة هل هو نتاج الشرعية الديمقراطية او الشكل الديكتاتوري للحكم.
2- طبيعة القوى الاجتماعية الماسكة بالسلطة السياسية هل هي طبقات اجتماعية أساسية فاعلة في بناء الاقتصادات الوطنية؟ ام إنها طبقات فرعية تابعة لسياسة الاحتكارات الدولية؟ 3 -- هل تعبر أحزاب الشرعية الانتخابية عن مصالح الطبقات الأساسية أم تعبر عن مصالح طبقات اجتماعية فرعية.
4- هل تسعى الشرعية الانتخابية الى التداول السلمي للسلطة السياسية ام انها تهدف الى احتكار السلطة السياسية.
اعتماداً على تلك الاسئلة المنهجية أسعى الى التفريق بين مفهومي- الشرعية الانتخابية والشرعية الديمقراطية - للحكم وفق قياسات فكرية - سياسية.
ثانيا --الشرعية الانتخابية وسلطتها السياسية.
تسود في أغلب الدول الوطنية شرعية انتخابية تتجلى بسمات اجتماعية - سياسية منها--
1- تعبر الشرعية الانتخابية في الدولة الوطنية عن هامشية الدورة الاقتصادية وتراجع سيادة الطبقات الاساسية في التشكيلة الاجتماعية الوطنية.
2- سيادة الطبقات الفرعية في التشكيلة الاجتماعية الوطنية وتحكمها بالشكل الانتخابي في حيازة سلطة البلاد السياسية.
3- تعتمد الشرعية الانتخابية على سيادة الطبقات والشرائح الاجتماعية الفرعية وتحكمها بمنظومة البلاد السياسية.
4- تتمتع الأيديولوجيات المذهبية باعتبارها شكلا رئيسيا من اشكال الضبط الاجتماعي للقوى الهامشية بأهمية كبيرة في الشرعية الانتخابية.
5- تعتمد الهيمنة الطائفية الضبط الأيديولوجي المتمثل ب-
-- الطقوس والاعراف الدينية.
- زيارة العتبات المقدسة واحياء المناسبات الدينية.
- التبرك بمراقد الاولياء الصالحين وتقديم النذور والهدايا الى رجال الدين.
– إقامة المواكب الدينية على أرواح الائمة الخالدين.
6- يتعاظم الدور الأيديولوجي للفئات الفرعية الحاكمة عبر اليات الضبط الاجتماعي الطائفي وتعاظمه بقدر تفكك تشكيلة البلاد الطبقية.
7- يترافق تفكك تشكيلة البلاد الطبقية وآليات اقتصادية سياسية دولية – إقليمية يتقدمها تقوية التحالف بين الرساميل الأجنبية والطبقات الفرعية وما ينتجه ذلك من تحكم القوى الخارجية في تطور بناء الدولة الوطنية.
8- يتعزز الطابع الاممي للإسلام السياسي في النظم الطائفية استناداً الى تحالفات إقليمية مبنية على التوافقات الطائفية.
ثالثاً -- -- الشرعية الديمقراطية وبنيتها السياسية
تتمتع الشرعية الديمقراطية للحكم بأهمية سياسية في النظم الديمقراطية كونها الإطار السياسي الضامن للأمن الاجتماعي والمنافسة السياسية في الدولة الوطنية المرتكزة على--
أ- استقرار البناء الطبقي للتشكيلة الاجتماعية الوطنية ونضوج مصالح طبقاتها الاجتماعية حيث تنشد الطبقات الاجتماعية تحقيق مطالبها على أساس مواقعها الإنتاجية وفعالية قواها السياسية.
ب—المطالب الاقتصادية – السياسية تشكل عاملا ً رئيساً في تعزيز مصالح الطبقات الاجتماعية وترسيخ أدوراها في المنافسة الديمقراطية.
ج- تشكل المنافسة السلمية والوصول الى السلطة السياسية جوهر الانتخابات الديمقراطية.
استنادا الى مضامين الشرعيتين الانتخابية والديمقراطية لابد من تثبيت الاستنتاجات التالية --
أولا- ترتكز الشرعية الديمقراطية على المنافسة السلمية بين القوى والأحزاب السياسية بينما تهدف الشرعية الانتخابية الى تأبيد سيطرة الطبقات الفرعية اعتماداً على تأجيج الروح المذهبية.
ثانيا – تعتمد الشرعية الديمقراطية على البرامج الاقتصادية السياسية المتنافسة لطبقات تشكيلتها الاجتماعية بينما تهدف الشرعية الانتخابية الى تكريس هيمنة الطبقات الفرعية وأيديولوجيتها الطائفية في التشكيلة الوطنية.
ثالثا – تتنافس في الشرعية الديمقراطية برامج الأحزاب السياسية بينما توظف الطائفة السياسية الايديولوجية الطائفية والمشاعر الدينية في حملاتها الانتخابية.
رابعا – تهدف الشرعية الديمقراطية الى التداول السلمي للسلطة السياسية بينما تعمد القوى الفرعية الى احتكار السلطة السياسية وتأبيد هيمنتها السياسية.
خامسا -- تلبي الشرعية الديمقراطية مصالح الطبقات الأساسية في التشكيلة الاجتماعية بينما تسعى القوى الفرعية الى التحالف مع القوى الخارجية لغرض تأمين مصالحها الطبقية.
ختاماً لابد من التأكيد على ان الاختلافات الفكرية - السياسية بين الشرعيتين الانتخابية والديمقراطية تنطلق من مصالح البلاد الوطنية ومصالح طبقات تشكيلتها الاجتماعية وبهذا السياق تسعى الطبقات الأساسية على تطوير الدولة الوطنية وابعادها عن التبعية والتهميش وبعكسه تسعى الطبقات الفرعية الى التحالف مع القوى الأجنبية بهدف ادامة مصالحها الطبقية.