الشيوعيون بشر يخطؤون ويصيبون! ولا يستحون من الكشف عن أخطائهم وزلاتهم إن حدثت في مسيرتهم، ويتعاملون بروح المسؤولية في نقدهم لتلك الأخطاء لتعديل وتقويم ما اعوج أو انثلم، وهذا ديدنهم أو هكذا يجب أن يكونوا.

خلال مسيرتهم الطويلة والحافلة بالمأثر والتضحيات والعبر، يبقى الشيوعيون الأكثر تميزا واحتراما وثقة الناس بهم، في الوعي والثقافة والثبات على المبدأ، والصدق والأمانة والشجاعة والخلق الرفيع، ونكران الذات والعطاء والتضحية، والدفاع عن الحقوق والحريات لأبناء وبنات شعبنا، وإيمانهم المطلق بالمرأة ككائن لا يقل كفاءة ومقدرة وعقل وحكمة عن أخيها الرجل، إذا لم تتفوق عليه في بعض من الأنشطة الإنسانية والاجتماعية وفي أدائها.

دافع الحزب بكل قوة وعبر تأريخه المجيد عن حق المساواة مع أخيها الرجل، وموقف الحزب ورفاقه مشهود له في المحفل العراقي.

كما هو معلوم تصدر الشيوعيون في دفاعهم عن عقائد الناس وخياراتهم، وعن التعددية الفكرية والسياسية، وحق الاختلاف في الدين والفكر والسياسة والمعتقد.

يبقى الحزب الشيوعي العراقي، يحظى بثقة واحترام وحب قواعده الجماهيرية وأصدقائه ومؤيديه، وحتى خصومه السياسيين ومن يتقاطع معه في الرأي والتفكير والمنهج، كونه الطليعة الواعية بحق، والمتصدر والقائد لنضالات شعبنا وقواه الخيرة على امتداد تأريخه المجيد، وسعيه الدائم والمعمد بالتضحيات الجسام، ولبناء المستقبل الرغيد والسعيد للشعب وكادحيه.

أي محاولة للنيل منه ومن رفاقه ونهجه وفلسفته، وتحت أي ذريعة ومبرر، فيعني بأننا نقدم خدمة مجانية للقوى المعادية لتطلعات وأماني شعبنا وكادحيه ونساهم بإضعافه والتقليل من شأنه.

العداء للحزب وللشيوعية والشيوعيين، يعني العداء للشعب وللخير وللديمقراطية وللتعددية وللسلام، وللتعايش والمحبة بين أطياف ومكونات شعبنا المتأخية والمتعايشة عبر قرون خلت.

الحياة أثبتت صحة ذلك الاستنتاج، فحياة بلدنا وشعبنا بخير ورخاء وفرح وأمن وسلام عندما يعمل الشيوعيون وحزبهم في أجواء رحبة وأمنة وفي فضاء الحرية والديمقراطية والتعددية، وازدهار الثقافة والفنون وتعيش المرأة بحرية كاملة، وتكون الحياة أجمل وأسعد.

والعكس صحيح تماما ، كما نرى ذلك اليوم وبوضوح تام ، وما يمارسه النظام القائم وأجهزته القمعية ، وعداؤه المستحكم للشيوعيين والتقدميين ، والعداء لحرية الاختلاف وللديمقراطية ، ومحاولات التضييق على الجماهير المطالبة بالحقوق والعيش الكريم ، وهذا ليس ببعيد عن محاولات تحجيم الحزب ، وما تعرض إليه من هجوم على مقر الحزب في الناصرية ، وحملة الاعتقالات للناشطين الشيوعيين وعلى الحريات والحقوق ، ومصادرة حق الاختلاف والتظاهر السلمي ومنع الناس من ممارسة حقهم الطبيعي ، بما فيهم الشيوعيون والتقدميون وجماهير الشعب الذين خرجوا وبصدور عارية للمطالبة في توفير متطلبات العيش الكريم والإصلاح للنظام السياسي وغير ذلك ،

هذه صور وحقائق دامغة على تلك الممارسات وسياسة العداء للشيوعيين وما أفرزه هذا النهج المعادي للشعب وللديمقراطية وللحريات والحقوق ، فأمست الحياة مظلمة وحزينة ومؤلمة ، يسودها الظلم والقهر والجوع والفساد والإرهاب والقمع ، وغياب كل مظاهر الابداع والعطاء والتحضر ، وانحسار الثقافة والفنون وإلغاء لأي دور للمرأة ومنعها من الإبداع والعطاء ، وما جرى في الفاتح من أُكتوبر من قتل واعتداء واعتقال للألاف وتغييب لبعض الناشطين ، والهمجية البربرية بحق المحتجين السلميين ، وهذه وغيرها صور العداء للشيوعيين والتقدميين وللتعددية والديمقراطية ولدولة المواطنة .

والمتتبع للواقع العراقي سيجد تلك الحقائق شاخصة للعيان ولا تحتاج الى أدلة وبراهين.

ذاكرة شعبنا وقواه السياسة ثاقبة، هذه المراحل عاشها شعبنا ووطننا في كلتا الحالتين، وصنع الشيوعيون بصماتهم عبر سفرهم الخالد ومواقفهم الوطنية الثابتة، وسيبقى الشيوعيون وحزبهم بوصلة العراق النابض بالحياة دوما.

توجيه النقد للحزب ولسياساته أو قادته وكوادره لا يعني التشكيك وعدم الثقة والتقاطع معه أبدا، فهو أمر طبيعي ومفروغ منه ولا جدال في ذلك، إن كان نقدا موضوعيا مبني على حقائق ودلائل بينة واضحة، لا تتفق مع جوهر وجود هذا الحزب كقوة قائدة ورائدة لنضالات وتطلعات وأمال شعبنا.

الهدف من النقد موضوعي لإصلاح المسار ورسم طريق أكثر صوابا وموضوعية، من دون تجريح وتعنيف وشتم وسباب، ونعته بما ليس فيه، والنقد إحدى أهم المبادئ في عمل ونشاط الشيوعيين، شريطة توفر الموضوعية، وبعكسه سندخل في الجدل البيزنطي العقيم والضار، ويخرج النقد عن الهدف المراد منه، وهي إحدى الوسائل الأساسية لتقويم وتعديل المسار والأداء، وهي وسيلة لتوكيد هوية الحزب الطبقية وقائد لنضالات شعبنا والتي يتميز بها الحزب دون غيره من القوى.

الحزب يسترشد في عمله ونشاطه الفكري والسياسي والتنظيمي، بالماركسية وقوانينها العلمية، وبالمادية الديالكتيكية والتاريخية والصراع الطبقي ونفي النفي وبجدلية البحث، ولا يستبعد عن نشاطه الفكري والسياسي ما طرأ على الماركسية من تطور لاحق وما استجد من جديد، مضاف إليه ما توصل إليه ماركس وأنجلس ولينين

الحزب يستخلص الكثير في صياغة ورسم سياساته وبرامجه ونظامه الداخلي إضافة لما تقدم، فيأخذ بنظر الاعتبار خصوصية وطننا وشعبنا، والتقاليد الوطنية والتراث السياسي والتاريخي لبلد الرافدين، ويرسم السياسات والبرامج بما ينسجم مع رغبات شعبنا ومصالحه الحيوية وتقاليده الوطنية، وفي مقدمتها مصالح الطبقات الدنيا من البؤساء والمحرومين وشغيلة اليد والفكر.

الحزب من البدايات الأولى لقيامه عام 1934م كان وما زال يسترشد بمبادئ الحزب اللينينية في بناء حزب من طراز جديد، بوحدة الإرادة والعمل وبروح التلمذة الشيوعية والنقد والنقد الذاتي والديمقراطية المركزية، ولم تغب هذه المبادئ عن عمل ونشاط الحزب، وكان يسعى دائما لتطوير رؤيته وسياساته التنظيمية وإدارة الصراع الفكري داخل جسد الحزب.

وقد نجح هنا وأخفق هناك وهو أمر طبيعي، وسعى الى تعزيز الديمقراطية الحزبية ورفع وعي وثقافة ونشاط رفاق الحزب ومنظماته المختلفة، بما في ذلك الهيئات القيادية والكوادر الوسطية والميدانية.

رغم ذلك فهو مطالب اليوم لترسيخ مبدأ القيادة الجماعية وبشفافية ومسؤولية، وتوسيع مساحة صنع القرار ليشمل ليس فقط الهيئات القيادية، بل ضرورة اشراك منظمات الحزب المختلفة في صنع وصياغة وتبني تلك القرارات، من خلال توسيع مساحة الديمقراطية الحزبية وحرية الرأي واحترام الرأي المخالف.

لا شك بأن الشيوعيين العراقيين بحاجة ماسة دائما الى مراجعاتهم لمسيرتهم النضالية، والمحطات الهامة في حياة الحزب، والتوقف عند تلك المحطات بمسؤولية وبروح نقدية موضوعية، لاستبيان كل ذلك الجهد والعطاء والنشاط، لمنظمات الحزب المختلفة ونشاط رفاقه وأصدقائه وابداعهم، وإطلاع عموم شعبنا وجماهير الحزب وأصدقائه وللقوى السياسية والاجتماعية العراقية على تلك المسيرة الظافرة.

الحزب وعبر العقود الثمانية من مسيرته الظافرة، لم تكن مسيرته سهلة ويسيرة، بل كانت محطات مؤلمة وقاسية مريرة في أغلب مراحل حياة الحزب ووجوده على الساحة العراقية.

دفع الحزب بالآلاف من الضحايا قرابين على مذبح الحرية والانعتاق، نتيجة لما عاشه العراق وما زال وفي أغلب مراحله، ما بعد الاستقلال الوطني وقيام الدولة العراقية عام 1921 م وحتى يومنا هذا.

لم يشهد العراق استقرارا إلا ما ندر، وفي فترات قصيرة يكون العراق قد شهد فيها هدوءا واستقرارا نسبيا، وقد حالت تلك المراحل في عدم الاستقرار دون المراجعة النقدية لبعض المحطات التي عاشها الحزب.

ولا يخفى على أحد بأن عملية المراجعة والنقد وما نعتقد بأنه ضروري، لتبيان الحقائق واستخلاص التجارب والعبر، وتجاوز الوقوع بأخطاء الماضي ورسم سياسة تنسجم مع الرؤية الفكرية والسياسية والتنظيمية للحزب، فهو أمر ضروري وأساسي لديمومة الحزب وصواب نهجه وبقائه، والتي تساعدنا على تحقيق الأهداف والخطط ورسم السياسات، وتجنبنا الوقوع ثانية بنفس الأخطاء والمطبات السابقة.

بالرغم من كل المعوقات وما يمر به الحزب من ظروف، التي تحول دون المراجعة النقدية، فهذا لا يمنع الحزب من القيام بتلك المهمات الأساسية والمبدئية، لتقويم الحزب وتقوية بنائه، وتسليحه ورفاقه بسلاح أساسي ومهم وهو المراجعة النقدية وكما بينا وبروح التلمذة الشيوعية.

لا يخفى على أحد بأن ما يمر به شعبنا ووطننا ، وخلال العقود الخمسة الماضية بشكل عام والسنوات الست عشرة خاصة ، كانت فترات عصيبة وقاسية على شعبنا وحزبنا ، فعاش العراق أزمات كبيرة ، متعددة ومتجددة سياسية واجتماعية واقتصادية ، وتدخلات خارجية سافرة وما زال ذلك قائما ، والحروب مع دول الجوار ، والحروب الطائفية ودخول داعش وسيادة ثقافة ونهج الطائفية السياسية وسيادة رؤية وفلسفة وثقافة الدولة الدينية التي كرستها قوى الإسلام السياسي ونهجه المعادي للديمقراطية وللتعددية وللحقوق والحريات ، وسيطرتهم واستيلائهم على مقدرات البلاد والعباد ، واستشراء الفساد وسياسات التمييز والعنصرية والمحاصصة وتقاسم المغانم ، وغياب العدل والتوزيع غير العادل للثروة .

هذا وغيره أدى الى تغييب للدولة وللعدل والقانون، وسيادة القيم والتقاليد شبه الاقطاعية والعشائرية المتخلفة وركن الدستور جانبا، وتحييد القضاء ومنعه بالقيام بواجباته، والاستعانة بدلا عنه بالفصل العشائري وبما تفتي به المراجع والمؤسسات الدينية والتي تحولت فتاواها الى قانون ملزم التنفيذ من قبل السلطات الثلاث في الدولة والمجتمع على حد سواء.

 ونتيجة غياب دولة المواطنة وأي شكل من أشكالها، وهيمنة الفاسدين والجهلة والشرائح الطفيلية من السراق والمرتشين والفاسدين، المعادين للحياة ولتطلعات شعبنا نحو الحياة الكريمة الرخية السعيدة، أدى بنا الى تغييب للعقل العراقي ولشيء اسمه (دولة!)، وقامت بدل ذلك (الدولة العميقة.. وعسكرة المجتمع والميليشيات الخارجة عن القانون، التي تعمل تحت خيمة الحشد الشعبي، وتغييب العدالة والقانون والدستور).

هذه وغيرها ألقت بضلالها على المشهد السياسي العراقي وقواه السياسية، وعلى الحزب الشيوعي العراقي وربما على سياساته ونهجه، وحاول أعداء الحزب الطبقيين ومن داخل النظام السياسي وخارجه، بمحاولات إضعافه والتقليل من شأنه وتأثيره في المشهد السياسي، ومحاولات تحجيم نشاطه ودوره كمرشد وقائد لنضالات الجماهير، وبأساليب خبيثة ومختلفة، والعداء المستحكم من بعض المهيمنين على ناصية القرار وبيدهم السلطة ، وبطرق مختلفة مباشرة وغير مباشرة، ومحاولات تحجيم دوره وقدرته على الاستمرار في الوقوف شامخا في سوح الشرف والنضال .

بالرغم من كل العوائق والموانع التي وضعت أمام وجوده ومسيرته، كفصيل ثوري وقائد لنضالات وتطلعات الجماهير الكادحة وأملها في الخلاص من القهر والجوع والعبودية، من البؤساء والمحرومين والفقراء والعاطلين عن العمل، الذين يمثلون أكثر من نصف المجتمع، بالرغم من كل تلك المعوقات، بقي الحزب صامدا قويا شامخا بثبات، وبعزيمة رفاقه وشجاعة وتضحيات هؤلاء الأبرار، في الدفاع عن هذا الصرح العظيم، العظيم بفكره وبرفاقه وجماهيره، هؤلاء الذين حموه بحدقات العيون وذادوا عنه وعن تأريخه المجيد بالنفس والنفيس.

الجميع يعلم بأن العمل السياسي ليس عملا موسميا، ولا فعل ورد فعل، وليست أحلام وأمال تجول في أذهان الناس لتغيب عنهم بعد حين!!

العمل السياسي السهل الممتنع، ونشاط فكري وسياسي وتنظيمي، له أهداف محددة وشكل من أشكال التنظيم والعمل والنشاط المستمر والدائم من دون توقف أو مراوحة واستكانة والرضا عن النفس.

العمل السياسي جهد كبير ودؤوب، وإيمان بنهج وفكر وسياسة الحزب، والإيمان بصواب هذا النشاط، وهو تطوعي فردي يختاره بقناعة وبحرية كاملة، وله الخيار الحر في دخوله كما له حق مغادرته متى شاء.

ويفرض على من يخوض غمار السياسة، أن يكون صبورا لديه حد أدنى من الثقافة والمعرفة والأخلاق والقيم النبيلة، وواعيا لما هو مقدم عليه ومستعد لذلك، وتحديد هدف نشاطه بتبصر وثقة وإيمان بعدالة الطريق المراد السير فيه.

الحزب يصوغ سياساته وبرامجه، وفق القدرات والإمكانات المتاحة والمتوفرة لديه، الذاتية منها والموضوعية، ووفق ما يمكن توفيره وتهيئته لإنجاز تلك المهمات، من خلال البحث والتمحيص والتبصر، والرؤيا للواقع المعاش والبحث عن البدائل التي تساعده على تحقيق الهدف أو الأهداف المحددة، ومن خلال الإدارة الواعية والقائدة لنضالاته، وما استجد من علوم في علم الإدارة وإدارة الأعمال.

علينا كحزب شيوعي وككيان فكري وتنظيمي وسياسي، ألا نتهيب مما يعترض طريقا من صعوبات لتنفيذ ما نعتقد ونرى، وندافع عن تلك الأهداف بصلابة ووعي ومسؤولية.

نعم يعيش الحزب حاله حال مجتمعنا وطيفه الفكري والسياسي والاجتماعي، ظروفا صعبة وشاقة واستثنائية، وتقلبات ومتغيرات غاية في الحساسية، وقد تدعو الى الاستغراب والتساؤل، فتجد تقلباتها سريعة، كما الأجواء الأوربية، ففي اليوم الواحد تجد فيه فصول السنة الأربعة، وكذلك الوضع السياسي في العراق تقلباته عجيبة غريبة، وتغيير المواقف كما لو أنك تغير نوع الملابس التي تلبسها في اليوم أكثر من مرة.

فعلينا أن نكون مستعدين لتلك الأجواء المكفهرة وتقلباتها ، وربما سيؤدي ذلك الى تغير في مزاج الناس ورؤيتهم للمشهد العراقي ، ويفرز تذمرا وعدم الرضى عن السياسة التي ينتهجها الحزب بشكل خاص، والمشهد السياسي بشكل عام، و بتقديري هذا أمر طبيعي، وربما اليوم نحتاج الى أخصائيين نفسيين واجتماعيين لتحليل المزاج العراقي وتقلباته ، الناتج عن الأزمات المتلاحقة التي يعيشها شعبنا ، وضيق مساحة الديمقراطية والحريات ، وضنك العيش الرغيد وعسر الحياة ، ناهيك عن الفقر والبطالة والأمية المتفشية بين الصغار والكبار ، والمرض الجسدي والنفسي والأخلاقي، وغياب الأمن والأمل وأمور أُخرى .

 هذه الصورة تعكس حقيقة ما نعيشه اليوم، ليس فقط على الشيوعيين وحزبهم، بل على باقي الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني وعلى المثقفين والفنانين وشرائح أخرى.

فترى السواد الأعظم منهم مطلبيين أكثر من أي وقت أخر ، وبشكل استثنائي إن صح التعبير ، ويشككون بأي نشاط سياسي واجتماعي كما لمسنا ذلك في انتفاضة الفاتح من تشرين المباركة ، ونتيجة القلق وغياب الأمن والضمان وفقدان الأمل بالعملية السياسية ، وهذا قد ينعكس على جماهير الحزب وحتى على البعض من رفاقه ، الذين يساورهم الشك بما يعتقد الحزب ويرى ، وحتى بمن يرسم سياسته ومساره ، ويعبرون عن تذمرهم بطرق مختلفة بما في ذلك عزوف الكثير عن العمل السياسي والذهاب الى الانتخابات بحجة عدم الجدوى ، وهذه صورة محزنة وتسري على الكثير من الطبقة الوسطة والبعض من المثقفين وتحت ذرائع ومبررات يعتقدون بصوابها ، ويحاولون إملاء ما يروه وما يعتقدون على الحزب !!..

هنا لابد للحزب أن يكون أكثر مرونة وتفهما لما يراود هؤلاء، من رؤى ومن القلق والهواجس والإرهاصات التي يعيشون في دائرتها، وهي أقرب للطبيعية، نتيجة الوضع الاستثنائي الذي يمر به البلد.

يتعين على الحزب مراجعة سياساته، وما يعتقد به هؤلاء القريبون من الحزب أو الشيوعيين الذين هم خارج الحزب، وحتى من منهم ما زال يعمل في صفوفه لتطمين هذه الجمهرة الواسعة بأن الحزب ما زال بخير، ومازال وسيبقى أمينا لمبادئه وكما عهدتموه.

ويتوجب على الحزب أن يراجع سياساته وبرامجه ، ونشاطه الفكري والسياسي والتنظيمي ورؤيته لطبيعة القوى السياسية العاملة على الساحة العراقية ، البعيدة منه والقريبة إليه ، ويبني علاقاته مع هذه القوى بناء على رؤيته ومصالحه الطبقية والفكرية، والتي تحدد تلك العلاقة ، وستنعكس حتما على نشاط وعمل منظماته ، وعلاقته بمحيطه الخارجي ، وموقف الجماهير من الحزب وانسجام سياسته مع تطلعاتهم ، ومدي رضاهم عن السياسة العامة أو عدم الرضا ، باعتبار القاعدة الجماهيرية رصيده وقوته ، وبقائه على قيد الحياة متوقف ومرتبط بتلك الجماهير .

نعيد التذكير بأن على الحزب أن يصغي بإمعان كبير، الى آراء رفاقه وأصدقائه وجماهيره وأن يتفحص وبمسؤولية عالية سياساته ومزاج الجماهير، ويأخذ بتلك الآراء ويتحاور مع من يختلف معه بشفافية وسعة صدر، وبناء مساحة من التواصل مع الجماهير، ليتقرب من هذه الجمهرة الواسعة، ويعكس ذلك، من خلال نشاطه، ورسم سياساته لإقناع هؤلاء بأن الحزب ومنظماته وكوادره، كلها أذن صاغية لرأيهم وهي محترمة، ونقدر عاليا هواجسهم وحرصهم الكبير على الحزب وسلامته وتقدمه.

وليس خطأ أو سبة أو انتقاص من الحزب ومكانته! إن قام بمراجعة سياساته ونهجه، أو لما يقيم من تحالفات مع قوى سياسية معينة، والتي ربما أصبحت لا تنسجم مع مصالح الحزب والشعب الذي خرج للتعبير عن مطالبه العادلة، ومراجعة أي اتفاق أو تحالف تم ابرامه مع هذه القوة أو تلك، وهو ليس بالأمر العسير، بل من الصواب فعل ذلك لينسجم مع تطلعات شعبنا ومع نهج الحزب وفلسفه.

ختاما أقول يبقى الحزب الشيوعي العراقي، مصنع الأبطال وعرين الرجال، وأيقونة النضال الوطني التحرري، ومفخرة لقوى شعبنا الخيرة وطليعتها الواعية، الأمينة المخلصة والصادقة للمبادئ الخلاقة التي صاغها المؤتمر الأول للخزب والمؤتمرات اللاحقة، وشعاره الخالد في وطن حر وشعب سعيد، مسترشدا بالماركسية اللينينية والأممية البروليتارية، الأمين على مصالح الشعب والدفاع عن مصالح شغيلة اليد والفكر، وعن الأغلبية الساحقة لشعبنا ولتطلعاته في الحرية والديمقراطية والاستقلال والكرامة والرخاء والتقدم.