اضطررت للسفر إلى المدن الإيرانية كي أكون في قلب الأحداث وكتابة ملاحظاتي. بدأت هذه الرحلة من إيزيه وبعد أن وصلت أطراف الأهواز انتقلت إلى الحميدية وحويزة وسوسنگرد وشادگان والهور وأخيراً عبادان وخرمشهر.

أولاً: ينتاب الغضب أهالي خوزستان بغض النظر عن عرقهم أو منطقتهم. لقد تعاقبت الحكومات وذهبت ولم تترك سوى الوعود الفارغة والشعارات الكاذبة. بالطبع، فإن انعدام الثقة بالحكم منتشر بين الناس، ونتيجة لذلك ليس لديهم أي أمل في المستقبل. ولقد شعرت بهذا الإحباط في كل المدن التي ذهبت إليها.

ثانياً: البطالة آخذة في الارتفاع في خوزستان. ويقارن الشباب المتعلم العاطل عن العمل وضعهم باستمرار مع المقاطعات الأخرى في الدولة أو في البلدان المجاورة. ويتصرف هذا الشباب الواعي وفقاً لمنطقهم ولا يتسامحون مع سلطة ووصاية الشيوخ والأرباب في خوزستان لعدة مئات من السنين. وهنا تكمن وقود الاحتجاجات.

 ثالثاً: دمرت السدود مئات القرى في شمال خوزستان وفي جنوبها، وواجهت مصيراً مريراً أدى إلى تهجير القرويين قسرياً واستقرارهم في ضواحي المدن الكبرى في خوزستان. ولم يستوعب هؤلاء القرويون والعشائر الوضع الجديد أبدًا وهم يعانون من ازدواجية مثيرة.

رابعاً: لا يتمتع المهمشون في مدن خوزستان وبعض القرى القريبة من المدن إلاّ بالحد الأدنى من المرافق والرفاهية ويعيشون بشكل رئيسي من خلال جمع القمامة والعمل الموسمي. ويعاني ما لا يقل عن مليون شخص في خوزستان من مثل هذا الوضع.

خامساً: الاحتجاج الرئيسي لأهل خوزستان هو ضد التمييز القومي. لقد بنت الحكومة السدود والآبار وخطوط أنابيب النفط والمصافي والصناعات الزراعية والموانئ والبتروكيماويات والصناعات الحديدية وخطوط الأنابيب الضخمة، ومحطات الطاقة الضخمة التي كانت على بعد أمتار قليلة من سكن المواطنين المحليين الذين يتحدثون بسخط وكراهية عن البطالة المتفشية بين المواطنين المحليين..

سادساً: إن الجرح الشائع لدى المحتجين، هي النظرة الاستعمارية لأرباب الصناعات الكبيرة. فقد أقاموا بين مدن خوزستان مستوطنات لإيواء العمال غير المحليين مع تثبيت جدران فاصلة وبوابات حراسة. ويعانون من الحرمان والفاقة من يسكن وراء السور ومرافق وما وراء الحرمان! وهذا يعني تجاهل المسؤولية الاجتماعية.

 سابعًا: إن الزراعة والثروة الحيوانية وصيد الأسماك والحرف اليدوية المتعلقة بالبيئة البسيطة منذ مئات السنين، كانت مصدرًاً ثابتاً للدخل للمجتمعات المحلية في خوزستان. وأدى التلاعب بالبيئة في خوزستان إلى انهيار المجتمعات المحلية بسبب بناء السدود واستخراج النفط، ولم يوفر نقص الاستثمار وسيلة بديلة لكسب الرزق لأهالي المنطقة.

ثامناً: تسبب المديرون غير الأكفاء والفاسدون وغير المحترفين في حدوث الكثير من المشاكل الاجتماعية في المقاطعة. لذا طالب المحتجون بمحاربة الفساد، والأمثلة عليه هي مئات المشاريع شبه الجاهزة أو منخفضة الجودة. لقد طالب المحتجون بتعيين مدراء يتمتعون بالحس الوطني، ومن ذوي الأيادي النظيفة، ومن ذوي الخبرة والفاعلية.

تاسعاً: يردد الناس المقولة التالية:"لا ترش الملح على جروحنا بالتحقيق من مشاكل خوزستان جراء الجفاف أو بإرسال المياه المعدنية. تحدثوا إنهم لم يروا مدراء البلاد منذ فترة طويلة، وجراء هذا الإهمال من قبل المسؤولين في الدولة خلصوا إلى أن خوزستان ليست لها الأولوية بالاهتمام. لقد بلغت الهوة بين الحكومة وبين الشعب ذروته في خوزستان.

عاشراً: بعلن المحتجون أنهم مرتبطون بإيران. وأشاروا إنهم استشهدوا في سبيل البلاد وكانوا يبحثون عن حل مشاكلهم داخل البلد، لكن أصابتهم مشاعر الاستياء جراء التجاهل. وعبروا عن شكواهم تجاه سيل الاتهامات والتسميات. وأعلنوا أن احتجاجاتهم سلمية وهادئة، وأن خطهم منفصل عن خط الانتهازيين. طالبوا بالتسامح وبالاهتمام وفهم رسالة الاحتجاج.

عرض مقالات: