بعد نجاح ثورة الرابع عشر من تموز 1958 م اتخذت السفارة البريطانية عدة اجراءات مناوئة للثورة، ويكشف تقرير سكرتير السفارة - سام فول - بعض جوانب هذا النشاط التخريبي الذي أسهم في الاطاحة بثورة تموز بعد أربع سنوات من عمرها. 

كان سام فول على اطلاع واسع على الاوضاع في العراق من خلال خدمته الطويلة في السلك الدبلوماسي في العراق ومن خلال علاقاته الواسعة مع العراقيين.

قدم سام فول تقريره الى الخارجية البريطانية يوم 17 ايلول 1959 ونشر التقرير مترجما الى العربية في كتاب تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري 1958 - 1968 في الجزء الثالث ص 177.

نقتبس في هذه المقالة بعض الجمل من فقرات التقرير التي تلقي الضوء على دور السفارة البريطانية في القضاء على ثورة تموز.

الفقرة 1

يقول سام فول: كانت الشرطة السرية تتعقبني في كل مكان أذهب اليه. وقد حذرني أصدقائي العراقيون بان لا أحاول القيام باي اتصالات خارج النشاطات المطلوبة لأغراض الاعمال الرسمية.

الفقرة 2

يقول سام فول: من المدهش أن أجد صحيفة قومية بليغة وقوية الحجة في اسلوبها، وهي نشطة ومشغولة بمهاجمة الشيوعيين بشكل علني.

الفقرة 3

يقول سام فول: يبدو ان قوات الامن الداخلي التي أصبحت بإمرة الزعيم احمد محمد يحيى وزير الداخلية، هي التي توجه كل جهودها ضد الشيوعيين. وأعتقد ان عمل قوات الامن الداخلي يجري بتنسيق وربما بتوجيه مباشر من قبل اللواء (العبدي).

الفقرة 4

يقول سام فول: يبدو الآن ان الكثير من الاشخاص قد فقدوا ثقتهم بقاسم كليا.

الفقرة 5

يقول سام فول: إن أسوأ ما قد يحدث في العراق من وجهة نظرنا هن أن يستولي الشيوعيون على العراق .... ان البلاد منقسمة بشكل عميق ومرير الى قسمين، والان من الخطر جدا بالنسبة للشيوعيين أن يعيشوا في مناطق يسيطر عليها القوميون والعكس بالعكس.

الفقرة 6

يقول سام فول: يعيش العراقيون حالة من الشعور العميق بالقلق...يعمل اللواء (العبدي) رئيس الاركان العامة والحاكم العسكري العام بإصرار ضد الشيوعيين ... ومع ذلك فربما انه حذر وليس واثقا من تأييد الجيش كله له.

الفقرة 7

يقول سام فول: إن القوميين سيكونون غير حكيمين إذا حاولوا القيام بانقلاب من نوع معين في هذا الوقت. قد ينجح مثل هذا الانقلاب في بادئ الامر ولكنه قد يفشل بسبب الارتجال وعدم الاستعداد الكافي .... ومن المحتمل أن تزداد حالة عدم القناعة بالوضع الراهن ويزداد شعور العراقيين بأنهم يعيشون فوق بركان، وقد يؤدي ذلك لان تصبح الامور مواتية بدرجة أفضل لتعزيز القوة المعادية للشيوعين عندما يجئ الوقت المناسب لذلك.

الاستنتاج

يقدم تقرير السكرتير سام فول معلومات مفصلة عن الصراع والانقسام بين القوى السياسية في العراق بعد قيام ثورة14 تموز المجيدة. ومن الواضح ان السفارة البريطانية تلتزم جانب التيار القومي المناوئ لقاسم وللثورة وللشيوعيين الذي يساندون الثورة.

ومن خلال تحليل سام فول للأوضاع في العراق يؤشر على الانقسام العميق ويقدم النصح للتيار القومي بعدم القيام بانقلاب في الوقت الحاضر - عام 1959 - لان الوقت غير مناسب وان الارتجال سيسبب فشل الانقلاب حتى لو نجح بادئ الامر، وينصح بالتريث حتى تكتمل الاستعدادات ويأمل خيرا في رئيس اركان الجيش اللواء أحمد صالح العبدي الذي كان معاديا للقوى المساندة للثورة وسخر المحكمة العسكرية للنيل من الوطنيين واصدار أحكام جائرة بحقهم.

عرض مقالات: