إن مسار الاحداث الحالية في العراق، دعت شعبنا أن يُحمل امريكا وأعوانها، المسؤولية الادبية والسياسية، لما آلت اليه أمور تسليم العملية السياسية لأحزاب تعيق استعادة البلد عافيته التي فقدها منذ عقود، إذ لم يتحول وطنا للجميع بعد الإطاحة بالنظام الدكتاتوري في ربيع عام 2003 كما كانت تريده الجماهير الشعبية، فبعلم امريكا، وتحت أنظارها تم التعرض للبنية الاجتماعية للشعب، حيث قامت جهات معادية لتواجد المسحيين والصابئة المندائية، بمحاربتهم ونهب ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة، وقطع سبل ارتزاقهم الموروث من الآباء و اﻷجداد، بغية مَحو أثر تواجدهم في وسط وجنوب العراق، مما أدى إلى اضطرار الكثير منهم للهجرة الى مناطق آمنه في داخل البلاد وخارجها ولم يؤخذ بكونهم السكان الأصليين لأرض وادي الرافدين، بينما اعتبرها بعض اﻷحزاب والكتل التي جاء بها المحتل بأنها طوائف. علما أنه لم تكن داعش متواجدة في تلك المناطق آنذاك، سوى الاحزاب التي رُبعت على مواقع القرار ومريدوها، فاعتبروها طوائف غير مرغوب بتواجدها بين صفوفهم، على الرغم من أنها تعايشت مع بقية فصائل شعبنا بسلام ووئام منذ القدم
لقد عممت وأصدرت الأحزاب الحاكمة مستغلة سيطرتها على مجلس النواب (بالتزوير بشهادة البعض منهم وبمعرفة أمريكا بذلك) تعليمات وتشريعات قانونية تمس الهوية العراقية للمكونات غير المسلمة، مضافا إلى ذلك فشل الحكومات المتعاقبة في إيقاف الانتشار المستمر لسلطة دول الجوار في شؤون البلد السياسية والاقتصادية وحتى اﻷمنية، وبذلك ضاع الاستقرار الأمني في العراق. ومما زاد الطين بلة لجوء بعض الاحزاب الحاكمة، الى تشكيل ميليشيات، وتسليحها بأحدث الأسلحة، لتفرض قوتها خارج القانون والدستور العراقي، كل ذلك جرى ويجري تحت أنظار الولايات المتحدة وحلفائها، فسياستهما الغامضة في ايقاف نفوذ دول الجوار في الشأن العراقي، أدت الى أن يمر العراق بأخطر مرحلة في بناء مستقبله، أذ غلست (أمريكا)ونأت عن نفسها في إيقاف سرقة المال العام وفساد بعض الأحزاب الحاكمة التي استقوت بسلاح الميليشيات المنفلتة، وبدأت إعلان تماهي أجندتها الطائفية والقومية مع اجندات بعض دول الجوار. ورغم معرفة أمريكا المسبقة بشَرَهها في امتصاص ثروات البلد، خاصة بعد تقزيم وبشكل متعمد وبعلم أمريكا دور المسؤولين الأكفاء، وغياب الشفافية والمحاسبة وانتشار الفساد والمحسوبية في دوائر الدولة الإدارية والأمنية، كل هذا جاء منسجما مع ما كانت تخطط له أمريكا من تطبيق لسياستها في العراق والمنطقة، فهي تقوم وحلفائها بوضع خطط تسعى تحقيقها في عموم منطقة الشرق الاوسط، لمواصلة أهدافها وتأمين حياة عملائها وحفظ مصالحهم، فهي وفق منظورهم الذي يعملون بموجبه دولة غير عدوانية ومسالمة، تتطلع للتعايش بأمان وسلام مع شعوب المنطقة، ولديها من الخطط والمشاريع ما يخدم المنطقة وينعش اقتصادها. بينما في واقع الحال تتحمل، كامل المسؤولية عما آلت إليه أوضاع شعوب المنطقة من المزيد من الخسائر، وتستمر في تكبيدها الكثير من التضحيات بدعمها القوى المعادية للروح الوطنية لشعوب المنطقة بما فيها شعبنا.
كانت أمركا وحلفاؤها تُدرك تذبذب القوى التي اقترحت عليها تطبيق الديمقراطية الهشة التي جاءت بها، وهي تواقة الى استغلال تواجدها في المنطقة، للإثراء وتجويع شعوب المنطقة، ليُسهل عليها محاربة الثقافة الوطنية، وتراثها النضالي الذي ترك ثقافة مشبعة بالروح الوطنية في التصدي لأجندات دول الجوار وما ترتبط به من علاقات طائفية اممية، تنهض بتحقيق أجنداتها، وطاردة لنهوض الحراك المطلبي لشعوب المنطقة، حتى أنه لا يضير القوى الحاكمة استعمال القوة والرصاص الحي ضد شعبها.
ففي العراق حيث صبرت القوى الوطنية وتحملت تبعات نهج المحاصصة الطائفية والاثنية المقيت هذا النهج الذي اقترحته أمريكا على من سلمتهم العملية السياسية كأسلوب حكم البلاد، على الرغم من مواصلة جماهير شعبنا لحراكها السلمي، ومناهضتها لهذا النهج المقيت الذي راح ضحيته المئات من الضحايا وآلاف المعاقين دون التفكير بملاحقة من يقف وراء ذلك
لقد سهلت أمريكا وحلفاؤها عمليات نهب ثروات البلدان، وتخطط لجعلها مهزوزة البنية الاجتماعية والاقتصادية، وتحرص على عدم تقديم المساعدة للحكومات في الكشف عن مصير أموال شعوبها التي هربت لبنوك الخارج وخاصة من قبل مزدوجي الجنسية الذين نصبتهم على الحكم في العراق، وبجانب صمتها تجاه محاربة الحكام لحراك الجماهير الشعبية السلمي، تدعي وتنادي بالحرص على وحدة الشعب والوطن جغرافيا، بينما هناك إشارات، ترحب بما يقوم به من جاءت بهم من أعمال تعرقل إقرارهم ميزانية 2021 وقانون المحكمة الإتحادية والانتخابات المبكرة، وتحاول بعض الاحزاب المتنفذة ربطها مع بعض وأمريكا صامته، فنحن ندرك أنها تستطيع إزاحتهم مثلما جاءت بهم وهي قادرة ان تعمل كل شيء من اجل تصحيح المسار الخاطيء الذي اختطته للعراق.