الحديث عن ما ستجنيه أجيالنا القادمة لمواصلة حياتها اليومية، في اجواء يتحكم بها القانون والعدالة الاجتماعية، وخارج إطار نهج المحاصصة الطائفية والإثنية أمر بعيد المنال. لكون كما يُرى من مسار العملية السياسية، أن قادة الكتل واﻷحزاب التي جاء بهما المحتل في 2003، لم يتركوا أي معلم من معالم حياتنا اليومية وأي ركن من أركان الدولة إلا ودُنست بنهجهم المحصصاتي المقيت، حيت لم يُخَلدوا أو يبنوا معلما في الوطن والمجتمع العراقي، تفتخر به جماهير شعبنا الحالية وأجيالهم القادمة أمام شعوب العالم.

بدأنا نحسد شعوبا كثيرة على ما حققه لها حكامها من إنجازات في بناء أنظمة متطورة تخضع لقوانين يلتزم بها كافة ناسهم وعلى مختلف الاصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، تواصلا مع تاريخهم الذي توارثته اجيالها، لكوننا لا زلنا آخر الصف (نسعى في كل الاتجاهات والعشاء خباز إن توفر)، تسبقنا بعشرات السنين إلا في بهرجة الشعائر الطائفية والقومية على حساب تمتين وتعزيز الروح الوطنية العراقية. فصار استبدادها وولاؤها للخارج الذي فرضه فساد البعض من قادة الأحزاب و الكتل ، أضحى عامل في إفقار أكثر من 30% من فصائل جماهير شعبنا لسرقتهم المال العام، وتعاملهم مع السحت الحرام بالغش والتزوير، فأجبر الكثير من ابناء الشعب أن يعيشوا في كنف قوانين الفقر والحرمان على الرغم من أننا أثرياء ونُحسد على ما نملكه من ثروات نفطية ومعدنية وأرض خصبة تضعنا لو أدارها المخلصون للعراق لنُقلنا بسرعة فائقة، إلى مصاف الدول المتطورة في بناء البنية التحتية، وأمنا مستقبل آمن ومستقر للأجيال القادمة، متحرر من نهج المحاصصة المقيت، وهي مُلتزمة بمقولة القدماء زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون    

لقد حُرمنا وأجيالنا من التمتع بفرح تغيير النظام، والميزانيات الانفجارية بعد الاحتلال مباشرة (سبق  ذلك عشنا  ظروف حروب عبثية وحصار مميت)، أغلبها ذهبت لجيوب بعض قادة الاحزاب والكتل وإلى ميليشياتهما ومحسوبيهم، لنستقر حاليا على ميزانية استثنائية في عام 2021، نفقاتها بلغت 164 ت (ترليون) أضيف اليها 14 ت دينار خلال ايام معدودة، ما يعني أن هناك ضغطا مورس حتى يُرفع سقف العجز لهذه الدرجة، علما إن ما استدانته الحكومة وصل إلى 32 ت، ويزمع الاقتراض من البنك الدولي أغلبها لتغطية رواتب ومصروفات الرئاسات الثلاث. غير عابئين (قادة الكتل والأحزاب الحاكمة) بما سيحصده الجيل القادم من مآسي وويلات، والكثير من مردود الضائقة المالية والاقتصادية وهي تحاول معالجة الديون الداخلية والخارجية وأرباحها المتراكمة التي تركها الفاسدين برقبته وما عليه إلا تسديدها مع أرباحها   

وإذا ما أضفنا إلى ذلك اتساع الفجوة العلمية بعدم التخطيط لتطوير العلم والثقافة وهجرة آلاف الأكاديميين والخبراء، وسوء بناء البنية التحتية للتطور بسبب أوضاع الفساد والقهر وسرقة ثروات البلاد. وغياب القانون والانفلات الامني وغيرها من التي كانت وراء ازدياد الفقراء فقرا، وإفلاس الحكومة، مما أضطرها اللجوء لحلول ترقيعية لتسديد رواتب موظفيها  

وعلى الرغم من صدور 147 ألف حكم على بعض المتهمين بالفساد لا أنها تشكل نقطة في بحر الفساد المتلاطم الأمواج والمستشري في دوائر الدولة كافة. ومع هذا فإن ملفات حيتان الفساد الكبيرة لم تمس، وقد لا تصل اليها النية في كشفها، حيث تشابك المصالح المريب بين الفاسدين وأصحاب القرار والأمن المفقود، وحيث السلاح المنفلت وضعف الحكومة وعدم قابليتها للتصدي للفاسدين ومحاسبة من يرهب شباب تشرين ويخطفهم، ويصفيهم جسديا، لا لذنب اقترفوه سوى مطالبتهم سلميا بوطن آمن تسوده العدالة الاجتماعية والقانون تعيش في كنفه مع ضمان مستقبل الجيل القادم 

يراودنا سؤال هل ستنتقل مباديء المحاصصة التي تتمسك بها الكتل والأحزاب لجيلنا القادم!!؟؟ أم أن شعبنا سيتزاحم حول المشاركة بالانتخابات المبكرة، التي هي إحدى مكاسب ثورة تشرين والملاذ الذي سيخلصنا من نهج الحكومات السابقة والحالية القائم على أن كل شيء يجري عبر التوافق واتفاق محاصصاتي وصفقات سياسية، وأن ما يعلم به المواطن هو تسويف تنفيذ مطالبه التي استمرت لأكثر من 17 عاما. لقد اضحى المواطن على يقين أن النية معدومة للاستجابة لمطاليب تشرين، فالانتخابات المبكرة التي وعد بإجرائها ضمن الشروط التي وضعت خطط (كما يقُال) لتوفيرها، قد أجلت لأكتوبر القادم 2021، وهناك اقوال عن تأجيل الى اواسط عام 2022 لتكون مناسبة مع انتهاء الدورة الانتخابية وبهذا سيكون لقادة الكتل والأحزاب الوقت الكافي للملمة أوضاعها وأحوالها وتنسق فيما بينها لمواصلة نهجها المقيت، بحجة عدم جاهزية مفوضية الانتخابات، وعدم توفير الاموال الازمة لها. كما أن عدم حسم قانون المحكمة الإتحادية المتعمد. هي من الأمور التي تعرقل إجراء انتخابات شفافة ونزيه. وكأنهم يدعون لها أن تكون كذلك. كما لا زال هناك جدل حول موقف الامم المتحدة هل هو إشراف أو مراقبة للانتخابات.  

فهل سيرث الجيل القادم قيادة أمنية مفككة؟؟، وتتواصل أحداث مشابهة للحدث الإجرامي في ساحة الطيران الذي حصد أرواح32 شهيدا وعددا يفوق ذلك من الجرحى، أم أن الناس ستراجع نفسها وتكثف من مساعيها للمساهمة في الانتخابات القادمة انقاذا لذاتها ولجيلها القادم.

عرض مقالات: