السياسة المالية هي جزء أساس من السياسة الاقتصادية العامة للحكومة. وأن مفهوم السياسة المالية بشكل عام، يشمل طريقة وآليات وإجراءات إعداد الموازنة وتنفيذها والرقابة على التنفيذ وربطها بالمؤشرات الاقتصادية الكلية، إضافة إلى السياسات الضريبية، وإدارة الدين العام، وكل ما يتعلق بمصادر الإيرادات وأوجه النفقات وإدارة المؤسسات التي لها علاقة بالإيرادات والنفقات. وقد مر العراق بمراحل مختلفة في سياسته المالية العامة تبعا للمراحل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي مر بها، وتبعا لذلك تغيرت المعايير العامة للسياسة المالية، والإجراءات المتعلقة بتنظيم الموازنة، وتحديد أهدافها، وطرق إعدادها، والمؤسسات ذات العلاقة باعدادها وتنفيذها والرقابة عليها. إلا أن ما يهمنا في هذا البحث هو السياسة المالية المتعلقة بالفترة 2003-2018.

الموازنة العامة

أكد الدستور العراقي في المادتين 62 و80 على أن من مسؤوليات الحكومة (مجلس الوزراء)، إعداد الموازنة والحساب الختامي، وخطط التنمية. وأكد قانون الإدارة المالية والدين العام الرقم 95 لسنة 2004 المعدل، الذي ينسجم مع متطلبات المعايير الدولية، على إيقاف العمل بقانون 107 لعام 1985 بشأن إعداد الموازنة الحكومية الموحدة المعدل، وبالقانون رقم 48 لعام 1990، وبالقانون رقم 20 لعام 1940 بشأن مبادئ المحاسبة العامة، فيما يتعلق بالسنة المالية 2004 وما بعدها. وقد حدد القانون إجراءات وتواريخ إعداد الموازنة وتقديمها، وتقديم الحسابات الختامية والتقارير الدورية. وأكد القانون في قسمه السادس أولا، على أن يقوم إعداد الموازنة الفدرالية على خطط التنمية الاقتصادية، وتقوية الوضع المالي للعراق، والسعي وراء استقرار الاقتصاد الكلي، وتقليل التذبذب في نفقات الحكومة. وحدد مسؤولية تنفيذ الموازنة بوزير المالية. ورغم تأكيد الدستور وقانون الإدارة المالية والدين العام، على كل ذلك، إلا أنه لم يتم الالتزام بغالبية هذه الإجراءات والأنظمة والقوانين، لا من قبل سلطة الائتلاف، ولامن قبل الحكومات العراقية المتعاقبة، أو مجالس النواب المسؤولة عن المتابعة. ويتم إعداد الموازنة من قبل وزارة المالية ووزارة التخطيط. حيث تقوم وزارة المالية باعداد الموازنة التشغيلية بالتعاون مع جميع الوحدات الادارية أما وزارة التخطيط فتقوم باعداد الموازنة الاستثمارية بالتعاون مع الوزارات والمحافظات، ويبقى إقليم كردستان الذي لا يخضع لكثير من هذه الاجراءات.

سياسة الإيرادات

تتكون إيرادات كل دولة من الموارد الاساسية التي تتمثل بموارد الدومين العام والضرائب والرسوم، والطابع الغالب لموازنات الحكومة العراقية هو السيادة المطلقة للواردات النفطية على الموارد الاخرى.
بعد سقوط الصنم تم جرد الديون المتبقية على العراق، وبعد تسوية الكثير منها، إما لعدم شرعية المطالبة بها، أو بقيام نظام صدام بتسديدها، حيث بلغت بحدود 125 مليار دولار، منها:
51.646
مليار دولار ديون دول نادي باريس، و9.862 مليار دولار لدول خارج نادي باريس، و4.859 مليار دولار لدائنين تجاريين في القطاع الخاص، تقل مطالبات الواحد منهم عن 35 مليون دولار، و13.948 مليار دولار لدائنين تجاريين تزيد مطالبات الواحد منهم عن 35 مليون دولار، اضافة الى ديون بعض الشركات اليابانية الخاصة التي بلغت 437.3 مليون دولار. ولم يتم الافصاح عن الديون الاخرى لدول الخليج، وبالذات السعودية التي ترفض حتى الآن تسوية ديونها على العراق. وفي عام 1991 تم تقدير تعويضات العراق عن الاضرار التي الحقها بالمنشآت النفطية الكويتية بمبلغ 52.4 مليار دولار، قام العراق بتسديد 47.8 مليار دولار منها، من عام 1991 وحتى شهر تموز 2015، والرصيد الباقي من الدين وقدره 4.6 مليار دولار تم تأجيله لعام 2017.
بعد سقوط الصنم كان العراق بحاجة الى بناء مؤسسات الدولة ومنها وزارة المالية وضرورة إعادة النظر بالسياسة المالية ومنها:
أولا: سياسة الموازنة وادارتها والذي يتضمن:
1-
إعادة النظر بقواعد وإجراءات تنظيم الموازنة، وتطوير جهاز إداري محترف، متفهم لمتطلبات المرحلة.
2-
العمل على تنظيم توقعات الإيرادات والنفقات بشكل مدروس ويستجيب لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع تطوير إدارة السيولة المالية.
3-
بناء الحسابات وإجراءات التدقيق على أسس حديثة معترف بها دوليا، تنسجم مع متطلبات البناء الديموقراطي للعراق، وتطوير استخدام التكنلوجيا الحديثة والبرامج الحاسوبية.
ثانيا: اعادة النظر بالسياسة الضريبية وإدارتها وهذا يتضمن:
1-
تنظيم القوانين والقواعد الضريبية.
2-
تطوير نظام الالتزام الضريبي ونشر الثقافة الضريبية.
3-
تطوير إجراءات حل النزاعات وإدارتها.
ثالثا: تطوير المؤسسات المصرفية والمالية وهذا يتضمن:
1-
تطوير القوانين والانظمة الحاكمة.
2-
تطوير أنظمة المدفوعات في الداخل وفي العلاقات الخارجية، وتقليل الاعتماد على استعمال النقود.
3-
تطوير نظام الإشراف والرقابة على المصارف.
4-
إعادة هيكلة المصارف والأنظمة والمؤسسات الساندة مثل نظام ضمان الودائع وضمان القروض، وغيرها من الأنظمة والمؤسسات الساندة الاخرى.
رابعا: العمل على الالتزام بتنفيذ القوانين والأنظمة الحاكمة من أجل محاربة الفساد وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والجريمة المالية المنظمة، والاحتيال المالي، والتلاعب بالأوراق المالية.
ويعتبر نظام إدارة المعلومات المالية الأساس في الإدارة الرشيدة للسياسة المالية وإدارة أموال العراق، حيث يستطيع هذا النظام توفير الصلة اللازمة بين الكيانات المالية المرتبطة بالحاسوب، الذي يقوم بنقل المعلومات المالية والضريبية أولا بأول. وبذلك تتمكن الحكومة بتنظيم سجلاتها في حساب خزينة واحد وتوزيع الاموال مركزيا، وسيؤدي بالتالي الى تقوية إدارة وزارة المالية للأموال وللتدفق النقدي، بدلا من الحسابات المتفرقة للمخصصات عن طريق المصارف المختلفة الذي كان متبعا في فترة حكم صدام. إن نظام إدارة المعلومات المالية يعمل على الإسراع في إعداد الموازنة، وتطوير سياسة مالية متينة، وتنفيذ إدارة الدين العام، وتطوير الشفافية ومحاربة الفساد وهدر الأموال، وتطوير مصداقية الحسابات التي ستعمل على تصنيف جميع بنود الموازنة من حيث الإيرادات والنفقات، وتطوير نظام أكثر كفاءة للمشتريات، وتحقيق نظام فعال للتدقيق الآني على الأموال الحكومية.
في آذار 2005 أعلنت شركة بيرنك بوينت، المتعاقدة مع سلطة الائتلاف، على أن خادم إدارة المعلومات المالية قد تم نصبه، وهو جاهز للعمل والربط مع جميع المؤسسات ذات العلاقة بالموازنة، ومن المخطط إنجازها في نهاية نيسان من نفس السنة، مع قدرة على الاتصال بواسطة الانترنيت. الا أن الخلافات التي حصلت حول كفاءة البرنامج وملائمته للظروف العراقية ومقاومة من العاملين للبرنامج أدت الى فشل استخدام هذا النظام. وبذلك بقت الإجراءات الورقية هي التي تحكم إعداد الموازنة وتنفيذها والرقابة على تنفيذها.

سياسة الإنفاق بعد عام 2003

لقد كان وضع العراق مأساويا من جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية بعد سقوط صدام وإعلان الاحتلال الأمريكي للعراق. ولم يكن لدى المعارضة العراقية التي انضمت الى مجلس الحكم في عهد الاحتلال الامريكي، ولا أمريكا والدول المتحالفة معها، أي برنامج لإعادة بناء العراق، وخصوصا من الناحية الاقتصادية، ولم يكن لدى العراقيين أو الأمريكان معلومات حقيقية ومتكاملة عن الوضع الاقتصادي في العراق، بسبب غياب الوثائق المساندة. ولذلك تم القيام بخطوات ارتجالية من أجل حل بعض المشاكل الاقتصادية، وخصوصا مسألة رواتب الموظفين والمتقاعدين. حيث أرسل البنك الفدرالي الامريكي خلال الفترة 2003-2004 إلى العراق ما يعادل 11.981 مليار دولار نقدا من أموال العراق، وتم توزيعها من قبل سلطة الاحتلال على الوزارات والمحافظات، كرواتب للموظفين والمتقاعدين، ولم يتم الاحتفاظ بسجل متكامل حول كيفية استخدامها. وكان يجب إعادة بناء المالية العامة في العراق من أجل ترشيد النفقات، وتوسيع قاعدة الموارد المالية، وتعزيز دور وزارة المالية في إعداد السياسة المالية والموازنة الحكومية. وهذا يتطلب إجراء الجرد الكامل للموارد المالية واحتياجات البنى التحتية وتقدير متطلبات السلع والخدمات العامة وتنمية القطاعات الانتاجية العامة والخاصة وإعادة بناء الجهاز الاداري والمؤسسات الحكومية. إلا أن كل ذلك لم يتحقق بسبب سياسة الانفاق التي اتبعتها سلطة الاحتلال والحكومات العراقية المتعاقبة. وقد أسرعت سلطة الاحتلال على إعداد موازنة للفترة المتبقية من عام 2003، والتي تغطي الفترة من تموز ولغاية نهاية كانون الأول 2003، وموازنة عام 2004، كما هو في الجدول رقم (2). إن المشكلة الأساسية التي واجهت اعداد الموازنة، هو غياب قاعدة المعلومات الأساسية التي بنيت عليها الموازنات السابقة، من أجل تحديد إيرادات ونفقات السنة القادمة.

جدول رقم (2) موازنات 2003-2004 ترليون دينار
النفقات 2003 2004 2004 بعد المراجعة
التشغيلية 7.362 19.027 25.432
الاستثمارية 1.870 1.118 3.797
اجمالي النفقات 9.232 20.145 9.229 2
الإيرادات
النفط 4.097 18.000 21.262
القطاع العام 0.338 0.563 --------
ضريبة إعادة الاعمار ------- 0.450 0.173
الرسوم ------- ------- 0.003
تقاعد الموظفين ------- -------- 0.101
إيرادات اخرى 0.162 0.231 0.189
إجمالي الإيراد 4.596 19.259 21.729
(
العجز) (4.636) (0.886) (8.161)

ومن أجل تسديد العجز في الموازنة تم استخدام 1.7 مليار دولار من أموال الحكومة العراقية المجمدة في المصارف الامريكية، و2.5 مليار دولار من ممتلكات صدام المجمدة، و1.2 مليار دولار من صندوق تنمية العراق و2.475 من المساعدات الامريكية التي تتم إدارتها من قبل برنامج المساعدة الامريكية. ولم تكن هناك إجراءات محاسبية دقيقة لتنفيذ الموازنتين ولا حسابات ختامية في وقتها المحدد، من أجل معرفة النتائج المالية والاقتصادية الكلية. ولم تتم متابعة تنفيذ بنود الموازنة الاستثمارية لا من الناحية المالية ولا من ناحية حجم المشاريع المنفذة ولا من ناحية علاقتها بالاقتصاد الكلي في العراق. وكان هذا مدعاة لاستشراء الفساد المالي والإداري في النظام الجديد.
لقد كان الهدف الاساسي لسلطة التحالف وللحكومات العراقية المتعاقبة هو زيادة الانفاق، وتم وضع بنوده بشكل غير مدروس، ولم يتم ربطه بخطط التنمية إلا شكليا. فقد انفقت سلطات التحالف خارج إطار الموازنة الحكومية، وهذا مخالف لكل إجراءات وأنظمة الموازنة التي تم وضعها من قبل سلطة الاحتلال نفسها، حسب تقرير المفتش العام لإعادة إعمار العراق، 51.624 مليار دولار (كان المخصص من قبل الحكومة الامريكية 60.644 مليار دولار تم الالتزام بعقود 55.187 مليار دولار). وذلك خلال الفترة من عام 2003 وحتى أيلول عام 2012 ولم تتم متابعة إنفاق هذه المبالغ، ومدى تأثيرها على الوضع الاقتصادي والمالي في العراق، ولا حتى على إعادة بناء مؤسسات الدولة. وقد علق السفير الامريكي على هذه المبالغ بقوله (إن أموال إعادة البناء الامريكية التي خصصت لبناء العراق لم تكن فعالة، ولم نحصل كثيرا مقابل ماتم انفاقه من مبالغ تتجاوز ال 50 مليار دولار). وحتى أن الكثير من المشاريع التي تم إنجازها من قبل سلطة التحالف لم يتم تسجيلها في موجودات العراق.
لقد توجهت الحكومات المتعاقبة في العراق بعد عام 2003 على زيادة حجم الجهاز الإداري الى درجة كبيرة بسبب المحاصصة السياسية والطائفية والعرقية من أجل جمع الأصوات للانتخابات، بحجة التخفيف عن البطالة المتفشية ومكافحة الفقر. حيث ارتفع عدد العاملين في الدولة من حوالي 850 ألف عام 2003 الى حوالي 4.5 مليون عام 2015 بما فيهم العاملون في القطاع العام. وبسبب تسريح الجيش وعدد كبير من الموظفين وإحالة جزء كبير منهم إلى التقاعد ارتفع عدد المتقاعدين الى حوالي 3 ملايين متقاعد حسب تصريحات بعض المسئولين. لقد ارتفعت تعويضات الموظفين من حوالي 2.4 ترليون دينار عام 2003 الى 8.212 ترليون دينار عام 2006 والى 28.753 ترليون دينار عام 2010 وتعدت ال 40 ترليون دينار عام 2016 حسب تصريحات المسؤولين. إن الزيادة الهائلة في تعويضات الموظفين لا تعود الى زيادة عددهم وانما الى زيادة الرواتب والتخصيصات لفئات كثيرة من الموظفين وخصوصا بالنسبة للدرجات العليا والمحسوبين عليهم والمنسوبين إليهم. إن التضخم في الجهاز الاداري كان ناجما عن سوء الإدارة والأوضاع السائدة بسبب المحاصصة الحزبية. فقد ارتفع عدد الوزارات الى 32 وزارة لمجرد إرضاء بعض الأطراف السياسية التي أصرت على مساهمتها في الحصول على الوظائف العامة. ورغم أنه تم تخفيض عدد الوزارات بعد فترة قصيرة إلا أن رواتب الوزراء بقيت على حالها حسب القانون. لقد ارتفعت تخصيصات الموازنة للنفقات التشغيلية من 8.736 ترليون دينار عام 2003 الى 61.282 ترليون عام 2008 ووصلت الى اعلى مستواها عام 2014 حيث بلغت 98.793 ترليون دينار. لقد بلغ إجمالي تخصيصات الموازنة الاتحادية خلال الفترة 2003 -2016، (2016 من ضمنها) 1156.752 ترليون دينار او (مايعادل 963.960 مليار دولار). جدول رقم (3).

جدول رقم (3) (ترليون دينار)
الموازنات العراقية المصادق عليها للأعوام 2003-2016
السنة النفقات الاجمالي الايرادات الفائض
التشغيلية الاستثمارية (العجز)

إن تتبع تطور النفقات التشغيلية خلال الفترة من 2003 وحتى 2016، يؤكد على سوء الإدارة المالية في العراق في اعتمادها على الواردات النفطية المتزايدة، ومدى الاهتمام بالمصالح الشخصية والحزبية الضيقة، وعدم الاهتمام بالتنمية الاقتصادية المستدامة من قبل السلطات السياسية العراقية، التنفيذية والتشريعية. لقد بلغت اجمالي تخصيصات النفقات التشغيلية وحدها للاعوام 2003- 2016 ما يعادل 806.167 ترليون دينار (671.805 مليار دولار)، أما تخصيصات النفقات الاستثمارية فقد بلغت لنفس الفترة 350.585 ترليون دينار فقط (300.270 مليار دولار). وللأسف الشديد فان نسب التنفيذ المالي الاجمالي لم تتجاوز ال 60% وبعض الأحيان لم تبلغ ال 40 %، ولم تتم متابعة التنفيذ الفعلي. وقد ذكرت مقدمة موازنة 2014 التي أعدتها وزارة المالية، أن الدلائل تشير إلى وجود قائمة طويلة للمشاريع غير المنجزة في سجلات الوزارات والمحافظات، حيث يوجد أكثر من 6000 مشروع غير منجز تقدر تكاليفها الاجمالية ب 228 ترليون دينار عراقي. هذا مع العلم ان الكثير منها قد تم دفع مبالغها بالكامل او 60% منها، بينما حجم الإنجاز فيها الصفر أو لم يتجاوز ال 20%. وهذا يدلل على حجم الفساد المستشري في الاعمال الحكومية، على مستوى الوزارات والمحافظات. وقد ذكرت مقدمة موازنة 2014 أن هناك 77 ترليون دينار سلف الى الحكومة لم يتم تسديدها إضافة الى إنفاق عن طريق السحب على المكشوف يقدر ب 10 ترليون دينار تم إطلاقها بدون وجود تخصيصات لها في الموازنات. وكل هذه مخالفات قانونية وإجرائية لا تنسجم مع الإدارة الرشيدة لأموال العراق وتدلل على مدى رغبة السلطة التنفيذية في الانفاق الكبير دون حساب للقوانين والانظمة المرعية.
إن تنظيم الموازنات الحكومية يتم عادة بعجز مخطط، وقد بلغ اجمالي هذا العجز للفترة 2003-2016 (2016 من ضمنها) مبلغ 202.214 ترليون دينار إلا أن متابعة تنفيذ الموازنة، وحسب المعلومات التي تم الحصول عليها من وزارة المالية، فإن جميع الموازنات للفترة 2004-2011 التي نظمت بعجز كانت عند التنفيذ الفعلي تتمخض عن فائض (جدول رقم 4)


(
جدول رقم 4)
الميزانيات الفعلية للأعوام 2004- 2011 ( ترليون دينار)
السنة الإيرادات النفقات الفائض
2004 32.118 32.983 0.865
2005 40.503 26.375 14.128
2006 49.063 38.077 10.986
2007 54.599 39.031 15.568
2008 80.252 59.403 20.849
2009 55.209 52.567 2.642
5.1692010 69.521 64.352
اجمالي الفائض 70.207
لقد بلغ إجمالي الفائض لهذه السنوات 70.207 مليار دينار أو مايعادل 58.5 مليار دولار، وإذا ما أضفنا الفائض لعام 2011 والبالغ 27.290 مليار دولار، فإن إجمالي الفائض سيكون 85.79 مليار دولار. إن الأسباب الأساسية لهذا التفاوت والتناقض بين المخطط والفعلي هي:
1-
إن تقديرات الانفاق غير مبنية على أسس صحيحة، وأن هناك دائما مغالاة في التقييم من قبل الوزارات والمحافظات ومؤسسات الصرف الاخرى حتى أن بعض الأحيان لا يتم تنفيذ الموازنة التشغيلية ومن ضمنها الرواتب الا بنسبة 85-89 %. أما بالنسبة للمشاريع الاستثمارية فتتم على الأغلب بدون وجود دراسة جدوى، أو إذا ما وجدت، فتكون عادة غير دقيقة وسطحية، وفي كثير من الأحيان يتم طلب كل مبلغ المشروع في سنة واحدة، مع العلم أن تنفيذه يستمر لأكثر من سنة.
2-
التاخر المستمر في إقرار الموازنة من قبل مجاس النواب لشهرين أو أكثر.
3-
عدم وجود حسابات ختامية وكشوفات التدفق النقدي في الوقت المحدد .
4-
الفساد الإداري والمالي وعدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب.
لقد بلغت الأموال التي دخلت العراق من عام 2003 وحتى نهاية حزيران عام 2016 حوالي 928 مليار دولار. منها عوائد نفطية بمبلغ 684 مليار دولار وعوائد اخرى محلية ضرائب ورسوم وغيرها بحدود 102 مليار دولار، ومنح ومساعدات وأرصدة قروض جديدة داخلية وخارجية بحدود 142 مليار دولار. ولم تتم إضافة رصيد صندوق تنمية العراق. إن الاستخدام الرشيد لمثل هذه المبالغ مع القضاء على الفساد المستشري في أجهزة الدولة أو على الأقل التخفيف من حدته، من الممكن أن يقوم ببناء اقتصاد عراقي متطور ومتنام في مجتمع خال من البطالة والفقر والأمية يتمتع هو ونشاطاته الاقتصادية بتوفير البنى التحتية من كهرباء وماء ونقل ومواصلات واتصالات.

عرض مقالات: