نشرت جريدة "نيوزدويجلاند" اليسارية الألمانية حوارا مع عضو قيادة الحزب الشيوعي التشيكي، والنائب البرلمان جيري دوليجس تناول فيه أزمة اليسار التشيكي والتوجه لتجديد حزبه. ولأهمية ماورد في الحوار نورد اهم الموضوعات الواردة فيه.
ازمة اليسار والانتخابات الأخيرة
ان أزمة اليسار التشيكي لم تندلع الآن بسبب نتائج الانتخابات؛ إنها مستمرة منذ عدة سنوات. ويتحمل مسؤوليتها الحزبان الشيوعي والديمقراطي الاجتماعي، لفشلهما في اقناع الناخبين. يضاف الى ذلك ازمة "مواطنون ديمقراطيون" التي أدت الى ظهور حركة "آنو"، التي خاطبت ناخبي الأحزاب البرجوازية، وثم ناخبي اليسار. لقد خلق محور ميلوش زيمان (رئيس الجمهورية) وأندريه بابيس (رئيس الوزراء) السياسي صدعًا عميقًا في المجتمع، وشمل ذلك اليسار التشيكي. لقد انتاب التردد سياسة حزبا اليسار التقليديين، ولم يتمكن أي من الطرفين تقديم بديل، سواء في ملف الاقتصاد، أو في ملف الهجرة. ودفع ذلك الكثير من الناخبين الانتقال الى القوى المنافسة، بما في ذلك حزب "توميو أوكاموراس" اليميني المتطرف.
وجعلت ازمة كورونا والتراجع الاقتصادي المرتبط بها الوضع الراهن أكثر صعوبة. وعلى الحزبين الوصول الى إجابات شافية في مؤتمريهما اللذين سينعقدان: الشيوعي في تشرين الثاني والديمقراطي الاجتماعي في كانون الثاني المقبلين.
من يتحمل المسؤولية؟
بعد الهزيمة الانتخابية ناقشت قيادة الحزب الشيوعي نتائج الانتخابات والوضع الداخلي في الحزب. وفي نهاية المناقشات، أعلن زعيم الحزب فويتيش فيليب، عدم رغبته في الترشيح، بعد ان قاد الحزب لمدة 15 عامًا. وكان التغيير في قيادة الحزب قد نوقش بالفعل قبل الانتخابات البرلمانية لعام 2017، لكن تم تأجيله إلى مؤتمر الحزب التالي، الذي كان من المفترض عقده في نيسان الفائت. ثم جاء الوباء وفرض التأجيل مرة أخرى.
ان الإعلان الحالي عن اجراء تغيير في قيادة الحزب، ينبغي ان يؤدي الى إضفاء الهدوء على النقاش الدائر على جميع المستويات حول التوجه المستقبلي للحزب. ومن المهم دمج القوى الشابة الجديدة وعدم الوقوع في الحنين إلى الماضي. ولسوء الحظ، يمكن ملاحظة هذا الاتجاه بين أعضاء الحزب الأكبر سنًا. يجب عليهم أن يجمعوا خبراتهم بحيوية الشباب، ومن المهم منع أي انقسام إضافي في صفوف اليسار. والمناقشات التي دارت في قيادة الحزب يجب أن تضفي ديناميكية جديدة على هذا التطور.
الانتخابات الأخيرة والآفاق
بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية 37 في المائة، وفي الجولة الثانية من انتخابات مجلس الشيوخ كانت 17 في المائة فقط. لذا فإن أكثرية الناخبين لم يشاركوا في الاقتراع. وبضمنهم جزء من ناخبي اليسار، وخاصة كبار السن منهم، ، ربما خوفًا من الإصابة بالفايروس، وبالتالي يمكن أن تكون المشاركة مختلفة في الانتخابات النيابية بعد عام.
المؤشر الحالي مقلق، والعتبة الانتخابية في القانون الجديد (5 في المائة) تمثل عقبة صعبة. يعاني اليسار من وفاة الكثير من النواة الصلبة لناخبيه. ويصعب إقناع الشباب. ومع ذلك، فإن الحزب يعمل على استرجاع ناخبيه، الذين لم يدلوا بأصواتهم، والذين صوتوا لحركة "آنو" لأسباب برغماتية. ان الامر يتعلق ببضع مئات الآلاف من الأصوات، إذا تمكن الحزب من إقناع الناخبين بإمكانية تقديم حلول للمشاكل والعواقب الاقتصادية للوباء الحالي. وينبغي توظيف الفرصة. ان انفراط عقد التحالف الحاكم، الذي يدعمه الشيوعيون الآن، سيؤدي الى الذهاب الى انتخابات مبكرة مباشرة، والتي يمكن ان تكون لها انعكاسات سلبية، فرئيس الوزراء سيوظف امبراطوريته الإعلامية ضد الشيوعيين.
في حال عدم حدوث أزمة حكومية، فستجرى الانتخابات العامة المقبلة في تشرين الأول المقبل. وسيكون امام الشيوعيين وقت للاستعداد لها، وفق جدولهم الزمني. ستبدأ الانتخابات التمهيدية في الشتاء، وسيقر مؤتمر الحزب الذي سيعقد في الشهر المقبل في مدينة برنو التوجهات الضرورية. وسيحاول الحزب تعبئة ناخبي الاحتجاج على ما هو قائم، دون الوقوع في شعبوية اليمين المتطرف. لا يمكن أن تكون كراهية الأجانب حلاً سياسيًا لكسب الناخبين. ومن يحاول استنساخ شعبوية اليمين لا نصيب له، فالناخبون يختارون عادة الأصلي وليس المستنسخ.
وستشمل استراتيجيته الشيوعيين الانتخابية استكشاف شركاء التحالف المحتملين. لقد مارس الحزب ذلك بنجاح في الماضي على المستوى الإقليمي وفي الانتخابات الأوروبية مع اليسار التشيكي وكذلك مع الديمقراطيين الاجتماعيين. ستلعب التحالفات الانتخابية المحتملة بالتأكيد دورًا رئيسيًا في المؤتمر. وبالطبع، سيلعب المرشحون الشباب عمرا وذهنا، ارسال رسالة مفادها: ان الحزب الشيوعي لم ينته، كما يشتهي منافسوه، على الرغم مما فاته، وقرع جرس الإنذار.