في غمار  المخاض  الذي افضى الى تشكيل الحكومة الحالية والتي جاءت على اثر  سقوط حكومة القناصين برئاسة إلا عادل عبد المهدي التي ارتكبت أبشع الجرائم بحق المتظاهرين السلميين المطالبين بحقوقهم الشرعية في حياة حرة كريمة،  ووطن آمن  يتسع للجميع، لا للطائفية مكان فيه، والتي وصل عدد شهداء  هذه الأنتفاضة الباسلة إلى  حد كتابة هذه السطور الى اكثر من 700 شهيدة وشهيد،  وأكثر من  خمسة وعشرين الف مصاب، هذه التضحيات الجسام التي أدت الى استقالة الحكومة المجرمة الغير مأسوف عليها، حيث توجهت الانظار بعد ذلك  إلى تشكيل حكومة تأخذ على عاتقها إجراء انتخابات مبكرة وتعد العدة لإجراء هذه الانتخابات، ومن أوليات ذلك هو إقرار قانون انتخابات عادل، غير ذلك الذي وضعته الكتل الطائفية لإعادة تدوير نفاياتها، هذا إلى جانب الشروع بمحاكمة كل من تورط في قتل ثائرات وثوار انتفاضة أكتوبر البواسل وتعويض كل من تضرر منهم وإنصافهم وعوائهم .

الكل تابع مسلسل تشكيل الحكومة حيث سقطت خيارات عدة كان من بينها محمد علاوي الذي ولد اختياره كرئيس وزراء ميتاً، وظهر على الشاشات معلناً عن هزيمته أمام حيتان الفساد،  الذين تصارعوا وتنافروا حول مدى صلاحيته ارتباطاً بإمكانيته على تلبية حاجاتهم في الاستمرار بنهب خيرات البلد، وفي اطار تلافي الضرر وإيهام العراقيين بأن الكتل السياسية الماسكة بالسلطة قد خضعت لمطالب الانتفاضة ومن منطلق التقية، وافقت  تلك الكتل على مضض بالسيد مصطفى الكاظمي، أملا منها في الخروج من عنق الزجاجة نتيجة تفاقم أزمة الحكم  وأملا منها في انه سيتحول إلى دمية تحركه متى شاءت كما حصل مع من سبقوه، وبالتالي يستمرون في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق ابناء الشعب لتأصيل بقائهم في الحكم الى أجل غير مسمى لا بل أنهم يخططون البقاء إلى الأبد للإبقاء على العراق كحديقة خلفية للجارة الشرقية ولية نعمتهم أيران، ولا اعفي الطرف الآخر الذي يسعى الى الاستفادة من السخاء الخليجي التركي لتعزيز نفوذهم وتأمين مصالحهم الخاصة.

وما ان أعلن رئيس الوزراء الكاظمي مشروع حكومته الذي تضمن الالتزام بتنفيذ العديد من المهام التي دعا ثوار انتفاضة اكتوبر الى  القيام بها والتي أكدت على" اجراء انتخابات مبكرة بعد استكمال القانون الانتخابي، وتفعيل مفوضية الانتخابات وتطبيق كامل لقانون الاحزاب، لضمان حماية العملية الانتخابية ونزاهتها، بالتعاون مع الامم المتحدة، وفرض هيبة الدولة من خلال حصر السلاح بيد المؤسسات الحكومية والعسكرية، اعداد مشروع قانون موازنة استثنائي، فتح حوار وطني مسؤول وصريح مع فئات المجتمع وحماية سيادة العراق وأمنه- ومكافحة الفساد والعمل على حماية ثروات البلاد الطبيعية وتطويرها، ترسيخ قيم المواطنة مع احترام التنوع الديني والعرقي والقومي في العراق وتمثيله في مفاصل الدولة، ووضع برنامج تمكين وتشغيل شامل للشباب في القطاع الخاص، وتأمين الضمان الاجتماعي مع عناية خاصة لدور المرأة المهم في المجتمع، وتوسيع نطاق الرعاية الاجتماعية لمحدودي الدخل في ضوء الازمة الاقتصادية الحالي، وسد كل الثغرات الممكنة للفاسدين من خلال تحديث منظومات عقود الدولة والياتها ومعايير الاستثمار وتقييم الشركات العاملة، وتطبيق منهجية صارمة في التقييس والسيطرة النوعية،  وتفعيل قوانين الشفافية والحكومة الالكترونية، وتمكين الصحافة الاستقصائية وحرية تداول المعلومات التي تحتاجها وسائل الاعلام لتكون رافداً لمؤسسات الدولة في متابعة ملفات الفساد."

ان  المنهاج الحكومي الذي تألف من(6) صفحات و(ثمانية) اولويات و(6) محاور اثارة حساسية كتل الفساد اذ ان نتائجه غير ملائمة  لتمرير مشاريع فسادهم، رغم انها مررته بغير رغبتها أملا بالالتفاف عليه ولكنها شعرت أن ذلك ليس فيه ضمانات خصوصاً بعد تحركات رئيس الحكومة،  التي حضت على تأييد شعبي حذر، ودولي خصوصا من امريكا ودول اخرى،  لهذا بدأت كتل الفساد  بخلط الأوراق باستخدام لغة الكاتيوشا الى جانب استخدام كل وسائل الترهيب والقتل و الإخطتاف وتأزيم الأوضاع أكثر مما هي مأزومة ، تحت عنوان معاداة الشيطان الأكبر الذي بفضله وصلوا الى دفة الحكم في غفلة من الزمن، وبهذا اصبح السيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بمرمى نيراهم.

عرض مقالات: