سجلت حركة المجتمعات المتطلعة الى التقدم، وعلى مدى التاريخ وعبر تطوراتها المفصلية احداثاً كانت ناهضة نحو تأسيس انظمة عادلة. و مما لا شك فيه، انها نتاج صراع يحصل تحديداً عندما تعجزالطغم المتسلطة عن الاستجابة للتساؤلات التي تطرحها الحياة وبالتبعية تقتضيها مصالح الشعوب. التي يترافق معها بالضرورة، بروز طبقات اجتماعية مهضومة الحقوق، تنشد التحرر والعدالة الاجتماعية وكسر قيودها لغاية تغيير واقعها المرير.

وعودة على بدء وعن همومنا العراقية، حيث شهدنا العديد من التقلبات السياسية وكانت تنطبق عليها المعادلة ذاتها سالفة الذكر. باستثناء الانقلابات الفاشية وحركات الردة. بمعنى اذا لم تستجب السلطات لارادة الجماهير النابعة من حاجاتها الحياتية الملحة. حينها تتشكل " عناقيد الغضب " المحركة للثورة على الطغيان. لقد حصلت انتفاضة تشرين العراقية عام 2019  كحصيلة منطقية لاختمار الوضع الثوري، حقاً انها قد انطلقت هادفة الى تغيير النهج السياسي الطائفي، الذي تكلل بالفشل والفساد والتبعية الخرقاء. وكان المتغير "راس السلطة" صاحب القرار. لذا ينبغي تكريس مهمته  بالاتيان بما هو معيار للتغيير، اي تحقيق مطالب الجماهير المتمثلة بالانتقال الى نهج سياسي جديد يرسي قواعد بناء الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية .

وفي ذات الامر. نتساءل: هل تصرف رئيس الوزراء" السيد الكاظمي " وفقاً لرؤيته الشخصية  ام لم ينفك عن التقيّد بـ"الوصايا العشر" التي فرضتها عليه الكتل المتنفذة كثمن لتكليفه..؟!. وكما يبدو من خلال بواكير اعماله. ظل ماراً على حافات المهمات المطلوبة، ولم يعمل في صميمها. وقد تجلى بشكل واضح لبعض قراراته القلقة وغير الثابتة. في حين كان المؤمل منه غير هذا. زد على ذلك اقدامه على تعين شخوص من اوساط الفاسدين، وتجديد تراخيص العمل لشركات الهاتف النقال المتهمة بالفساد.. صحيح انه بات يمشي على حقل الغام. اذ ان المتصدين له من الفاسدين كثر، وهم من  المستهدفين قبل غيرهم من عملية التغيير، . وكان اغتيال المرحوم " هشام الهاشمي "  انذاراً مقصوداً للسيد الكاظمي تحديداً.  

ان مظاهر تمادي القوى المتنفذة على حكومة الكاظمي امسىت بمثابة جواب على قراراته. فعلى سبيل المثال وليس الحصر، عندما يقول السيد رئيس الوزراء انه: سيحصر السلاح بيد الدولة، يقوم خصومه بإمطار المنطقة الخضراء بالصواريخ، او الاستمرار بعمليات الاغتيالات  الشهيد { هشام الهاشمي } مثالاً. كما كان رداً على اعلانه لنواياه القاضية بملاحقة قتلة المتظاهرين، والأنكى من كل ذلك يقوم احد رؤساء الكتل المتنفذة باستدعاء وزراء الكاظمي واعطائهم التوجيهات وكأنه هو صاحب القرار بادارة الحكومة.. ولانعلم ان كان هذا من ضمن الشروط العشرة سيئة الصيت !!.

ان نمط اجراءات رئيس الوزراء " القشرية "، اذا صح هذا التعبير، لم ولن تحقق له دعماً جماهرياً يقيه من شرور خصومه الذين باتوا يدركون تماماً نقاط ضعفه، للاسف الشديد. مما اعطاهم العزم وشجعهم على المضي باستهدافه والتجاوزعلى صلاحياته دون خشية. الامر الذي من شأنه ان يمهد لمقدمات فاعلة تصب في مجرى اسقاط حكومته. غير ان خصوم الكاظمي لا يخشونه بقدر ما يخشون الجماهير اذا ما التفت حوله. وعليه يسعى المتنفذون لقطع كافة السبل التي توثق التربط الجدلي بين الكاظمي والجماهير الثائرة، من خلال تحقيق مطالب المتظاهرين، الذي يخلق بدوره عوامل نجاحه في البقاء على راس السلطة لانجاز برنامجه الحكومي. وكل يوم يسخن الصراع ولكن السيد الكاظمي يخوضه باردا ودون غطاء يذكر.!!. وتبقى الجماهير الباحثة عن مُنقذ تترقب متى تحين  اللحظة التي تسخن فيها "يده الحديدية ".. ربما غداً والغد لناظره قريب.    

عرض مقالات: