تستقبل الطبقة العاملة وكافة شعوب العالم يوم الاول من أيار بأعتباره مناسبة وطنية واممية في آن واحد وهي تأكيد لمكانة الطبقة العاملة في المجتمع ومركزها المرموق في حركات الشعوب التحررية ودورها التاريخي في دفع عجلة التطور الاجتماعي الى الامام من اجل تحقيق هدف البشرية جمعاء في تصفية كافة اشكال الاستغلال الطبقي وكل مظاهر الظلم الاجتماعي.
ولا شك في ان هذه المكانة المرموقة والسامية التي تحتلها الطبقة العاملة والثقة العالية التي منحتها إياها الكادحون ماهي الا حصيلة مسيرة طويلة مليئة بالصعوبات والمخاطر قطعتها بالنضال والتضحيات الجسام وتحمل اشد انواع المتاعب والاضطهاد من قبل الطبقات المستغلة لها .
وفي العراق فأن بنائه وتقدمه وازدهاره وتحرر بناته وأبنائه من كافة اشكال الاضطهاد والتعسف والاحتلال لا يمكن ان يتحقق من دون دور الطبقة العاملة وجماهير الكادحة العراقية والتي تقع على عاتقها مهمات اولية واستثنائية غير قليلة ولما كان هذا الامر ذو اهمية كبيرة نجد من الضروري الالتفات نحو هذه الطبقة المعطاء والتي قدمت للعراق تضحيات جليلة وشاركت منذ نشوئها في كافة نضالات الشعب العراقي الوطنية والطبقية والمطلبية والاقتصادية ولم ينحصر دورها فقط فقد انطلقت مندمجة بحركتها النقابية الديمقراطية مع كافة الطبقات والفئات الاجتماعية من اجل وطن تسوده العدالة الاجتماعية والرفاه وحرية الرأي والتنظيم بما فيها حرية التنظيم النقابي والحقوق والحريات النقابية وأن اكبر مشكلة صادفت الطبقة العاملة وحركتها النقابية الحرة هي مشكلة مصادرة الحقوق والحريات النقابية وهذه القضية لم تقتصر على العراق فقط وانما شملت اكثرية البلدان فنجد انه هناك الاف مؤلفة من العمال محرومين ليس فقط من دورهم في الحياة السياسية وانما ايضا من حقهم الطبيعي في العمل والتنظيم النقابي. وانعكس هذا الامر ايضا على حرمانهم من إمكانية تنظيم انفسهم وإنارة شؤونهم عن طريق الدولة او الأحزاب والنقابات وبالتالي تعرضهم الى الاٍرهاب والاضطهاد من اجل منعهم من نيل حقوقهم ومطاليبهم المشروعة .
لقد كانت مرحلة حكم حزب البعث الفاشي من اشد المراحل قسوة وهمجية ليس ضد الطبقة العاملة وحركتها النقابية فحسب وانما ضد جميع الفئات العراقية التي تشك بولائها وضد كل تجمعاتها المهنية والثقافية وقد بدات هذه المرحلة اكثر عداء وهمجية ضد العمال ونقاباتهم واتسمت بالهيمنة على الحركة النقابية وتجييرها لخدمة مآربها والغاء استقلاليتها الحرة محرفة بذلك توجهاتها الديمقراطية وابدالها بتوجهات حزبية ضيقة ولعبادة فكرة القائد الضرورة من اجل افراغ محتواها الثوري . وبعد عام 1968 ووصول حزب البعث الفاشي الى الحكم واصل الاتحاد العام لنقابات العمال الرسمي آنذاك نشاطه لكن ظل ضعيفا هزيلا يستند الى السلطة وينفذ مآربها . وكانت الكارثة الحقيقة في حل الاتحاد العام لنقابات العمال حسب قانون رقم 150 لسنة 1987 وقانون رقم 1 لنفس العام وجعل عمال الدولة موظفين خاضعين لقانون الخدمة المدنية كذلك اصدر النظام الدكتاتوري جملة من القوانين والقرارات الاخرى المعادية للحقوق النقابية بهدف تجريد العمال من التنظيم النقابي. وحولت السلطة آنذاك النقابات الى ثكنات عسكرية تجبر العمال على الانتماء اليها . وكانت اكبر مأساة عاشتها الطبقة العاملة العراقية اثناء فترة الحرب المدمرة مع ايران والتي استمرت ثمان سنوات حيث تم زج ب ٥٠في المائة من القوة العاملة في سعير تلك الحرب الكارثية اضافة الى الخسائر البشرية في صفوفها والخسائر الاقتصادية كذلك لم تسلم هذه الطبقة المعطاء من الواقع المأساوي خلال احتلال دولة الكويت وهزيمة الجيش العراقي وقيام الحصار الاقتصادي الجائر التي عانت منه كما هو الحال مع جميع الفئات الكادحة من ابناء شعبنا العراقي بينما بقي رجال السلطة الفاشية وعلى رأسهم المقبور صدام حسين بعيدا عن نتائج هذا الحصار الاقتصادي المدمر .