في ظل أوضاع استثنائية، مع تفشي وباء الكرونا، والأزمات الاقتصادية التي سببها، والانعكاس على نوعية مجمل النشاطات الاجتماعية، يستقبل العالم الأول من آيار، عيد الطبقة العاملة. وأن الذكرى الخالدة التي رسمها بدمائهم عمال شيكاغو عام 1886 حين تظاهروا تحت شعار " يوم عمل من ثماني ساعات فقط" ستظل خالدة في ذاكرة كادحي الشعوب. ظهرت أنظمة وزالت واشتعلت وانتهت حروب، وتحققت انتصارات وحصلت انكسارات، والطبقة العاملة العالمية تواصل نضالها من اجل انتزاع المزيد من حقوقها المشروعة، فهي أدركت، والتأريخ علمها، ان الحقوق تنتزع بالنضال ولا توهب كمكرمة من سلطة او حاكم.

هكذا واصلت النقابات والاتحادات العمالية، وبمختلف الطرق والوسائل النضال في مواجهة قوى الرأسمال والليبرالية الجديدة وخياراتها اللاإنسانية، التي تحاول الالتفاف على ما تحقق من منجزات الشعوب ونضالات الطبقة العاملة في البعض من بلدان العالم المتحضر.

في العراق، في سنوات العهد الملكي، ابتدعت الطبقة العاملة العراقية اساليبها، وفق الظروف والامكانيات، لإحياء هذا اليوم وتجديد مطالبها بحقوقها النقابية وزيادة الاجور وتحسين ظروف العمل والتمتع بالحريات الديمقراطية. ونجحت بعد ثورة ثورة الرابع عشر من تموز 1958، في تحويل يوم الاول من ايار، الى عيد شعبي، يشارك في الاحتفاء به ليس العمال وحدهم، وانما مختلف شرائح المجتمع العراقي، وفي ذاكرة التاريخ المسيرات المليونية الاحتفالية بهذا اليوم المجيد.

انتكست احوال الطبقة العاملة، وتراجعت الحياة النقابية، في فترة الانظمة المتعاقبة على حكم الشعب العراقي، خصوصا، حكومات البعث الفاشي، الاولى والثانية، إذ عمد النظام الديكتاتوري الصدامي الى الغاء صفة العمال، فضلا عن جعلهم وقوداً لحروبه المجنونة التي لم تتوقف الا بسقوطه على يد قوى الاحتلال الامريكي التي كانت سياسات نظامه الرعناء سببا أساسيا في استقدامها وغزوها العراق.

وبعد مسيرة سنوات من سقوط النظام الديكتاتوري، فان عراقنا ما يزال يعيش ازمة عامة متواصلة، في مقدمتها الفشل في إقامة بديل ديمقراطي حقيقي. ان الازمة البنيوية المزمنة للدولة قادت الى ظهور حكومات المحاصصة الطائفية والاثنية، التي عانى من نتائجها ابناء شعبنا العراقي، وفي مقدمة ذلك ابناء طبقتنا العاملة وكادحو شعبنا من ذوي الدخل المحدود لم يحقق البديل المحاصصاتي للشعب العراقي والطبقات الكادحة، الحلم بحياة كريمة، وفي هذه الأيام، في ظل أجواء الازمة الاقتصادية، العالمية بتأثير جائحة الكورونا ، وإذ يجعل الطابع الريعي للاقتصاد العراقي المعتمد على الموارد النفطية، تحت رحمة سوق النفط العالمية، الذي يخضع لإرادة كبار الشركات، فالمتوقع ان الشرائح الفقيرة وكادحي الشعب سيتحملون القسط الأكبر .

ان الطبقة العاملة العراقية، لن تتوقف عن النضال من اجل الارتقاء بعملها النقابي، وانتزاع المزيد من حقوقها، وان يكون لها دور مهم في الصراع بين خيارات المستقبل وتحديد شكل الدولة، التي تضمن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية لعموم الناس وعلى اساس المواطنة. وأنها ستكون طرفا مشاركا مهما في حركات الاحتجاج المطالبة بالتغيير، فالاسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي جاءت انتفاضة تشرين على خلفيتها، لا تزال قائمة، ومعاناة الشعب العراقي، تزداد مع استمرار تفشي الفساد وغياب العدالة الاجتماعية، وهذا يدعو طبقتنا العاملة ليس لدعم الحراك الاحتجاجي ومطالبه المشروعة، حتى تحقيق التغيير المطلوب، بل وان تكون جزءا فاعلا فيه.

هذا الملف تقدمه طريق الشعب تحية لنضالات الطبقة العاملة العراقية، وشهدائها الذين عمدوا بدمائهم المسيرة النضالية الخالدة.

وتحية للعمال المناضلين وهم يواصلون الكفاح والعمل دون كلل، حالمين بغد سعيد للجميع ... غد المواطنة والعدالة الاجتماعية.

المجد للأول من أيار عيد العمال العالمي ورمز الكفاح من اجل العدالة.

عاشت الطبقة العاملة العراقية وحركتها النقابية المكافحة.

مجدا لكل شهداء الطبقة العاملة العراقية.

النصر لنضال عمال وكادحي العالم من اجل مستقبل انساني، بلا حروب واستغلال.