تحتفل شعوب العالم في الأول من أيار من كل عام بعيد العمال العالمي، هذا اليوم الذي أصبح تقليدا" وعيدًا سنويًا تحتفل به الطبقة العاملة في كل العالم تخليدًا لذكرى العمال الذين سقطوا برصاص الشرطة الأمريكية. ففي هذا اليوم يحتفل العمال وسائر شغيلة اليد والفكر في مختلف بقاع العالم، باعتباره عيدا" للتضامن الكفاحي، والنضال العنيد، من اجل الحريات النقابية والسياسية، وفي سبيل الديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية، عيدا للكفاح من اجل عالم خال من الاستغلال والاضطهاد والتمييز بكافة انواعه".

ويُعزى أصل هذا العيد إلى الإضراب الذي قام به العمال في مدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1886، فنتيجة للتطور الاقتصادي الذي حدث في الولايات المتحدة، ودول أوربية عديدة وتحولها في ذلك الوقت من مرحلة الرأسمالية إلى مرحلة الإمبريالية دفع بأصحاب الشركات والرأسماليين لإستغلال العمال وزيادة وقت العمل من 14 إلى 16 ساعة كل يوم لتحفيز تطوّر الاقتصاد، مقابل اجور قليلة، فيما أثار هذا الاضطهاد الشديد غضب العمال، وأدركوا أن اتحادهم وكفاحهم ضد الرأسماليين من خلال الإضرابات، هو الطريقة الوحيدة للحصول على ظروف معيشية أفضل، وطرحوا شعار الإضراب، وتحديد ساعات العمل بثماني ساعات.

وفي عام 1877، بدأ أول إضراب على المستوى الوطني في تاريخ أمريكا، ونظّم العمال مظاهرات كبيرة، واندفعوا إلى الشوارع، وطالبــوا الحكومة بتحسين ظروف العمل والمعيشة، وتقصير دوام العمل إلى ثماني ساعات يومياً، وازداد عدد المتظاهرين والمضربين بسرعة في بضعة أيام، ما دفع الحكومة الأمريكية تحت هــذه الضغوط الكبيرة إلى وضع قانـون لتحديـد دوام العمل اليومي بثمـان ساعات، غير أن الرأسماليين واصحاب المصانع لم يلتزموا بهذا القانون، بل واصلوا استغلالهم للعمال واجبروا العمال على العمل بلا انقطاع.

وفي تشرين الأول عام 1884 اجتمعت ثماني نقابات كندية وأمريكية في شيكاغو الأمريكية، وقررت الدخول في إضراب شامل في الأول من أيار عام 1886، لأجل إجبار الرأسماليين على تطبيق قانون العمل لثماني ساعات، وبالفعل توقف العمل في الأول من أيار في المئات من المصانع الأمريكية وخرج العمال إلى الشوارع في مظاهرات ضخمة، وشلت هذه التظاهرات المصانع الكبيرة وانخفض انتاجها، وحاولت الحكومة قمعها بالقوة، الأمر الذي أشعل نيران كفاح العمال في أنحاء العالم، ودخل العمال في أوروبا، والقارات الأخرى في إضرابات واحداً تلو الآخر، ونتيجة لذلك قامت الشرطة الأمريكية بفتح النار على العمال المتظاهرين مما ادى الى سقوط اربعة قتلى من العمال المضربين في احدى الشركات الزراعية، بعدها عم الغضب انحاء العالم، وامتلأت ساحة هاي ماركت بالمتظاهرين ليعربوا عن استنكارهم وغضبهم من استعمال العنف ضد العمال المتظاهرين وتدخلت الشرطة لقمع المتظاهرين بالقوة وألقى احدهم قنبلة يدوية وسط الشرطة الأمر الذي ادى لسقوط 12 عاملا" متظاهرا" وبعض رجال الشرطة وآخرين واتهم المتظاهرون بذلك وتلى ذلك محاكمة مثيرة للجدل حيث تمت محاكمة ثمان عمال وتم الحكم بالأعدام على 7 منهم بتهمة إثارة الفوضى، وبعد أشهر اضطرت الحكومة الأمريكية إلى تنفيذ قانون العمل لثماني ساعات.

 وفي تموز عام 1889، افتتح مؤتمر الأممية الدولية في باريس الفرنسية، وقرّر تحديد الأول من أيار من كل سنة عيداً لجميع البروليتاريين في العالم، وفي هذا اليوم من عام 1890 بادر العمال في أمريكا وأوروبا بتسيير مظاهرات كبيرة للاحتفال بنجاح كفاح العمال، ليصبح الأول من أيار يومًا لكل عمال العالم.

وبهذه المناسبة نحيي عمال العراق، وهم يستذكرون بفخر تاريخهم الحافل بصور الاقدام والتفاني والتضحيات، دفاعا" عن قضية الشعب والوطن، وعن مصالحهم وحقوقهم السياسية والاجتماعية، الاقتصادية والنقابية، ومن اجل ظروف عمل وحياة أفضل. فقد كان للطبقة العاملة العراقية شرف المساهمة المبكرة في النضال، منذ تبلور وعيها الطبقي والسياسي، في العمل على تحقيق الاستقلال والسيادة الوطنية.

كما ونحيي الطبقة العاملة في مختلف بلدان العالم في نضالهم النبيل من اجل عالم جديد، عالم خال من كل انواع الاستغلال والتمييز والاضطهاد، عالم تسوده قيم الحرية والديمقراطية والسلام والعدالة، بعيدا" عن الحروب والهيمنة والتسلط ومصادرة حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، واختيار النظام السياسي-الاجتماعي الذي تريد.

ان عيد الاول من ايار المجيد وفي الظروف الصعبة والمعقدة التي يمر بها بلدنا اليوم، هو مناسبة لتحشيد وتوحيد قوى طبقتنا العاملة وكادحي بلادنا، من اجل استعادة السيادة الوطنية، واعادة بناء الوطن واعماره، وعودة الحياة الطبيعية والاستقرار الى البلاد، ومكافحة البطالة المستشرية، وتوفير فرص عمل جديدة، وتأمين حقوق العمال كافة.

أننا على قناعة بأن الطبقة العاملة العراقية وكل شغيلة اليد والفكر سيحولون ذكرى الاول من ايار الى مناسبة لمزيد من العمل والعطاء المثمر، ورفع وتيرة النضال من اجل قضايا شعبنا العراقي العادلة، وتوسيع صلاتهم مع جميع طبقات وفئات الشعب وتبنيهم مطالبها المشروعة ودفاعهم عنها.

لنجعل من الاول من ايار مناسبة لتعزيز دور الطبقة العاملة العراقية وزيادة فاعليتها في الدفاع عن حقوق العمال والكادحين والمشاركة النشيطة في اعادة بناء الوطن واعماره وتحقيق الامن والاستقرار في ربوعه .

تحية نضالية للطبقة العاملة العراقية وسائر كادحي شعبنا!

عاش الاول من ايار، عيد العمال العالمي، عيد الكفاح والتضامن الاممي ضد الاستغلال والاضطهاد، ومن اجل الحرية والديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية.