بعد سقوط نظام الدكتاتورية بطريقة حرب احتلال وصفت بالمدمرة قادتها الادارة الامريكية بعد توصلها الى ان مصالحها في المنطقة تتطلب اسقاط نظام جيئت به بقطار امريكي حسب اعتراف قيادة الانقلاب ضد ثورة 14 تموز حينها.

 تسلقت طبقة سياسية بأحزابها الى السلطة  بأشراف الاحتلال ( الحاكم الامريكي بريمر )  بانتخابات شابها التزوير والترغيب واستغلال وعي الجماهير المرتبك حينها، بعد خروجه تواً من نظام بشع سطٌح وعي الناس بأدوات قسرية واعلام تضليلي ، لمدة خمسة وثلاثون سنة من الحروب والقمع والتشويه للمجتمع .لذلك اتجهت احزاب الطبقة السياسية   الى المنتخبين  حينها  بحملات انتخابية مبتدئة   بتوزيع ( البطانيات والصوبات)!! في الشتاء لتقيهم برد الشتاء وحرارة الصيف، وتطلق الوعود البراقة بتغيير وضعهم الاقتصادي والاجتماعي نحو الاحسن وتعيد كرامتهم التي سلبت!!، لكن كل من هذا لم يحصل، بل فاجأتهم بحروب طائفية سياسية بشعة استخدمت فيها كل انواع الاسلحة وتمزقت خلالها اللحمة الوطنية وحلت محلها الهويات الفرعية، وهذا ما اسس له نظام المحاصصة الطائفي القومي خلال الستة عشر عاما

لكي يوغل في نهج فاشل يقود الى الازمات و الاستحواذ على المال العام ونشر الفساد في جميع مؤسسات الدولة ليصبح ظاهرة لا تقل خطرا وفتكا من الارهاب الداعشي اذا لم نقل  يفوقه من حيث امتلاكه للمال والسلاح وانتشاره على مستوى البلد ، حتى ان الفساد  الظاهرة ، كونت مليشيات مسلحة بأحدث الاسلحة توجه افرادها  لقتل الناس والاستيلاء على املاكهم وتقسيمها على شكل حصص لمنتسبيها  ، هذه المليشيات الخارجة على القانون لم تكتشف لحد الان بسبب الغطاء الحكومي لها وحمايتها ،لذلك تشدد   القوى الوطنية والديمقراطية والمرجعية دائما على حصر السلاح بيد الدولة وحدها ،

ومع الانتفاضة  السلمية واتساعها في اكتوبر وانتشارها في جميع محافظات الوطن، وما اظهرته من وعي ومسؤولية وطنية ،  اخافت حكومة المحاصصة وهزت الكراسي من تحتها ،مما جعلها تأمر القوى الامنية والقناصة لقتل المتظاهرين،  وهذا ما حصل حيث سقط المئات من الشهداء والالاف من الجرحى والمعوقين ، ولما لم تجد اساليب الحكومة طريقا لإيقاف الانتفاضة السلمية وزخمها ومطالبها المشروعة ، التي اعتبرت خارطة طريق للوصول لتحقيق اهدافهم ، ومنها تشكيل حكومة مستقلة نزيهة خارج المحاصصة ، وقانون جديد عادل ومنصف وقانون احزاب جديد ومفوضية انتخابات مستقلة عن احزاب السلطة ، ذهبت باتجاه اللجوء الى اساليب   خبيثة مخابراتية  سبق لأنظمة القهر والقمع والاستبداد التي مرت بالعراق، أن استخدمتها ضد الجماهير وحركاتهم المعارضة لها ، فراحت تزج بمرتزقتها المدربين والمجربين سابقا في اجهزة ومخابرات نظام البعث الساقط  على اساليب القمع والاختطاف والتغييب ، لتدفع بهم  الى داخل الحراك الشعبي وتظاهراته الواسعة  ومنتفضيه السلميين ، لتشويه صور الانتفاضة الاكتوبرية ، بعد ان وجدت ان سلمية الانتفاضة خرجت من امتحانها وهي موحدة و اكثر تمسكا بالسلمية مع الاصرار على اهدافها المطروحة ولن تُجر الى العنف مهما حاولت اجهزة السلطة جرها الى ذلك ،وما جرى بالسنك والخلاني واخرها في الوثبة ماهي الى اساليب قمعية وحشية تشير جرائمها الى ان مرتكبيها متفننين بخبث وينتمون الى نفس الجهة ، ولهم في ذلك هدف واضح هو تشويه صورة الانتفاضة السلمية الرائعة الواسعة المحمية بهذا السياج الحصين من الجماهير السلميين ، وقد شوهدت فديوهات من الساحات لأشخاص مرتبطين بجهات حكومية معروفة يتواجدون وقتها مع المتظاهرين ، ،ليتدخلوا بعد وصول الاشارات اليهم حسب الاتفاق !!

ان هذه الاساليب الخبيثة لن تنطل على المتظاهرين السلميين فقد خبروها جيدا.

ان معركة شعبنا من اجل التغيير والاصلاح  اليوم،  مع نظام المحاصصة بطبقته السياسية المصرة على البقاء مهما سالت الدماء الزكية لأبناء الشعب ، تزيد من اصرار المنتفضين وعنادهم الثوري لإزاحتهم سلميا، فهو السلاح الأمضى والمجرب لدى المنتفضين ولا يوجد بديل للسلمية في هذه المعركة التي وصفتها المرجعية( بالمتأخرة) لكنها قد اختزنت تجربة من الوعي والثقافة وخبرة الحياة ،لتوظيفها في انتفاضة الحراك الجماهيري السلمي في تشرين وهذا سر ديمومتها واتساعها ، ومنتفضي شعبنا العراقي باقون في ساحات الاعتصام والتظاهر مهما حاولت الحكومة واجهزتها الامنية ومخابراتها وطرفها الثالث  من استخدام القمع والقتل والخطف والاعتقال والاساليب الدنيئة الاخرى التي تستخدم مع المعتقلين والمختطفين ، وهذه حقيقة اصبحت واقعا لا يمكن تجاوزها مهما حاولت حكومة الطبقة السياسية ، ان تهرب الى الامام لعلها تسلم بجلدها وتحافظ على مصالحها وامتيازاتها على حساب جوع وحرمان ابناء الشعب العراقي من ثروة وطنهم المنهوب المسروق .

نقول لمنتفضي شعبنا البواسل سياتي اليوم الذي يقف التاريخ امام شجاعتكم ووعيكم وعنفوانكم وسلميتكم، ليسجل انتفاضتكم الباسلة في صفحاته الناصعة، مسجلا انصافكم مخلدا شهداءكم الابطال المتصدين للقهر والفساد.

النصر حليفكم كونكم طالبي حقوق مشروعة في مقدمتها العدالة الاجتماعية ودولة مواطنة.

عرض مقالات: