سؤال يتداوله الكثير من العراقيين ، كل يوم . يُتداول  بسيكولوجيا (الغضب) من أناس يشكلون  اكثرية ( محكومة) يتظاهرون في الشوارع و الساحات العامة و يُواجه بسيكولوجيا (الهلع ) من أناس  يشكلون أقلية (حاكمة ) معزولة بالمنطقة الخضراء  . انه تفاعل مفرط بين فورات الغضب و ردود فعل الهلع . بمعنى تفاعل مفرط بين الحكام و المحكومين. . بين كثرة من الشباب المتظاهرين السلميين الساعين الى التحرر الاجتماعي العاطفي  و بين قلة من الساعين الى التخدير السيكولوجي  و تقييد حركة الناس و السيطرة عليهم .

هنا يظهر العناد من جانبين : 

عناد الطبقة الحاكمة وأحزابها المعتمدة على بارود مدافع الجيش و الشرطة و الهليوكوبتر وميليشيات الرشاشات والموتورز و عناد الطبقة المحكومة وحركتها العفوية،  ليس في مواقع صفوفها غير التفاعل الفسيولوجي - العاطفي النبيل.

عناد ثوري يقابله عناد مقيت .

جمع شبابي  ضاغط تحت زمن المعاناة و الألم ضد فئة الفاسدين، الذين طغت عليهم خلال ١٦ سنة مضت آليات تكييف نفسية متسلطة بالمنطقة الخضراء من بغداد بمواجهة الملايين الثلاثين من جماهير كادحة،  بمنطقة حمراء، مشتعلة بالفقر و المعاناة و البطالة والاضطهاد، خلال نفس الفترة،  أدّت الى اضطرابات طويلة و عريضة في حياتهم الاجتماعية و الاقتصادية  بظل كوابيس يومية تريد الخلاص من صور الصدمات المتراكمة، حيث يتطفل نظام الحكم باعتباره ضابطاً فعلياً على الحياة السياسية ، التي تشكل حياة قاسية صادمة لأجيال الشباب منذ عام ٢٠٠٣ حتى هذه الساعة .

من السائلين قسم كبير من اصحاب و اعوان و مؤيدي الرئيس أنفسهم . السؤال هو :

لماذا يتمسك عادل عبد المهدي بكرسي رئاسة الوزراء .. ؟

ما نوع الثقافة التي تجعله متمسكاً بالمنصب بالرغم من تعددية الأسباب..؟

هل يملك منظوراً خاصاً لتوفير قدرة (السلطة القمعية)  على تذويب العلاقة بين (الغضب الشعبي) و (الهلع الحكومي)  مبنية و قائمة على تحويل القوات المسلحة العراقية ( الجيش و الشرطة و الحشد ) الى نوع من الميلشيا الطائفية ذات السلوك العنيف الشبيه بميلشيا الحرس الثوري الإيراني القادر على قمع الثورات و الانتفاضات الإيرانية المتعاقبة . 

يعتمد عادل عبد المهدي على تجربة إيرانية متكاملة في تحليل أصول الغضب الجماهيري و مشاعره و تحويله الى بنية حكومية خاضعة لمساعي الدولة الطائفية و أهدافها و اساليبها في القتل و الاختطاف و اعتقال الآلاف من المتظاهرين السلميين. لذلك فأن الرئيس عادل عبد المهدي لن يستقيل لأن ثقافته هي من منظور تحويل الرعب الحكومي و هلع الأقلية الى سلوك عدواني مرقع و مبرقع بمصالح الدولة العليا و ما شابه. يحاول الرئيس عادل عبد المهدي الى (تحويل) الهلع الحكومي الى (ممارسة) لتحفيز العدوان واساليب العقاب لدى الأجهزة الأمنية القمعية ( الجيش و الشرطة و الحشد) . ربما يحاول بأساليب ملتوية الهروب من الاعتراف بالقمع اعتماداً على أساليب ديماغوجية مكشوفة ينفذها كل من اللواء عبد الكريم خلف الناطق العام باسم القوات المسلحة و العميد خالد المِحنة الناطق باسم وزارة الداخلية حيث نظرياتها الفلسفية - الإعلامية تقوم على الحالة الأسلوبية المقيتة المتمثّلة في الغوبلزية الهتلرية . 

يحاول الرئيس عبد المهدي ان يكون نظام حكمه على نوع من الذات النفسية السيكولوجية القائمة على افتراضات الثقة العمومية القادمة من العشائرية و الطائفية ، التي تظل تزدري بدون حياء و خجل استقلالية و كرامة الانسان  العراقي.

يظل الرئيس عادل عبد المهدي واصحابه في السلطات الثلاثة قامعاً ، بالحديد و النار،  مظاهرات كبيرة لم يشهد لها التاريخ العراقي مثيلاً على الإطلاق . كما تظل المظاهرات تطالبه بالاستقالة كأول مطلب من مطالب المتظاهرين. 

ـــــــــــــــــــــــــ

بصرة لاهاي في 24 – 11 – 2019

عرض مقالات: