في جولة الانتخابات التشريعية الفرنسية، في السابع من تموز الحالي، حقق تحالف اليسار "الجبهة الشعبية الجديدة" فوزا مفاجئا، لكنه لم يحصل على الأغلبية المطلقة.

ووفقا ً للتقاليد المتبعة، يطالب تحالف اليسار الرئيس ماكرون، بتكليف مرشحه لتشكيل الحكومة. لكن ماكرون لا يفكر في ذلك. وينفي أن يكون هناك فائز في الانتخابات، لعدم وجود قائمة حققت الأغلبية المطلقة. ويلعب ماكرون على عاملي الوقت والخلافات بين أحزاب الجبهة الشعبية الجديدة، ويعمل على إيجاد تحالف بديل مع الجمهوريين المحافظين حتى لو اقتضى الامر القبول بكل شروطهم.

تعاني الجبهة بعد انتصارها من خلافات حادة تعود لاعتراضات الحزب الاشتراكي وتهديده بعرقلة كافة المفاوضات، والبيانات والمواقف الحادة الصادرة من حركة "فرنسا الأبية".

ولممارسة الضغط أرادت الجبهة الشعبية، تقديم بديل سريع لرئيس الوزراء المنتهية ولايته غابرييل أتال. الحزب الاشتراكي، الذي يمثل ثاني أقوى قوة في كتلة نواب الجبهة الشعبية بعد حركة فرنسا الأبية، تسبب في افشال الجهود، لإصراره على ترشيح زعيمه أوليفييه فور إلى منصب رئيس الوزراء.

في بيان نشر الاثنين، أعلنت حركة فرنسا الأبية أنها لن تشارك في أي اجتماعات أخرى حتى يتم الاتفاق على مرشح مشترك لرئاسة الجمعية الوطنية المنتخبة حديثا ويتخلى الحزب الاشتراكي عن حق النقض ضد مرشح لمنصب رئيس الوزراء.

في نهاية الأسبوع، سلط رفض ترشيح هوغيت بيلو لمنصب رئيسة الوزراء الضوء على الخلافات العميقة داخل الجبهة الشعبية الجديدة.

كان الحزب الشيوعي الفرنسي قد رشح وغيت بيلو، وحظي الاقتراح بدعم حزب الخضر. وكانت أوغيت بيلو أول ممثلة من لجزيرة ريونيون الواقعة في المحيط الهندي يتم انتخابها لعضوية الجمعية الوطنية الفرنسية في عام 1997، واستمرت حتى عام 2022. كانت السيدة البالغة من العمر 73 عامًا عضوًا في الحزب الشيوعي في جزيرة ريونيون من عام 1974 إلى عام 2012 وترأست حزب بور لا ريونيون منذ عام 2012. وفي عام 2021 تم انتخابها رئيسة للمجلس الإقليمي في ريونيون.

قال زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور إن شخصية بيلو "غير قادرة على تحقيق الإجماع"، وعرقل بذلك ترشيها.

أعلنت هوغيت بيلو، الأحد، أنها لم تعد قادرة على الترشح لرئاسة الوزراء، مشيرة إلى موقف الحزب الاشتراكي السلبي منها.

يتمسك الحزب الاشتراكي بترشيح زعيمه ويعتزم، في جميع الأحوال، تعيين اشتراكي على رأس الحكومة، كما جاء في مقال في مديا بارت: „الحل الوحيد لتشكيل، مع جزء من معسكر ماكرون، أكثريات في سياق العمل البرلماني مستقبلا.

وهنا يكمن الانحراف الاستراتيجي الأكبر عن الأطراف الأخرى في الجبهة الشعبية الجديدة. إن قسماً من الاشتراكيين، وخاصة جناحهم اليميني، الذي يضم شخصيات مثل الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، يرغب في السعي إلى "اتفاق ائتلافي" مع أحزاب ماكرونية، كما قال النائب فيليب برون في الإذاعة الاثنين؛ من ناحية أخرى، يريد أغلبية أعضاء الجبهة تشكيل حكومة على أساس برنامج الجبهة، وتنفيذ جزء منه بواسطة صلاحية المراسيم، ومن وقت لآخر يسعون للحصول على أغلبية للقوانين حيثما كان ذلك ممكنا.

وقالت مارين تونديلييه، السكرتيرة العامة لحزب الخضر، للإذاعة الفرنسية العامة، يوم الأحد: "المشكلة هي أن الاشتراكيين طرحوا اسمًا واحدًا فقط على الطاولة، وهو أوليفييه فور، وقالوا إنه يجب أن يكون هو لأنه زعيمهم". وأضاف تونديلير: "لكن هذا لا يمكن أن يكون حجة".

الشيوعي يدعو إلى اجتماع عاجل

أثار فيتو الحزب الاشتراكي على ترشيح هوغيت بيلو أزمة داخل أزمة ودفع قيادات الأحزاب اليسارية إلى عقد اجتماع طارئ. وكان السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل قد دعا إلى اجتماع طارئ لقادة الأحزاب المؤتلفة في الجبهة، لوضع حد "للازدواجية والغموض". وقال بيان الحزب الشيوعي الفرنسي "أطلب عقد اجتماع مع قادة الاحزاب في أقرب وقت ممكن للخروج من المأزق الحالي. يجب أن نضع حدا للازدواجية والغموض. ويجب على الجميع إظهار الجدية والمسؤولية، دون أجندات خفية". وأضاف: "بقدر تعلق الأمر بنا، نحن نتحلى بالشفافية. وموقفنا علني. لقد أعربنا عن خيارنا المفضل، وسوف لن نلجأ إلى الفيتو. نريد أن نفعل كل ما في وسعنا للمساهمة في تحقيق نتيجة إيجابية".

انتخاب الرئيس الجمعية الوطنية

من المقرر أن تنعقد الجلسة الأولى للبرلمان الفرنسي الجديد المنقسم الخميس الثامن عشر من تموز، ومن المقرر أن يكون انتخاب رئيس المجلس على جدول الأعمال.

وبحسب صحيفة لوفيغارو، فإن الرئيسة المنتهية ولايتها، يائيل براون بيفيت، تتفاوض مع حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف لتأمين إعادة انتخابها. مقابل منحهم منصب نائب الرئيس، تريد تحقيق "امتناع" اليمين المتطرف عن التصويت لصالحها. وهو احتمال ينفيه المتورطون، ولكنه حدث بالفعل في عام 2022، وإذا حدث مرة أخرى، فإنه سيؤدي إلى استبعاد الجبهة الشعبية الجديدة من منصب رئيسي في السياسة الفرنسية. وتشير آخر الأخبار إلى أن تحالف اليسار تمكن من تسمية النائبة عن حزب الخضر سيريل شاتلين باعتبارها "مرشحة محتملة".

مقترح جديد

مساء الاثنين، اقترح الحزب الشيوعي الفرنسي وحزب الخضر والحزب الاشتراكي شخصية من "المجتمع المدني" لرئاسة الوزراء، وقاموا بتسمية الخبيرة الاقتصادية القريبة من الحزب الاشتراكي لورانس توبيانا، وهي مفاوضة فرنسية في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في باريس 2015 وتعتبر "مهندسة اتفاق باريس" وترأس مؤسسة المناخ الأوروبية، وهي عضو في مجالس الخبراء التابعة لحكومة الهند وحكومة جمهورية الصين الشعبية بشأن التنمية المستدامة. لقد رفضت حركة فرنسا الأبية المقترح فورا لعدم وجود "ضمانات" كافية.

وفي بيان نشر مساء الاثنين، دعت حركة فرنسا الأبية حلفاءها إلى التوصل "فورا" إلى اتفاق "بشأن مرشح مشترك للجبهة لرئاسة الجمعية الوطنية الفرنسية.  واقترحت ان لا يكون المرشح من صفوفها. وأكدت حركة فرنسا الأبية على أنه بدون مثل هذا الاتفاق على مرشح لرئاسة الجمعية الوطنية الفرنسية، ودون التخلي عن حق النقض الذي يتمتع به الحزب الاشتراكي على ترشيح رئيس الوزراء، فإن الحركة "لن تشارك في أي نقاش آخر حول تشكيل الحكومة". يبدو أن حركة فرنسا الأبية تريد الفوز بمنصب رئيس الوزراء.

وعلى إثر ذلك حذّر الشيوعيون "من خطورة إنهاء الحوارات". وقال السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل: "مسؤوليتنا هائلة. سيكون من غير المقبول أن تنسحب أي من القوى من الحوارات التي نجريها منذ أسابيع، وفي ظل خطر استعادة المعسكر الرئاسي اليد العليا. نحن بحاجة إلى الوضوح ويجب أن نكون بمستوى التوقعات الهائلة للفرنسيين".

عرض مقالات: