بسام الصالحي لـ (الميدان):
- واثقون في قدرة الشعب السوداني بقيادة الحزب الشيوعي والقوى الديمقراطية من تحقيق أهدافه.
- الشعوب العربية تشعر بالمهانة من هرولة حكوماتها نحو التطبيع مع إسرائيل.
- ان الولايات المتحدة والناتو يقوموا بعمل كل شيء من اجل استمرار تكريس الهيمنة والقطب الواحد.
- الولايات المتحدة هي عائق اساسي امام التحرر وانهاء الاحتلال.
- نريد لحزبنا أن يكون حزباً للمستقبل.
- نتمسك بحقنا في الدولة كما نفهمها كدولة حقيقية ذات سيادة.
- نتطلع لتعزيز مقاطعة إسرائيل في مؤتمر الأحزاب الشيوعية القادم بكوبا.
مؤخراً، طفت تطورات سياسية كبيرة في القضية الفلسطينية، وظهرت للسطح لأول مرة إتجاهات مباشرة من حكومات عربية في أسيا وأفريقيا، للتطبيع مع إسرائيل. وفي المقابل فإن السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط هي الأخرى، ومنذ عهد ترامب، إختطت نهجاً جديداً، فيه تغييب متعمد لحل الدولتين كحل متفق عليه وتدعمه الأمم المتحدة. ويأتي هذا أيضاً وسط حالة من الإنقسام والشذ والجذب بالداخل الفلسطيني،. واحد من الأحزاب السياسية العريقة والتي كان ولا يزال لها دور كبير في ماضي وحاضر ومستقبل، فلسطين وله رأي واضح حول القضايا، منطلقاً من منهج مادي جدلي يجعله يرى الأشياء، على حقيقتها وإن شابها بعض أو كثير من طمس وتمييع لدى البقية، هو حزب الشعب الفلسطيني. (الميدان) إلتقت أمينه العام ووضعت أمامه هذه القضايا وغيرها، كما ستجدونها في متن الحوار :
- بداية...كيف تنظرون إلى هرولة بعض الحكومات العربية نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، خاصة وأن ذلك مثّل إنقساما حادا في الإجماع العربي حول مركزية القضية الفلسطينية، وهناك حكومات تخلت عن دعم هذه القضية. ماذا يمثل لكم هذا في حزب الشعب الفلسطيني؟
- لا شك ان هذا الانحدار في موقف بعض الدول العربية باتجاه التطبيع يمثل انحدارا في مصداقية والتزام هذه الدول مع ذاتها أولا، ومع شعوبها ثانيا، ومع الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية ثالثا.
فهذه الدول قدمت مبادرة للسلام التزمت فيها من تلقاء ذاتها بمنهجية تقوم على انهاء الاحتلال الاسرائيلي عن الاراضي الفلسطينية والعربية التي احتلت عام 1967 مقابل عقد سلام مع الاحتلال. وهي منهجية تجاوزت بشكل كبير الموقف العربي السابق واظهرت استعدادا لحسن نوايا كبير من اجل تحقيق السلام، علما ان المبادرة ذاتها تضمنت صيغة لحل قضية اللاجئين الفلسينيين هي اقل بكثير من صيغة قرارات الامم المتحدة ذات الصلة .
ان تجاهل اسرائيل لهذه المبادرة وقصرها على البند الخاص بالتطبيع، مثّل من البداية استخفافا بالموقف العربي. كما مثّل محاولة مكشوفة لتنفيذ بند واحد من هذه المبادرة وهو الخاص بالتطبيع وادارة الظهر لجوهر المبادرة ذاتها. وما تسليم الدول التي قامت بالتطبيع رغم معرفتها بذلك، بهذا الموقف الاسرائيلي الاّ تسليما بهذا الاستخفاف يحمل من (الدونية) اكثر مما يحمل من اية مناورة لتسويقه على قاعدة انه سيسهم في تحقيق السلام .
ومن الواضح ان مصالح وحسابات الانظمة الحاكمة تغلبت على متطلبات تمسكها المفترض بمبادرتها، ما يترك انعكاسات سلبية على شعوب هذه الدول التي تستشعر المهانة من مواقف حكامه خاصة وانها تحمل موقفا حقيقيا رافضا للتطبيع ولـ(الدونية) في التعامل مع دولة الاحتلال .
وتدل العديد من الممارسات الاسرائيلية التي تلت التطبيع على درجة التمادي الرسمي وغير الرسمي الاسرائيلي من خلال حوادث وممارسات ملموسة حصلت في المغرب والامارات والبحرين وغيرها .
ولا شك ان هرولة التطبيع كشفت ظهر الشعب الفلسطيني اكثر واكثر، ولكنها في المقابل زادت من ادراك الشعب الفلسطيني لأهمية تعميق علاقاته مع الشعوب العربية وكذلك لأهمية عدم منح شرعية وقبول مواقف (التطبيع) هذه، والتي تتمثل في توجيه الدعوات والضغوط احيانا من اجل مشاركة فلسطين في اجتماعات هذه الدول مع اسرائيل، كما تم في النقب او في الاجتماعات الاخرى من هذا القبيل .
- كيف تنظرون لتطورات السياسة الدولية وإنعكاساتها على القضية الفلسطينية، وهل ترون أنه لا تزال القضية الفلسطينية تنال ذات الإهتمام في السابق؟
- هناك تطورات دولية عاصفة ولا شك انها تتجاوز وتجاوزت الازمة الاوكرانية. فهي تمثل صراعاً على طبيعة النظام الدولي الذي اوصلته الامبريالية الامريكية الى حافة الهاوية والذي صعّب امكانية استمرار قبول دول كبرى مثل روسيا والصين على وجه الخصوص للتعايش مع تهديدات وتماديها النظام في تكريس هيمنته على العالم .
ولا شك ان هذا الصراع هو صراع دموي يدفع ثمنه بشكل خاص ضحايا الشعبين الاوكراني والروسي، ثم الشعوب الاوروبية التي باتت مطحونة تحت ازمة الطاقة بشكل خاص. ثم شعوب العالم التي تستشعر نقصا في المواد الغذائية وارتفاعا جنونيا في اسعارها، والتي تستشعر ايضا تهديدات تطور الصراع بما في ذلك المخاطر النووية .
ان الولايات المتحدة والناتو تقوم بعمل كل شيء من اجل استمرار تكريس الهيمنة والقطب الواحد، ولكن زمام الامور افلت من يدها، وسوف تواجه حقيقة هذه التغيرات عاجلا ام اجلا. وحيث يمكن القول ان هناك قوى ودول صاعدة في النظام الدولي الجديد مقابل قوى ودول محافظة تريد استمراره بأي ثمن .
اننا نرى ان علينا ان نكون في جبهة القوى الصاعدة وهي تتمثل في غالبية بلدان العالم، وهي قوى كانت تاريخيا نصيرا للشعب الفلسطيني بينما ان الولايات المتحدة والناتو كانت سببا رئيسا في نكبة الشعب الفلسطيني وهي تمثل عائقا جوهريا امام نيل استقلاله وتحرره من خلال دعمها الدائم لدولة الاحتلال وتواطؤها معه في كل المحافل الدولية فضلا عن دعمها المادي والعسكري والاقتصادي للاحتلال .
وبرغم ان الازمة الاوكرانية اظهرت بوضوح ازدواجية معايير الولايات المتحدة والناتو ووفرت فرصة لشعبنا من اجل كشف زيف المعايير المزدوجة وتظهير قضيتنا، الاّ انها لا شك حولت الانظار باتجاه اولويات دولية جديدة مما اتاح لدولة الاحتلال التمادي في اجراءاتها وممارساتها اليومية ضد شعبنا، الى جانب القضاء على الالية (الافتراضية) للرباعية الدولية واستغلال الازمة الاوكرانية لاخراج روسيا منها وشل هذه الصيغة فوق الشلل الذي تعانيه اصلا، وفي ظل غياب اية آلية دولية بديلة. ما يعزز التوجه الفلسطيني لاعتماد آلية العمل المباشر مع الامم المتحدة ومؤسساتها وهيئاتها، وزيادة الجهد والسعي اليومي من جانب الدبوماسية الفلسطينية لاستحضار اليات الامم المتحدة ذاتها ومؤسساتها المختلفة من اجل لعب دورها في انهاء الاحتلال وفي غيره من المجالات التي تستلزم تدخلها رغما عن انقسامها المتزايد، وتزايد تعطل قدرتها على اداء دورها .
- حل الدولتين، بما هو مطروح في الساحة الدولية الآن، ومع التطورات المتسارعة، وإشتداد المؤامرات الإمبريالية، والإنقسام الحاد في الفصائل الفلسطينية، هل ما يزال لديه حظوظ للتحقيق؟ وفي المقابل مع الردة والتراجع في المواقف الدولية ونقض العهود، هل لا يزال هو خياركم الأمثل؟
- نحن نميل دائما لوضع تصحيح في التعامل مع صيغة (حل الدولتين). فالواقع ان ذلك يحمل نوعا من التعمية في خلق تساو في الأمر. حيث الحقيقة ان هناك دولة قائمة للاحتلال ومعترف بها دوليا ولا يتهددها اي خطر من انهيار هذا الحل بل انها في الواقع من يقوم بتدميره، وبين حقيقة ان المطلوب هو تحقيق تحرر واستقلال الدولة الفلسطينية وتجسيد سيادتها على انقاض الاحتلال، وقطع الطريق على مساعي الاحتلال لاجهاض ذلك.
نحن ننظر الى حق الشعب الفلسطيني باقامة دولته المستقلة باعتبار ذلك تعبيرا عن حق تقرير المصير، وهو الحق الذي اعترفت به الامم المتحدة بعد نضال طويل ومرير لشعبنا، ورغما عن الاحتلال وعن الولايات المتحدة التي ناصبت هذا الحق العداء ولا تزال. ومن هذا المنطلق نحن نواصل التمسك بهذا الحق بغض النظر عن التدمير المنهجي الذي يقوم به الاحتلال لمقومات هذا الحل، وبغض النظر عن التواطؤ معه في ذلك من خلال عدم جدية الولايات المتحدة وغيرها في تحقيق هذا الحل بل والسعي غير المباشر والمباشر احيانا لاجهاضه .
ويستند موقفنا ايضا الى حقيقة محورية ضامنة وهي وجود ووحدة الشعب الفلسطيني، والذي يسعى حزبنا لتكريس ان (الشعب الفلسطيني) وعلى اختلاف اماكن توجده داخل فلسطين التاريخية وفي الشتات هو مصدر انطلاق تبلور حقوقه غير القابلة للتصرف في تحقيق المصير والدولة والعودة والمساواة القومية والمدنية لابنائه في الداخل. وبالتالي فان اي حل للقضية الفلسطينية يتطلب ضمان هذه الحقوق ككتلة متكاملة. ومن هذا المنطق نحن نتمسك بحقنا في الدولة كما نفهمها كدولة حقيقية ذات سيادة ولا نغلق باب النضال في اي ظرف لتحقيق حقوقنا في تقرير المصير والاستقلال والتعامل مع المتغيرات استنادا لذلك .
- قال حزب الشعب في بيان صحفي صدر عنه تعليقاً على زيارة الرئيس الأمريكي الأخيرة للمنطقة، ان الولايات المتحدة عائق حقيقي أمام تحقيق حقوق شعبنا في التحرر والاستقلال، وان القوى الفلسطينية كافة مدعوة لمواجهة المخاطر المتزايدة على القضية الفلسطينية نتيجة ممارسات الاحتلال والدعم الامريكي المتواصل له. ولكن في نفس الوقت هناك قوى داخل منظمة التحرير الفلسطينية ترى أن أمريكا دولة مهمة وأساسية في ملف الصراع العربي الإسرائيلي وأنها تملك مفاتيح الموقف الصهيوني وتسيطر عليه. ما هو رأيكم؟
- حزبنا بات يُظهر بقوة حقيقة ان الولايات المتحدة هي عائق اساسي امام التحرر وانهاء الاحتلال، ونحن دائما ما حذرنا من التعامل مع الولايات المتحدة بخلاف ذلك. كما دعونا دائما لرفض الرعاية الامريكية والتي هي في الحقيقة رعاية (منفردة) لعملية السلام. ولكن ذلك كله لا يغير من حقيقة ان الولايات المتحدة هي القوة العظمى التي تتحكم في مواقف دول عديدة بما في ذك في مجلس الامن، وانها تمتلك علاقاتها المميزة مع الاحتلال، وانها في الواقع افشلت وتفشل اي دور لأطر اخرى واولها الرباعية في رعاية عمية سلام حقيقية .
هذا يتطلب من وجهة نظرنا التوقف عن قبول الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة، وقد حصل ذلك في بعض المرات. فقد قررت منظمة التحرير وقف العلاقات مع ادارة ترامب ورفضت بحث اي شيء معها بخصوص خطة ترامب، وقاطعت اجتماعات اقليمية دعت اليها الولايات المتحدة لذات الغرض. وهو موقف يجب ان يتكرر خاصة بعد عجز وعدم جدية ادارة بايدن عن تنفيذ حتى ما وعدت به من اجراءات من مثال فتح قنصليتها مجددا في القدس او اعطاء افق للسلام او غير ذلك .
ورغم ان هناك معضلة حقيقية لدى دول صديقة مثل روسيا والصين في المدى الذي يمكن ان تذهب اليه في دعمها للشعب الفلسطيني خاصة وانها على علاقات مميزة مع اسرائيل وهي لا تقدم حتى الان مشروعا بديلا لنمط المعالجة التقليدي الفاشل لحل القضية الفلسطينية، الاّ ان تعميق العلاقات مع هذه الدول وبعض الدول الاوروبية الصديقة، وخلق تبدل في اطار هذه العلاقات عن النمط السائد للعلاقة الرسمية الفلسطينية مع الولايات المتحدة، بات ضرورة اكثر الحاحا من اي وقت مضى. وهو موقف قد يكون مكلفا نظرا لما تملكه الولايات المتحدة من قوة ونفوذ على الدول العربية وفي المجتمع الدولي في تعامل كل هؤلاء مع القضية الفلسطينية والذي يتأثر للأسف بموقف الولايات المتحدة ويشكل في بعض الاحيان اداة لتحقيق مواقفها .
- هل سيكن وقف إطلاق النار الذي وقع مؤخراً في غزة حلاً مؤقتاً سوف تأتي بعده كثير من المشاكل والعدوان على الشعب الفلسطيني، بالرغم من أن جيش الكيان أعلن أن الهدوء في غزة سيستمر سنوات، مفتخراً بأنه ردع الفصائل الفلسطينية؟
- العدوان الاسرائيلي الاخير على جنين ونابلس وغزة، استهدف تعزيز موقف (الردع) لقوة الاحتلال، كذلك (خصخصة) التعامل مع القوى الفلسطينية وخلق فواصل وهوامش بينها. وقد اعلن عن ذلك وتباهى به قادة الاحتلال. ورغم ان موقف حزبنا كان على الدوام بضرورة توحيد الاستراتيجية الكفاحية الفلسطينية الاّ انه ايضا كان يقوم على الاستنفار الموحد لمواجهة العدوان والاحتلال، وعدم السماح بأي تصدع في هذا الموقف الداخلي .
- لطالما قلتم دوماً أن إسرائيل تحاول شق الصف الفلسطيني بحجة محاربة الجهاد الإسلامي مثلاً، وتدعون لوحدة الصف الفلسطيني. لكن وفي هذه الحالة المعقدة بالواقع الفلسطيني والإنقسام المتزايد، كيف الطريق لوحدة الشعب الفلسطيني؟
- المعادلة التي يسعى الاحتلال لتكريسها في غزة هي معادلة الأمن مقابل الغذاء، والأمن مقابل السماح بالعمل في دولة الاحتلال، وسوف يعمق هذه السياسة بشكل متواصل. وهذا ليس موقف الاحتلال وحده بل هو ايضا موقف دول وقوى اخرى دولية واقليمية، وهي بمجملها تهدف الى تكريس هذا الواقع في غزة، والى تعميق التناقضات الداخلية وجعل قضية (السلطة) في غزة هي الاولوية على اية قضايا اخرى.
نحن نسعى للتصدي لهذه السياسة وفي مقابلها ننظر الى اولوية انهاء الانقسام وتكريس الوحدة السياسية ووحدة الولاية الفلسطينية في الضفة اوالقطاع كوحدة واحدة. كما نتطلع الى صياغة استراتيجية وطنية موحدة تتعامل مع خصوصية قطاع غزة سواء في مواجهة الاحتلال وايضا في معالجة تبعات الحصار والانقسام، والمتمثة بتنامي معدلات الفقر والبطالة والازمات الاخرى .
ولا شك ان مصر تلعب دورا محوريا في ذلك. ورؤيتنا الانطلاق في ذلك من اتفاق بين دولة فلسطين والدولة المصرية على خطة مشتركة لحماية قطاع غزة والحيلولة دون مشروع الاحتلال بتكريس فصلها وبما يتضمن ذلك تفعيل مساعي انهاء الانقسام، والتي تضطلع مصر بالدور الهام فيها الى جانب المساعي الهامة الاخرى الجزائرية والروسية وغيرها .
- فيما رشح من أنباء فإن السلطة الفلسطينية سوف تتقدم لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وأمامها كثير من العقبات التي تضعها الإمبريالية في الطريق. ما موقع هذه الخطوة من مسألة حل الدولتين؟
- السعي لنيل العضوية الكاملة هو حق طبيعي ويجب ان يستمر. وفي الحقيقة فان المطالبة به يجب ان تظل بشكل دوري ودائم، وقد تأخرت هذه المطالبة بعد المرة الاخيرة لأكثر من عشر سنوات. ولذلك فان تجديد هذه المطالبة هو الامر الصحيح .
هذه معركة سياسية ودبلوماسية وهي تكشف زيف الولايات المتحدة وغيرها ممن يعارضون هذا التوجه او يصوتون ضده، وتكشف زيف ادعاءهم بحماية (حل الدولتين). وهي في الواقع تكشف انتهاجهم لسياسة المعايير المزدوجة في التعامل مع القضايا. ولذلك الولايات المتحدة تمارس كل ما تستطيع لمنع ذلك، سواء التوجه لطلب العضوية، او توفر نصاب طرح ذلك في مجلس الامن بدعم تسعة اعضاء، ثم بعد ذلك في استخدام الفيتو الذي تحرص الاّ تنفرد به .
ولذلك فان موقف حزبنا هو استمرار الجهد في هذا الاتجاه والاعتماد على الدول الصديقة في تحقيق متطلباته في كل مرحلة. وفي عام 2012 دعمتنا الصين وروسيا وغيرها بقوة في ذلك، وهي قوى لها تأثير ايضا على الدول الاخرى التي يجب ان لا تُترك فريسة لضغوط الولايات المتحدة وبريطانيا واسرائيل .
- في رسالة قمتم بتوجيهها لمؤتمر الحزب الشيوعي الإسرائيلي قلتم أنكم توصلتم في حزب الشعب ومنظمة التحرير الفلسطيني إلى ما أسميتموه (وقف الدوران في ملهاة الحلقة المفرغة على شاكلة "مفاوضات، أزمة، مفاوضات") وإلى انهاء العمل بالاتفاقات التي دمرتها قوة الاحتلال، وإلى خلق مقاربة جديدة لمواجهة كل ذلك. ما هي أبرز ملامح هذه المقاربة، وهل ترقى لتصبح إستراتيجية نضالية جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية وضمنها حزب الشعب؟
- نعم ، المقاربة التي طرحناها تقوم على اعادة تأكيد الاساسيات. فأولا الواقع القائم لا يستند ولم يعد يستند الى الاتفاقات مع اسرائيل وفي مقدمتها اتفاقية اوسلو. بل ان الاحتلال دمر كل هذه الاتفاقات وبالتالي فان العلاقة معه ليست علاقة سلام استنادا الى هذه الاتفاقات بل هي في الحقيقة علاقة بين قوة احتلال وبين شعب واقع تحت الاحتلال. الأمر الذي يؤكد ان المهمة المركزية هي انهاء الاحتلال، والذي يجعل من مقاومة هذا الاحتلال وتوسيع المقاومة الشعبية له هو الاولوية وبالتالي يجعل من مطالبة العالم بأخذ موقف لانهاء الاحتلال وليس (استمرار لعبة المفاوضات في ظل السلام المزعوم) هو الامر الرئيسي. وبالتالي استعادة زخم الحراك التضامني الدولي على ذات الاسس التي قام عليها في العقود الماضية كتضامن من اجل انهاء الاحتلال والعنصرية، ويزيل الالتباس الذي تخلق ما بعد اوسلو في هذا المجال .
وعلى اساس هذه القاعدة تصبح القضية المركزية الى جانب مقاومة الاحتلال هي تعزيز صمود شعبنا وتعميق متطلبات حقوقه الاجتماعية والديموقراطية. وبالتالي يتكرس هذا الدور للسلطة الفلسطينية باعتباره الاولوية تجاه نمط مختلف من الممارسات والاولويات التي غلّبت عقلية (السوق الحر) والمصالح التي واكبته وما رافقها من اتساع الفجوات الطبقية والاخرى، بالاضافة الى تراجع الحريات والممارسة الديموقراطية الداخلية. وباختصار، التطبيق الخلاق لشعار حزبنا (الحقوق الديموقراطية والاجتماعية ضمانة للحقوق الوطنية) وكل ما يترتب على ذلك من تغيير جوهري في دور واولويات السلطة وفي مقدمتها وقف التنسيق الامني وغيره .
وايضا تنطق هذه المقاربة من تعزيز مضمون (نحن الشعب الفلسطيني) كشعب واحد في فلسطين التاريخية والشتات، وان خصوصية كفاحه ودوره في اية ساحة من الساحات يجب ان تتكامل مع مضمون كفاحه الموحد والمشترك وتحقيق اهدافه المشتركة، بما في ذلك تطوير وتعزيز منظمة التحرير الفلسطينية واستعادة دورها في هذا الاطار .
وبطبيعة الحال فان ذلك ايضا يعكس اثره على مضمون العلاقات الشعبية والرسمية الفلسطينية مع العالم العربي والعالم وعلى مضمون تحالفاته في ذات الاطار .
- أدخل حزبكم تعديلات قلتم أنها ربطت بوضوح بين أهداف ثلاثة (الدولة والعودة والمساواة القومية والمدنية) ما دلالات ذلك وأبعاده؟
- كما ذكرنا سابقا، دلالات ذلك وابعاده هو ان القضية الفلسطينية قضية مترابطة ولا يمكن تحقيق حل عادل لها دون معالجة اولوياتها لمجموع الشعب الفلسطيني. وفي الحقيقة فان اولويات النضال الفلسطيني وفقا لخصوصيات تواجد شعبنا لا تغير من تكامل وحدة هذه الاهداف، ولا تصبح احداها بديلا للاخرى. كما ان النجاح في تحقيقها لا يتوقف على القدرات الخاصة فقط لمكون الشعب الفلسطيني في اية ساحة وحده، بل انها متكاملة وتحتاج وحدة الكفاح المشترك، والتقدم في تحقيقها تعززه النجاحات في هذه الساحة او تلك. وبعد إقرار القانون العنصري المعروف باسم (قانون القومية)، وكذلك بعد تمادي الاحتلال في الضم والتوسع في الضفة الغربية والقدس، وباستمرار فصل قطاع غزة، فان اسرائيل تكرر ذات مظاهر ومفاهيم نظرتها للصراع مع الشعب الفلسطيني وحقوقه والذي بدأته مع مشروعها الصهيوني وتجلياته الاولى ما قبل النكبة. ولهذا فان ادارة الصراع فلسطينيا والفوز فيه لا تستطيع تجاهل هذه الحاجة للتكامل والوحدة في الاهداف الجماعية، مع التأكيد على اهمية الخصوصية التي تميز كل ساحة وعدم السماح بالتغاضي او الاستخفاف بهذه الخصوصية .
- متى سوف يعقد مؤتمركم القادم، وما هي أبرز المهام والقضايا التي يتصدى لها؟
- مؤتمر حزبنا سيواجه هذه المسألة ضمن مسائل اخرى اساسية مرتبطة بها. وقد اظهرت تجربتنا ان التقليل من شأن الاساسيات يزيد المصاعب ولا يقللها. ولذلك فان الاساسيات تنطق من تعزيز مضمون أي حزب نريد؟ الامر الذي حدى بنا لإعادة إبراز المضامين الطبقية والايديولوجية لفكر الحزب. وطبعا هذا لايعني اغفال ان القضية المركزية هي قضية التحرر الوطني، الاّ ان ذلك وحده يجعل فضاء استثمار هذه الحقيقة فضاء خاصا بقوى طبقية واجتماعية ذات مصالح طبقية ضيقة وعلى حساب الفضاء الارحب للمتطلبات والحقوق الاجتماعية للطبقات الشعبية. وينطبق ذات الامر في فكر الحزب بتنظيمه ايضا، وكذلك بتعزيز استقلاليته، بالاضافة طبعا الى مضمون نشاطه الجماهيري وتحالفاته الداخلية والخارجية. وكذلك الامر تجاه دوره في حقل الصراع الثقافي والفكري والتنويري لطبيعة المجتمع.
وبطبيعة الحال نحن نتعامل مع سؤال هام: كيف نرى حزبنا ودوره في المستقبل. ولا يكفينا الاعتماد فقط على الارث الكفاحي الهائل لحزبنا، بل تطوير ذلك والمراكمة عليه. وبالتالي نريد لحزبنا ايضا ان يكون حزبا للمستقبل. وقد اسهمت النقاشات الجدية والتي يجري تعميم مضامينها وفتحها لنقاشات اوسع في عموم الحزب، في استعادة توحيد الرؤى والمفاهيم، وفي سياق اخر في وضوح القضايا التي نحتاج ايضا لحسمها في مؤتمرنا. والامر الايجابي الذي يمكن الاعتماد عليه في كل ذلك هو ان المضمون الفكري والطبقي للحزب بات اكثر وضوحا في التعديلات المقترحة للمؤتمر وكذلك الامر على الصعيد التنظيمي، الامر الذي يجعل النقاش حول اسم الحزب ينطلق من ان مضمون الحزب هو مضمون حزب شيوعي وان موضوع التسمية بات موضوعا عمليا في هذا السياق. واستطيع القول ان وثائق المؤتمر وموضوعاته، والمواقف التي يرسخها الحزب على الصعيدين الاجتماعي والفكري بالاضافة الى الصعيد السياسي والوطني باتت تتجاوز مرحلة من الخلط الضار بين المضامين الجذرية الطبقية للفكر الماركسي الاشتراكي وبين الفكر الهجين الليبرالي –الاشتراكي. وبالتأكيد فان هذه التوجهات تحتاج الى تعميق والى ربط الخبرة بأحدث وسائل المعرفة والتكنولوجيا في التنظيم والادارة، والتي عانينا من الضعف فيها ايضا، وارتكبنا بسببها اخطاء كبيرة، نسعى لمعالجتها بنقد ذاتي حقيقي وعلى قاعدة التعلم من الاخطاء وضمان عدم تكرارها. وكذلك على قاعدة اننا نريد حزبا عصريا ولكن بمضمون طبقي وايديولوجي واضح ومنفتح استنادا الى روح المادية الجدلية الخلاقة. وسوف تحدد اللجنة المركزية بالتنسيق مع مكاتب المحافظات الحزبية موعدا نهائيا للمؤتمر بعد انهاء اجتماعاتها المقررة خلال الشهر القادم .
- في نوفمبر سيعقد الإجتماع القادم للأحزاب الشيوعية والعمالية في العاصمة الكوبية هافانا. ما هي خططكم للمشاركة في هذا المؤتمر الهام، وما هي توقعاتكم لما يناقشه المؤتمر حول الوضع في الشرق الأوسط وبشكل خاص القضية الفلسطينية؟
- نحن سعداء وتواقون للمشاركة في هذا المؤتمر في هافانا. فكوبا تعني الكثير لكل ثوريي العالم ولحزبنا وشعبنا ايضا. وفي الحقيقة فاننا ننتظر من هذا المؤتمر اعادة صياغة لاولوية المهام والقضايا الموحدة للاحزاب الشيوعية على صعيد المتغييرات الهائلة والتحديات التي يعيشها العالم ، وبالنسبة لشعبنا الفلسطيني فنحن نتطلع لتعزيز حركة التضامن مع شعبنا وكذلك تعزيز حركة المقاطعة لاسرائيل .
- كيف تنظرون للتضامن الواسع الذي يطوقكم به رفاقكم في الأحزاب الشيوعية والعمالية، في العالم والشرق الأوسط، وما هي رؤيتكم لتطوير هذه الحملات، وأشكال العلاقة والصلة بهذه الأحزاب وتحديداً الأحزاب الشيوعية والعمالية في العالم العربي وأفريقيا؟
- نحن نشعر بالامتنان الهائل لحركة التضامن مع شعبنا الفلسطيني والتي يلعب شيوعيو العالم ولعبوا الدور الاساسي فيها. ويغمرنا هذا الشعور ويتجدد في كل محطة نوعية من محطات نضال شعبنا حيث تهب الشعوب وحركات التضامن لنصرة شعبنا وتمده بالقوة والتضامن الذي يحتاجه امام تنظيرات الاحباط والعزلة.
نحن نتمنى لرفاقنا في السودان في الحزب الشيوعي السوداني وكل القوى الديموقراطية النجاح في نضالهم المثابر ونعتز ايما اعتزاز بعلاقاتنا المميزة معهم ونود لو استطعنا مبادلتهم ذات الامكانية للتضامن والدعم. وبرغم كل الصعوبات التي يواجهونها فان ثقتنا بقدرتهم على تحقيق اهداف الشعب السوداني هي ثقة لا تتزعزع، وان قدرتهم على المعالجة الجذرية للتحديات والصعوبات دلل عليها حجم الالتفاف الواسع الذي اتاح لهم ما تحقق من انجازات في التغيير وما هم ماضون لاستكماله بالروح الثورية المعهودة لهم .