تقرير: محمد الكحط – باريس-
تصوير: سمير خلف
بعد انقطاع دام سنتين بسبب جائحة كورونا، انطلق مهرجان اللومانتيه ((المهرجان السنوي لصحيفة اللومانتيه (ألإنسانية)، صحيفة الحزب الشيوعي الفرنسي)) يوم الجمعة 9 واستمرت فعالياته حتى الأحد 11 سبتمبر/أيلول 2022، وهذهِ المرة كان في مكان جديد أكثر اتساعا حيث تبلغ مساحته 60 هكتارا (600000 متر مربع) في القاعدة الجوية بليسي باتيه في مدينة بريتيني سور اورج في ضواحي جنوب باريس، وطيلة أيام المهرجان الذي طغى عليه الحضور الشبابي الكبير رغم هطول الأمطار، فقد أستمر توافد آلاف الزوار وسط أجواء التحدي للدوائر الإمبريالية ومخططاتها، ومن أجل السلام والمحبة بين الشعوب، وعالم خالٍ من الحروب ومآسيها، عالم العدالة الاجتماعية.
كانت أجواء الفرح والتضامن هي السائدة هنا، حيث ممثلو قوى التقدم والتحرر والديمقراطية واليسار من كل انحاء العالم، وكانت هذه هي رسالة المهرجان للبشرية.
وشهدت أيام المهرجان العديد من النشاطات والفعاليات السياسية والثقافية والفنية المنوعة التي تدعم رسالة المهرجان.
خيمة طريق الشعب خيمة كل العراقيين تشارك في هذا المهرجان للمرة الثانية والخمسين، وقد سميت هذا العام بخيمة الفقيد الفنان التشكيلي صلاح جياد. بدأت نشاطها كالمعتاد عشية المهرجان مساء الخميس 8 سبتمبر/ أيلول وسط بهجة اللقاءات بين الرفاق والأحبة القادمين من كل صوب، بلقاء مع ممثلي قيادة الحزب، سبقته كلمة ترحيبية بالحضور، ومع عزف السلام الجمهوري العراقي موطني والوقوف دقيقة صمت على أرواح الرفاق الذين فقدناهم خلال السنوات الثلاث الماضية وشهداء الحزب وانتفاضة تشرين، قام الرفيق فؤاد الصفار ممثل منظمة الحزب الشيوعي العراقي في فرنسا بالترحيب بالرفيق فاروق فياض عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، وبالرفيقة سهاد الخطيب، عضو اللجنة المركزية للحزب. ومرحبا بالرفيق كاوة محمود سكرتير الحزب الشيوعي الكردستاني.
تناول الرفيق فاروق فياض في مداخلته في الندوة آخر مستجدات الوضع السياسي في العراق وما يمر به من ظروف معقدة، في جميع مفاصل الدولة، حتى وصلت لحالة الاستعصاء السياسي بل والتناحر المسلح، وأكد على مطلب الحزب والجماهير بضرورة حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة بشروط يستطيع فيها شعبنا من اختيار ممثلية بشكل سليم، وتناول موضوع تمترس القوى المتنفذة بأساليبها ومحاولتها فرض سياسة المحاصصة من جديد ليبقى الفساد والفاسدون في أمان، خصوصا بوجود الأموال الكثيرة في خزينة الدولة لنهبها بدلا من استخدامها بشكلها الصحيح لخدمة شعبنا. بعدها فسح المجال للمداخلات والأسئلة من قبل الحضور حيث أجاب عنها الرفيق مشكورا.
وفي أول أيام المهرجان الجمعة ٩ سبتمبر/ أيلول تم عقد ندوة استذكاريه للفقيد الفنان التشكيلي الكبير صلاح جياد، الذي كان أحد أعمدة خيمة طريق الشعب لسنواتٍ طويلة، فهو الذي يخطط ويرسم خلفية المنصة وشعار الخيمة وتصميمها، ويبقى طيلة أيام المهرجان مساهماً فعالياتها، يمنح الجميع الدفء بهدوئه وحبه ولطفه، تحدث خلالها الفنان التشكيلي غسان فيضي عن حياة وتجربة الفقيد الفنية مشيدا بأبداعه وتميزه المبكر وأوضح مدى تواضعه وتعاونه وطيبته وإنسانيته التي عكستها أخلاقه ورقي سلوكه الاجتماعي، وتم عرض فلم وثائقي عن الفقيد من اعداد صديقه الفنان فيصل لعيبي .
كما استضافت خيمتنا الرفيق كاوة محمود سكرتير الحزب الشيوعي الكردستاني وقدمه الرفيق رشاد الشلاه حيث تحدث عن آخر التطورات السياسية في العراق عامة وإقليم كردستان خاصة، وخصوصية القضية الكردية، بعدها فسح المجال للحوارات والاسئلة والاستفسارات والتي أجاب عنها الرفيق مشكورا.
وفي المساء كان الجميع على موعد مع فرقة بابل الفنية القادمة من الدنمارك، وهي فرقة تأسست عام 2014 من قبل مجموعة من الصديقات والأصدقاء من محبي الموسيقى والغناء، يقودها حاليا الملحن سعد الاعظمي وعازف الكمان كوران ابراهيم، ومسؤولة الفرقة وأحدى عضواتها بشرى علي مع زميلاتها روبار سعيد ونيكار مصطفى وصباح حمدون بالاشتراك مع الشاب برهان محمد، حيث أتحفت الحضور بأجمل الأغاني العراقية التراثية والوطنية الأصيلة التي أستمرت حتى منتصف الليل مع الفرح والبهجة من قبل الحضور والضيوف من خارج الخيمة، وعادت في اليوم الثاني لتقدم أغاني جديدة جميلة، فشكرا لهم.
وفي يوم السبت 10 سبتمبر/ أيلول عقدت ندوة للرفيقة سهاد الخطيب عضو اللجنة المركزية وأدارها الرفيق طه رشيد، تحدثت خلالها عن دور المرأة في انتفاضة تشرين خصوصا في مدينة النجف وفي عموم الوطن كذلك، مشيدة بمساهمتها السياسية أثناء انتفاضة تشرين حيث كان للنساء ولعضوات رابطة المرأة العراقية دور واضح ومهم، كما تحدثت عن النشاطات النسوية الأخرى من أجل تأمين حقوق المرأة العراقية ومساهمتها في بناء الوطن، وتم عرض فلم وصور عن تلك النشاطات.
وفي فعالية أخرى قدمت الدكتورة شذى بيسراني مداخلة عن مشاركة رابطة المرأة في مؤتمر اتحاد النساء الديمقراطي العالمي الذي عقد في فنزويلا، نيسان 2022، وعن أهمية هذا المهرجان وما تم فيه من قرارات تصب في صالح النساء في العالم.
تلى ذلك لقاء مع الفنان والناقد التشكيلي زياد جسام، وقدمه الرفيق محمد الكحط، مستعرضا سيرته الفنية وتعدد مواهبه، ومن ثم تحدث الفنان زياد عن فنه وخصوصية أعماله ومضامينها، وهو الذي يحول المواد المهملة الى أعمال فنية ذات طابع جمالي متميز، وتم عرض بعض أعماله منها مجسم لجريدة طريق الشعب.
وفي فقرة فنية جميلة أخرى قام الفنان الخطاط محمد صالح بعمل لوحات فنية من الخط العربي أمام الجمهور، بمصاحبة عازف العود أحمد ناجي، وكان عرضا رائعا نال استحسان الحضور، وعرضت اللوحتان للمزاد خصص ثمنها تبرعا لبناء مقر الحزب الشيوعي الجديد.
وكالعادة انطلقت المسيرة النسائية التي تنظمها رابطة المرأة العراقية في مهرجان اللومانتيه من أمام خيمة طريق الشعب حيث ساهم فيها العديد من الحضور والحاضرات، وطافت شوارع المهرجان، وهي ترفع شعارات تطالب بالدولة المدنية وبالمساواة وحرية التعبير وحرية المرأة وضمان الحياة الحرة الكريمة قوبلت بالتصفيق والتضامن من قبل زوار المهرجان.
وعودة للخيمة ولقاء فني جميل مع الفنانتين الدكتورة سفانة والدكتورة شروق الحلوائي القادمتين من الدنمارك اللتين قدمتا أجمل الأغاني والألحان والعزف، منها أعمال خاصة من تلحين سفانة.
في يوم الأحد 11 سبتمبر/ أيلول شهدت الخيمة العديد من الفعاليات والزيارات من عدة منظمات وأحزاب سياسية، وتم تقديم ندوة عن الحياة الثقافية للأنصار قدمها الرفيق يوسف ابو الفوز، الذي قدمه الرفيق داود أمين (أبو نهران) الذي تحدث عن طبيعة وظروف حركة الأنصار وتنوع نشاطاتهم الثقافية في كافة المجالات، وأستعرض ابو الفوز حياة الأنصار وما مروا به من ظروف معقدة وكيف تجاوزا ذلك وأغنوا حياتهم بالنشاطات الثقافية من أدب وفن بأنواعه، وكيف واجهوا أساليب النظام الفاشية بروح التحدي صانعين لحياتهم عالماً مليئا بالحياة والحيوية والإبداع، بعدها جرى حوار مع الجمهور الذي يستمع بعضهم لأول مرة عن حياة الأنصار الشيوعيين.
طيلة أيام المهرجان كان هنالك نشاط سياسي دؤوب قام به الرفيقان فاروق فياض وسلم علي بعقد عدة لقاءات مع العديد من ممثلي القوى السياسية، منها مداخلة الرفيق فياض في الخيمة الأممية الرئيسية تناولت آخر التطورات السياسية في الوطن، وشارك في ندوة حول الوضع في العالم العربي والقضية الفلسطينية، في خيمة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي المغربي، كما اجرت صحيفة اللومانتيه لقاءً خاصا مع الرفيق فاروق فياض.
لقد كان الرفاق والأصدقاء في خيمة طريق الشعب كخلية نحل يعملون بلا كلل من أجل إنجاح نشاطات الخيمة العديدة: السياسية والثقافية والفنية والاجتماعية، ولا ننسى أجواء الألفة والمحبة والتعاون بين الجميع، وإذا انتهت أيام المهرجان فالجميع هنا يتوق إلى اللقاء من جديد في المهرجان القادم، مهرجان التضامن الأممي من أجل عالم بلا اضطهاد وبلا حروب.