تسير الأوضاع في بلدنا الى المزيد من التعقيد ، وتنفتح على احتمالات خطيرة في حال بقاء حالة الانسداد وإصرار قوى السلطة على تشكيل الحكومة الجديدة على وفق ذات المنهج المحاصصي- المكوناتي ، ولاد الازمات .

الازمة الراهنة التي يتحمل مسؤوليتها المتنفذون كافة ، احدى أزمات منظومة المحاصصة والفساد ، اخذت تلقي بثقلها على غالبية المواطنين العراقيين ، فيما اقلية مترفة حاكمة ما زالت تتدافع على المواقع والنفوذ ، وتزداد معاناة الناس خاصة في هذا الصيف اللاهب وتفاقم ازمة الكهرباء التي عجزت المنظومة الحاكمة لمدة ١٩ عاما من حلها ، وهنا من حق المواطن ان يتساءل عن إمكانية منظومة حاكمة على معالجة مشاكل البلد وأزمة الحكم ، وهي عاجزة عن حل مشكلة الكهرباء رغم ما اهدر من المال العام ؟

ان هذه الأوضاع هي من تدفع المواطنين الى ساحات الاحتجاج والمعارضة من جديد ، وكل المؤشرات تقول بانها سائرة الى التصعيد لفرض إرادة الشعب بديلا عن المنظومة الحاكمة ونهجها الفاشل .

ان منظومة السلطة عليها احترام إرادة المواطنين وهي تتحمل مسؤولية الحفاظ على أرواح وحياة المواطنين المحتجين وتوفير الحماية لهم لممارسة حقهم الدستوري .

من دون شك هناك قلق واسع مما آلت اليه الأمور ، وهو يكبر مع استمرار العجز عن إيجاد حلول وتخليص البلد من حالة حافة الهاوية ، وهذا يدفع القوى والشخصيات الوطنية والحراكات التشرينية الحريصة على البلد وشعبه ، الى البحث عن كل السبل والطرق السلمية والدستورية للخروج من عنق الزجاجة وفتح الفضاءات لحياة افضل يستحقها شعبنا ، ومن ذلك ، وكما يحصل في كل بلدان العالم الدستورية ، العودة للشعب ليقول كلمته عبر حل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة على ان توفر لها هذه المرة كل مستلزمات النجاح والشفافية كي تعبر حقا عن إرادة الشعب وتطلعه الى التغيير والخلاص من منظومة الحكم وبدء بناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية . ان أي توجه الى الانتخابات المبكرة لابد من ان يسبقه مراجعة شاملة للمنظومة الانتخابية ومنها تعديل القانون الانتخابي وتشكيل مفوضية مهنية

وكفؤة وإعادة هيكلة مؤسساتها لتبنى على أساس الكفاءة والنزاهة ، بعيدا عن المحاصصة ، والالتزام بقانون الأحزاب بما في ذلك منع الجماعات المسلحة من الاشتراك فيها ، مع تحديد سقوف للأموال التي تصرف فيها ، والمساءلة عن مصادرها، وتوفير رقابة دولية فاعلة .

ان القوى والأحزاب المدنية والديمقراطية والحركات التشرينية والتي هي بعيدة عن اطراف الصراع الراهن ، المنحازة الى المواطنين والمدافعة عن همومهم والمشاركة تطلعاتهم ، تعلن وقوفها ودعمها ومشاركتها للحركات المطلبية والجماهيرية ، وترى انه من اجل تفعيل الضغط الشعبي السلمي ورسم التوجهات اللاحقة للعمل المستدرك وتوسيع مساحة مساهمتها في هذا الضغط ، تتوجه الى عقد مؤتمر وطني عام ، بأمل ان يرسم البدائل للحالة المأزومة الراهنة والحؤول دون تكرارها .

ان قوانا وحراكاتنا تعلن بوضوح انها مصممة على المضي قدما لتخليص شعبنا من الواقع المأساوي الراهن ودحر منظومة المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت ، وتدعو المواطنين وكل الحريصين على راهن بلدنا ومستقبله الى المزيد من العمل والتكاتف ، والمضي على طريق استعادة الوطن وتحقيق امنه وسلامته وسيادته الكاملة واعماره واستثمار المال العام لتحقيق التنمية والتقدم والازدهار ، للعراقيين جميعا من دون تمييز .      

بغداد 20 حزيران 2022