كانت (كفاح الشعب) الصحيفة الشيوعية العراقية الأولى التي صدرت في 1935/07/31 وتصدرها شعار يا عمال العالم اتحدوا. ومنذ الأعداد الأولى لصحيفة الحزب الشيوعي العراقي المركزية، نشرت على صفحاتها مشاكل الناس وظروف البؤس والفاقة التي يعيشها الشغيلة والكادحون في المدن والحواضر، وما يعانيه الفلاح من ظلم الإقطاعيين والأغوات.

بعد توقف كفاح الشعب نتيجة الحملات الأمنية، أصدر الحزب جريدة (الشرارة) نهاية عام 1940، وبعد استيلاء الانشقاقيين على الشرارة، اصدر الحزب جريدة (القاعدة ) في عام  1943. وكانت جريدة القاعدة بالإضافة إلى ما تكتبه عن أحوال الناس وهموم ومطالبهم وحقوقهم، كانت منبرا فكريا لتوضيح سياسة الحزب وكفاحه ضد الانتهازية، والدعوة للنضال والكفاح ضد الصهيونية والفاشية والتبشير بالأفكار الماركسية ونشر إخبار الجيش الأحمر والقوى المقاومة للفاشية والنازية.  وكانت تصدر إلى جانب صحافة الحزب في أواسط الأربعينات العديد من الصحف السرية والعلنية للمجاميع والكتل الشيوعية واليسارية الأخرى التي تعمل خارج الحزب مثل العمل في العام 1944 ووحدة النضال والنجمة والاتحاد وشورش.

وكان للحزب تجربة في إصدار الصحف العلنية مثل جريدة (الأساس التي أصدرها المحامي شريف الشيخ، وجريدة العصبة الناطقة باسم عصبة مكافحة الصهيونية التي صدرت 7 نيسان عام 1946، وترأس تحريرها الشهيد محمد حسين أبو العيس.

وتعتبر تجربة الحزب الصحفية  من التجارب الرائدة في صحافة  السجون، حيث  تخرج منها العديد من الأسماء اللامعة في عالم الصحافة الشيوعية والوطنية العراقية، وقد جعل الرفيق  فهد من السجون مدرسة للشيوعيين، فعمل على إصدار أول صحيفة سرية  في سجن الكوت عام 1948باسم  (السجين)، وصدرت أيضا في سجن نقرة السلمان صحيفة (السجين الثوري) في سنة 1953. واستلهاما لتجارب السجناء الشيوعيين السابقة، صدرت في سجن بعقوبة عام 1953 صحيفة (كفاح السجين الثوري).

 وبعد الجهود الكبيرة التي بذلها الرفيق سلام عادل لتوحيد الحزب وإنهاء التكتلات والانشقاقات والتي  توجت في عقد الكونفرس الثاني 1956، اصدر الحزب جريدته السرية (اتحاد الشعب) في 22 تموز عام 1956 لتستمر حتى بعد ثورة تموز، وقد حاولت القوى الرجعية القومية وعدد من الضباط الأحرار المرتبطين بها من التضييق على الحزب ومنعه من إصدار صحيفة علنية وأعطي لداود الصايغ المنشق عن الحزب، امتياز لإصدار جريدة باسم أتحاد الشيوعيين العراقيين، مما دعا الحزب إلى جمع تواقيع ربع مليون مواطن عراقي ووضعها على طاولة عبد الكريم قاسم الذي اجبر على إجازة صحيفة علنية للحزب الشيوعي العراقي باسم (اتحاد الشعب) في 25 كانون الثاني عام 1959.

ويملك الحزب تجربة غنية في إصدار المجلات الثقافية التي أصبحت منبرا للثقافة الديمقراطية العراقية وساهمت في التأثير على الأوساط الثقافية والاكاديمية العراقية، حيث كلف الحزب الروائي ذو النون ايوب باصدارمجلة (المجلة) في منتصف الأربعينيات وترأس تحريرها، كما أصدر الحزب مجلة الثقافة الجديدة في 1953 والتي ترأس تحريرها الشهيد الرفيق صفاء الحافظ، ومجلة المثقف بعد ثورة 14 تموز 1958 . 

وكان للحزب تجربة ايضا في اصدار الصحف المحلية مثل صحيفة (واسط) في الكوت، وكان رئيس تحريرها الرفيق محمد علي الزرقا، وهو سوري الأصل، ومجلة (المثل العليا) التي صدرت في 15 تشرين الأول 1941 في النجف، وكان كاظم الكشوان رئيس تحريرها وصاحب الامتياز.

أُغلِقت جريدة الحزب المركزية (اتحاد الشعب) في آب عام 1961 بعد تدهور علاقة الحزب مع عبد الكريم قاسم، عقب المظاهرات المليونية المطالبة في السلم في كوردستان والمطالبة بمشاركة الشيوعيين في السلطة وتحقيق الحياة الديمقراطية الدستورية وإجراء انتخابات حرة عامة، وقد زجت حكومة قاسم بالمئات من الشيوعيين في السجون وقسم منهم جرى تصفيته أثناء انقلاب 8 شباط الفاشي عام 1963. وقد حاول الحزب الاستفادة من امتياز سابق لجريدة باسم (صوت الشعب) التي سبق وأن أجيزت باسم الشهيد محمد حسين أبو العيس، غير أن الحكومة لم تسمح بصدورها. فاضطر الحزب إلى معاودة نشاطه الصحفي السري ليصدر صحيفته السرية (طريق الشعب) في أواخر عام 1961. وبعد مجازر 8 شباط عام 1963، صدر عدد واحد من طريق الشعب في تموز عام 1963 ولم تصدر بعد ذلك بسبب الظروف التي أدت الى استشهاد العديد من كوادرالحزب القيادية والصحفية والاستيلاء على مطبعة الحزب، لكن طريق الشعب عاودت الصدور بشكل سري في أواسط الستينات من جبال كردستان بعد أن استعاد الحزب قوته وضمد جراحه. واستمر صدورها بشكل سري حتى عام 1973، لتصدر جريدة طريق الشعب بشكل علني بعد التوقيع على ميثاق الجبهة الوطنية في 16 تموز 1973 وقد سبق صدورها، صدور جريدة أسبوعية للحزب باسم (الفكر الجديد) في اللغتين العربية والكردية (بيرى نوى) .

لقد لعبت طريق الشعب خلال صدورها العلني دورا هاما في تحشيد جماهير الحزب الشيوعي والمنظمات الجماهيرية والديمقراطية، عبر نشر مطالبهم والتعريف بأوضاعهم ونشر نتاجاتهم الأدبية والفكرية و المفاهيم والأفكار الديمقراطية والاشتراكية والشيوعية، وعلى الرغم من المضايقات واعتقال محرري وكتاب الجريدة المتواصل، والمضايقات من الأجهزة الأمنية عبر توجيه الإنذارات المتكررة من وزارة الإعلام حول بعض المواد المنشورة. إلا أن جريدة طريق الشعب كانت الجريدة الأولى في التوزيع والجريدة الأكثر جماهيرية عبر انتشار مكاتبها ومراسيلها في عموم العراق، والجريدة المتفردة التي  يعمل العاملون فيها بشكل تطوعي، كما كانت مدرسة صحفية خرجت الكثير من الأقلام الصحفية المعروفة في الصحافة الوطنية العراقية والذين لازال البعض منهم يترأس تحرير الصحف الرسمية والشعبية والحزبية في العراق، وتوقفت جريدة طريق الشعب عن الصدور العلني  في الثاني من أيار عام 1979، على اثر انهيار التحالف مع البعث والذي صاحبته حملة بوليسية واسعة ضد منظمات الحزب ورفاقه وجرى اعتقال أكثر من 150 إلف مواطن عراقي من أعضاء وأصدقاء وأنصار الحزب الشيوعي العراقي في مختلف المدن والحواضر والارياف والبوادي والسهول والجبال العراقية.

وعلى الرغم من الظروف القاسية والصعوبات التي ولدتها الحملة الفاشية البوليسية على الحزب ورفاقه، إلا إن الشيوعيين العراقيين المعروفين بعنادهم الثوري وصمودهم، أعادوا إصدار الجريدة في بيروت وفي دمشق ومن كوردستان في مقرات القيادة، وجرى إصدارها من أربيل بعد انتفاضة آذار المجيدة في عام 1991. واستمر صدورها بشكل علني في كوردستان وسري في مناطق العراق الأخرى وجرت محاولات عديدة لاصدارها من بغداد في عهد الدكتاتورية الفاشية ولكن لم يوفق الحزب في ذلك، وبعد سقوط الديكتاتورية في التاسع من نيسان عام 2003، صدر العدد الأول لطريق الشعب في بغداد يوم الأحد 20 نيسان عام 2003، ولا زالت طريق الشعب والثقافة الجديدة تصدر في بغداد إلى جانب مجلة الشرارة في النجف ومجلة بيرموس في الموصل.

ولم تقتصر الصحافة الشيوعية العراقية على الصدور باللغة العربية فحسب، فقد انفرد الحزب الشيوعي العراقي في المنطقة بإصدار صحف باللغات القومية، وتحديداً الكردية. فصدرت جريدة «آزادي» و»پيري نوى» و»ريڱاي كوردستان» وملحق الكلد أشور، والتي لعبت دوراً كبيراً في نشر الثقافة القومية والحفاظ على التراث واللغة القومية، إلى جانب تبنيها الحقوق القومية العادلة.

وكان للشيوعيين مساهمة كبيرة في صحافة المنظمات المهنية والديمقراطية مثل (نضال المرأة) و(كفاح الطلبة) (صوت الشبيبة) و(راية العمال)، و(صوت الفلاح)، كما صدرت للحزب مجلة في الخارج باسم (رسالة العراق) عالجت الكثير من الموضوعات السياسية والاجتماعية وشؤون الجالية العراقية في الغربة، وساهمت في نشر الوعي التقدمي بين أوساط المهاجرين والمغتربين.

إن تجربة 85 عاما من العمل الصحفي والإعلامي للحزب الشيوعي العراقي، أسهمت في نشر الوعي التقدمي والديمقراطي والإنساني بين أبناء الشعب العراقي، وساهمت في خلق وصقل طاقات صحفية وأدبية وفنية رفدت الصحافة والإعلام العراقي بمختلف جوانبه، وقدمت على مذبح الحرية المئات من الصحفيات والصحفيين الشيوعيين من شهداء القلم، شهداء الحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم الاجتماعي، شهداء الوطن الحر والشعب السعيد.

عرض مقالات: