تضحيات الشهداء والمقاومين لا تستحق وطناً منهوباً وثروات مستباحة وقلة منتفعة ومافيات متحكمة وإدارة سياسية فاشلة…ولا بديل عن مشاركة شعبية حقيقية في حكومة انقاذ وطني
تحل الذكرى السنوية الثلاثون لجريمة غزو النظام العراقي البائد الكويت واحتلالها، فيما الوطن يئن أكثر من أي وقت مضى مما تعرض ويتعرض له من نهب منظم لمقدراته؛ واستباحة القلة المنتفعة لثرواته؛ والسطوة غير المسبوقة لمافيات الفساد؛ والإدارة، بل المنظومة السياسية الفاشلة؛ والمشكلات التي تتفاقم وتتراكم من دون حل؛ والتراجع المؤسف على مختلف الصُعُد والمجالات، وغير ذلك مما لا يمكن أن تخفيه الادعاءات الإعلامية والإجراءات الشكلية التي لا تعدو كونها ذراً للرماد في العيون ومحاولة لإسكات أصوات التذمر، حيث يدرك الجميع عدم جديتها ويتذكرون مصير وقائع الفساد السابقة التي طالما جرت لفلفتها.
إن ما تردت إليه أحوال البلاد اليوم هو النقيض تماماً للكويت التي قدّم الشهداء في مواجهة الغزو والاحتلال أرواحهم فداءً لحريتها؛ وضحى المقاومون والأسرى والصامدون داخل الوطن وعانى الصابرون خارجه من أجل تحريرها وإعادة بنائها… بل لقد تعرضت الكويت خلال العقود الثلاثة الأخيرة إلى عمليات تدمير ممنهجة شملت من بين ما شملته تدمير قيم المواطنة والتضامن والتضحية التي برزت في مواجهة الغزو ومقاومة الاحتلال، وجرى بدلاً منها تشجيع متعمد وتكريس مقصود لقيم الأنانية والاستحواذ والتنفيع، التي تتناسب تماماً مع الطبيعية الريعية للاقتصاد والأنشطة الطفيلية لرأس المال، بما يساعد على تبرير الفساد وتقبّله والتعايش معه، وفي الوقت ذاته جرى تخريب متواصل لما تبقى من وضع دستوري بتقليص الحريات وملاحقة المعارضين والانفراد بالقرار وعبث بالنظام الانتخابي وإفساد للمؤسسة البرلمانية، بما يتناسب مع نزعة الاستبداد والانفراد بالقرار وعقلية المشيخة.
والحال هذه، فإن الكويت اليوم أحوج ما تكون إلى انقاذ وطني مما انحدرت إليه أوضاعها وما يتهددها من مخاطر وتحديات، بحيث يتم وضع حدٍّ لحالة التدهور المتسارع، وليجري كفّ أيدي الفاسدين عن مواصلة نهبهم لمقدرات البلد، وللتصدي لسطوة المافيات وإنهاء صراعات مراكز النفوذ، ليمكن بعد ذلك الحديث عن تصحيح المسار وتحقيق الإصلاح والانطلاق نحو التنمية المعطّلة… وهذا الإنقاذ يتطلب قبل شيء استعادة الشعب لدوره المسلوب في المشاركة الحقيقية بالقرار السياسي، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني من رجالات دولة وعناصر مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والإخلاص، بحيث تكون:
مهمتها الأولى محاربة الفساد فعلاً لا قولاً وملاحقة الفاسدين وتطهير أجهزة الدولة منهم.
وتكون مهمتها الأخرى تصحيح المسار عبر انفراج سياسي وعفو شامل عن القضايا السياسية وإلغاء لمرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء ووضع قانون انتخابي ديمقراطي بديل، واجراء انتخابات نزيهة يمنع المال السياسي والتدخل السلطوي عن التأثير على مخرجاتها.
وغير هذا فإنّ الكويت مرشحة تماماً وبكل أسف ومن دون مبالغة أو تطيّر لأن تصبح دولة فاشلة بكل ما تعنيه الكلمة، وهذا ما لا يمكن أن يقبله الشعب الكويتي.
المجد لشهداء الكويت والمقاومين البواسل في الذكرى الثلاثين لغزو النظام العراقي البائد… والخزي والعار لكل مَنْ اعتدى على وطننا؛ ولكل مَنْ نهب وينهب ثرواته؛ وعبث ويعبث في مصائره.
الكويت في ١ أغسطس ٢٠٢٠