تابعت الحركة التقدمية الكويتية باهتمام جهود بعض قوى المجتمع المدني الكويتي لتصحيح العبث الحكومي في القيود الانتخابية، سواء عبر رفع طعون أمام القضاء، أو تقديم شكوى إلى هيئة مكافحة الفساد، وإذ تحيي الحركة التقدمية الكويتية هذه الجهود والمحاولات المخلصة، فإنها تؤكد أن العبث الحكومي في القيود الانتخابية ليس مجرد أخطاء ونواقص، وإنما هو جزء من عملية منهجية منظمة لإفساد العملية الانتخابية والانحراف بالممارسة البرلمانية ولتخريب ما تبقى من الحدود الدنيا للحريات والحقوق الديمقراطية، بما يتيح المجال واسعاً أمام المزيد من الانفراد السلطوي بالقرار، وكذلك لتمكين قوى الفساد من مواصلة نهبها لمقدرات الدولة وأموالها وأملاكها من دون حسيب أو رقيب، ولتمهيد الطريق أيضاً أمام تنفيذ الهجمة الرأسمالية المقررة على المكتسبات الاجتماعية والشعبية والحقوق العمالية من دون معارضة تشريعية أو رقابة برلمانية تحدان من اندفاعتها.
إننا ندرك مدى خطورة العبث في القيود الانتخابية، وندعم المحاولات والمطالبات الشعبية بتصحيحها، ولكننا في الوقت نفسه نلفت الانتباه إلى أن العبث الحكومي في القيود الانتخابية لا ينفصل بحال من الأحوال عن التخريب المتواصل للعملية الانتخابية، وإن تصحيح القيود الانتخابية يتطلب كذلك النضال من أجل فرض مطلب إصلاح النظام الانتخابي ككل، والضغط على السلطة للاستجابة إلى استحقاق الإصلاح السياسي الديمقراطي الشامل، وذلك على النحو التالي:
١- إلغاء مرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء، الذي كرّس المزيد من السلبيات في العملية الانتخابية وساهم في تخريبها، والعودة مؤقتاً للنظام السابق، وذلك إلى حين التوصل لإقرار نظام انتخابات ديمقراطي بديل إما أن يكون على أساس الدائرة والقوائم والتمثيل النسبي، أو أن يكون وفقاً للنظام المختلط الذي يوزع مقاعد المجلس إلى نوعين من المقاعد، الأول هو مقاعد لخوض الانتخابات ضمن الدولة ككل بوصفها دائرة واحدة تتنافس فيها قوائم للمرشحين ويتم انتخابها وفق نظام التمثيل النسبي، والنوع الآخر هو مقاعد في دوائر صغيرة يتم الترشح فيها فردياً والتصويت بالنظام الأكثري المتبع، وذلك للجمع بين مزايا التمثيل النسبي والتصويت الأكثري.
٢- ربط عملية قيد الناخبين بسجلات الهيئة العامة للمعلومات المدنية، للحد من نقل الأصوات وللتخفيف من الاجراءات المعقدة لقيد الناخبين ونقلهم والطعون الانتخابية.
٣- إنشاء هيئة مستقلة للانتخابات، مع استمرار الإشراف القضائي على عمليات التصويت والفرز وإعلان النتائج، وإفساح المجال أمام الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية ذات الصلة بحرية الانتخابات ونزاهتها للمشاركة في مراقبة العملية الانتخابية.
٤- وضع سقف أعلى للإنفاق الانتخابي على المقار والدعاية، مع فرض رقابة جدية على ميزانيات الحملات الانتخابية، بحيث لا يكون الترشيح وخوض الانتخابات مقتصراً على الأثرياء أو المرشحين الممولين من أثرياء، إذ أن الترشيح حق ديمقراطي.
٥- تجريم عمليات شراء الأصوات بالمال أو الهدايا أو عبر تقديم الخدمات، وتوفير حماية قانونية آمنة للمبلغين والشهود.
٦- تشكيل فرق أمنية تمتلك سلطة الضبطية القانونية لملاحقة عمليات شراء الأصوات وضبطها.
٧- تكريس اجراءات الشفافية في عميات فرز الأصوات بإلزام رؤساء اللجان بعرض أوراق الاقتراع على الشاشة.
٨- إلغاء القيود الاستثنائية التي فرضت على حق الترشيح، وبالأساس القيود ذات الصلة بقانون حرمان المسيء.
٩- إطلاق الحريات العامة، وبالأساس حريات الرأي والتعبير والنشر ، بما في ذلك النشر الإلكتروني، وإلغاء القيود المفروضة عليها، لخلق مناخ ديمقراطي، بالتزامن مع تحقيق حالة انفراج بالعفو عن المحكومين والملاحقين بقضايا سياسية تتصل بالرأي والتعبير والتجمعات.
١٠- سنّ قانون ديمقراطي لإشهار الأحزاب السياسية على أسس وطنية، بما يساعد على تنظيم الحياة السياسية وتطوير الممارسة الديمقراطية.
ونحن في الحركة التقدمية الكويتية ندرك جيداً صعوبة تحقق هذه الخطوات الإصلاحية، ولكننا في الوقت نفسه نثق بقدرة شعبنا على النضال من أجل فرض تحقيقها طال الزمان أم قصر، وسنحرص من جانبنا على توعية الرأي العام الشعبي وتعبئته لخوض صراع سياسي طويل النَفَس مع السلطة وحلفها الطبقي من أجل الاستجابة لهذه الاستحقاقات الإصلاحية وتلبيتها، بما في ذلك عبر استخدام الحملات الانتخابية والمنبر البرلماني لطرحها والدفاع عنها، إلى جانب وسائل وأساليب العمل السياسي والجماهيري الأخرى.
الكويت في ٢ يوليو ٢٠٢٠