تواصل القوات التركية حملاتها العسكرية الجوية والبرية داخل الاراضي العراقي، بدعوى ملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني. وقد قامت خلال الايام الماضية بإنشاء نقاط مراقبة عديدة وقواعد عسكرية تقول انها مؤقتة، فيما نفذت قصفا عنيفا أودى بحياة العديد من المدنيين الكرد الآمنين، وعلى السيادة العراقية التي أصبح انتهاكها أمرا عاديا بالنسبة الى القوى السياسية، التي لم يثرها الأمر هذه المرة.

عمليات عدوانية شرسة

وشوهدت القوات التركية وهي تنقل معدات عسكرية متطورة، فيما قامت مدفعيتها بقصف عنيف لمنطقة ناحية دركار التابعة لقضاء زاخو، رغم خلوها من مقاتلي حزب العمال الكردستاني بحسب إفادات الأهالي.
وتمركزت القوات ايضا في جبال قرى تشيشة ووادي قسروك في ناحية دركار، وقامت برفع سواتر ترابية وبناء مقرات عسكرية لها، كما تمركزت في جبل مطل على قرية كشاني على الحدود واقامت عليه نقاط اخرى للمراقبة، وعززت انتهاكاتها بقصف مدفعي لمناطق برواري بالا ونيروريكان، وشنت حملة جوية بطائرات اف 16 مستهدفة المناطق المكتظة بالمدنيين، وتسبب عدوانها الاجرامي حسب احد المصادر باستشهاد أربعة مدنيين في محافظة دهوك.
وإثر تمادي القوات التركية في عدوانها، نظم أهالي ناحية شيلادزى تظاهرة عارمة السبت الماضي، توجهت صوب احدى القواعد العسكرية التركية الموجودة في مجمع سيريى، احتجاجا على القصف المتكرر لمناطقهم. ورافق التظاهرة صدام مع القوات الأمنية وتوتر شديد. إلا إن الطائرات التركية جددت اعتداءاتها في اليوم التالي وقامت بقصف جبل متين ومناطق نهيل.

قتل المدنيين وتهجير القرى

خلال ذلك، أكد متحدث باسم حزب العمال الكردستاني، كاوه شيخ موس، إن القصف التركي ادى منذ بدء عملية مخلب النمر قبل اسبوع إلى استشهاد ٦ عراقيين وتهجير ١٠ قرى حدودية تابعة إلى إقليم كردستان، بحسب تصريح صحفي أدلى به إلى وكالة "سبوتنيك" الروسية.
وأضاف موس ان "القصف التركي أحرق حقولا للشعير والحنطة، وأضر بالبنى التحتية والمنازل، وأن أغلب المواقع التي استهدفها لم يوجد فيها مقاتلو حزب العمال الكردستاني. واستهدف القصف مخيما للاجئين من أكراد تركيا موجودون في قضاء مخمور منذ أكثر من ٢٧ سنة"، لافتا الى ان "الطيران التركي استهدف المدنيين، والقرى الجبلية، ما أسفر عن مقتل ٣ مواطنين في منطقة شيلادزي، وأثنين في منطقة متينة، وآخر في منطقة برادوست".

"حزب العمال": لا نتواجد داخل العراق

وقال موس، إن "مقاتلي حزب العمال الكردستاني، يحاربون منذ ٣٥-٤٠ سنة الدولة التركية، وهم موجودون في المناطق الحدودية ولا توجد لهم مواقع في الأراضي العراقية. لكن تركيا تدعي تواجدهم لكي تتدخل في شؤون العراق كما تدخلت في ليبيا، وسوريا، وهي مؤامرة واضحة لتوسيع نفوذها في المنطقة"، مبينا أن "مقاتلي حزب العمال الكردستاني، نفذوا خلال الأيام الأخيرة، ضربات موجعة للجيش التركي، أسفرت عن مقتل أكثر من ٢٠ جنديا من الكوماندوز واحبطت عملية إنزال جوي، وتسببت في تراجع البقية في الكثير من المناطق لا سيما في (حفتانين) الحدودية".

قواعد تركية غير رسمية داخل الإقليم !

في اثناء ذلك كشف عضو في الاتحاد الوطني الكردستاني عن عدد القواعد العسكرية التركية "غير الرسمية" في كردستان.
وقال علي ورهان، لوكالة "بغداد اليوم"، إن "لتركيا ٢١ قاعدة عسكرية غير رسمية داخل إقليم كردستان، وهي موزعة بين دهوك واربيل وفي مناطق مختلفة، وتضم مختلف الأسلحة وتصلها الإمدادات والغذاء عن طريق الجو"، مبينا أن "أكبر قاعدة تركية هي الموجودة في ناحية كاني ماسي بمحافظة دهوك، وتضم حوالي ١٥٠٠ عنصر من الجيش التركي".
واشار إلى أن "وجود هذه القواعد يستند الى اتفاق مع النظام السابق، يسمح لهم بدخول الأراضي العراقية بعمق ١٠ كيلو متر. ومع هذا فالتوغل التركي الحالي وصل إلى مئات الكيلومترات".

القوى السياسية وهامشية السيادة!

وعلق النائب محمد البلداوي على العدوان التركي قائلا ان "الكتل السياسية لم تتفق على موقف موحد بشأن السيادة العراقية، ولم تهتم بقصف العراق أكثر من مرة على يد جهات معادية عديدة، وكان الصمت سيد الموقف".
واضاف البلداوي ان "العراق اصبح ساحة للاقتتال وتصفية الحسابات، ومن الطبيعي أن تعتدي تركيا على اراضينا، ما دام الرد المناسب غائبا ومعه القرار الوطني بضرورة حماية السيادة". واكد أن "أبرز اسباب العدوان الخارجي واستمراره هو الانقسام السياسي الداخلي بين الكتل، والولاءات الخارجية على حساب مصلحة الوطن".

خيارات المناورة

من جانبه، أوضح المحلل السياسي، احسان الشمري، إن "تركيا تعلم أن ظروف العراق الحرجة تمنعه من اتخاذ أي موقف تصعيدي، وهي تستغل ذلك، علما أن الحكومة العراقية لا تملك مساحة للمناورة من أجل خلق مسارات لحل المشكلة"، مشيرا إلى وجود مسارين، احدهما اقتصادي و "يبدو أنه خيار جيد ولكن لم يتم تفعيله".

رد عراقي خجول

وبنظر الخبير الأمني عماد علو، فان "الرد العراقي خجول بسبب غياب القرار السياسي بشأن السيادة .. اضافة للمشاكل بين حكومتي المركز والاقليم، وغياب التعاون العسكري واللوجستي والاستخباري، نظرا للنزاع على السلطة والنفوذ، وبالتالي إهمال الاعتداء التركي من جانب، والإيراني من جانب آخر".

عرض مقالات: