نورس حسن
اكد عضو المجلس الاعلى لمكافحة الفساد سعيد ياسين موسى انه على الرغم من تعدد المؤسسات التي تُعنى بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، وبضمنها المجلس الاعلى، كذلك القوانين المعوّل عليها في تحجيم نسب الفساد بمختلف انواعه واشكاله، فان ذلك كله يبقى مجرد عناوين غير فاعلة بوجود مجلس النواب الحالي واستمرار المساعي لافراغ تلك المؤسسات من محتواها.
وقال موضحا دور البرلمان في تعطيل فاعلية المؤسسات والقوانين المذكورة انه "بوجود مجلس النواب الحالي، الذي ساعد ويساعد في سيطرة النفوذ السياسي وتغليب المصالح الشخصية على المصالح العامة دون رادع يذكر، فان جميع مؤسسات مكافحة الفساد تبقى مجرد عناوين غير فاعلة، لا سيما مع استمرار المساعي لافراغها من محتواها".
وفي ضوء هذا شدد موسى على " ضرورة السعي الى اجراء انتخابات مبكرة، تحظى بمشاركة ايجابية من جانب ابناء الشعب العراقي لاختيار ممثليهم في مجلس النواب، وتعيد ثقة المواطنين بالمؤسسات الحكومية من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة".
وتابع يقول ان "على القضاء العراقي القيام بدوره في ابلاغ الجمهور والافصاح عن المعلومات حول نتائج التحقيقات التي يتوصل اليها في مكافحة الفساد، وتقديم كل من يشارك فيه الى العدالة، اضافة الى كشف جميع انواع الضغوط التي يتعرضون اليها لحرف التحقيقات، كي يكون كل من يمارسها عبرة لمن اعتبر".
واشار الى التطور المثير للقلق الشديد الذي شهدته الاشهر الماضية عندما "ارتفعت نسب الفساد بشكل كبير إثر انطلاق تظاهرات تشرين الاول الفائت، وكان من ابرز مظاهرها عرقلة التحقيقات في قتل المتظاهرين السلميين وللكشف عن الجناة، وعمليات الاختطاف التي استفحلت بشكل ملفت دون رادع قضائي يذكر حتى الآن".

فساد لا يجرمه القانون

وتحدث ياسين عن "ثلاث سلوكيات" تنتهجها "عناصر متعددة" لتحقيق منافع خاصة لا يجرمها القانون وهي:"استغلال النفوذ والاتجار به واستثماره".
واوضح المقصود باستغلال النفوذ قائلا انه "استغلال الوظيفة العامة او السياسية لتحقيق مكاسب شخصية او فئوية خارج القانون". واضاف ان الاتجار بالنفوذ "يتجلى خصوصا في المتاجرة بالتعيينات في المؤسسات الحكومية من قبل شخصيات تملك صلاحية التعيين، فتفرض على المواطنين شراءه رغم انهم يستحقون الحصول عليه دون مقابل." وفي ما يخص استثمار النفوذ فالمقصود حسب قوله هو "التأثير على التوجهات الخاصة بالعقود وحرفها لـتمويل "مشاريع" غير المخصصة اصلا لها، والاستحواذ بالتالي على المال العام"
وشدد ياسين على ان هذه السلوكيات الثلاث تمارس "بحماية النفوذ السياسي".
واستحضر امثلة من الواقع على هذا النفوذ المهيمن في مفاصل الدولة وتضارب المصالح مشيرا الى ان هناك " في الكثير من المؤسسات الحكومية افراد عائلة واحدة يعملون في مكتب واحد ويرتبطون بمسؤول واحد. ونجد ايضا مسؤولا معينا يدير شركة حكومية ويقوم باحالة عقودها الى مسؤول تجمعه به مصالح مشتركة".

غياب الشفافية في التعيينات

وذكر في هذا الصدد ان مجلس مكافحة الفساد واجه مشكلة في التعيينات على ملاك وزارة التربية، التي اطلقتها مجالس المحافظات العام الماضي. وقال ان المشكلة كانت تكمن "في كون تلك التعيينات لم تتم وفق اسس الشفافية والمهنية والمنافسة، بل ان المحسوبيات والمصالح الشخصية كانت هي الطاغية فيها". وأشار الى الآلاف من الخريجين والمحاضرين الذين قدموا وفق السياقات القانونية طلبات للتعيين ضمنها "ولكن لم تظهر اسماؤهم في قوائم المقبولين، بل ظهرت اسماء من هم في الغالب من اقارب اعضاء مجالس المحافظات او القيادات الادارية والجهات السياسية، او من يتمتعون بنفوذ عليهم".
وتابع يقول ان "هذه الممارسات وامثالها تسلب عامة الناس حقوقهم، لكنها جميعا ليست مما يُجرّمه القانون"، وأضاف: "كان مفترضا ان تخضع وظائف الدولة كافة الى التدابير الوقائية، من خلال الحصول على الوظيفة بالمنافسة بين المتقدمين للحصول عليها، اضافة الى تفعيل عمل مجلس الخدمة المدنية، الذي عُطل عن عمد بقوة النفوذ السياسي".
وعبرعن بالغ الاسف لما "لدينا في العراق من قصور كبير في هذا المجال، بحيث ان استغلال النفوذ وصل الى مستوى الابتزاز الجنسي".
وبخصوص الاجراءات المطلوب اتخاذها للمعالجة، قال ياسين بوجوب "اعادة النظر في القوانين على وفق المعايير الدولية ومبادئ الحكم الرشيد، وبما يؤدي الى تعزيز النزاهة. كما يتوجب تشديد العقوبات على مستغلي النفوذ السياسي و الوظيفة العامة لتحقيق مصالح شخصية. فالعقوبات في هذا الميدان ضعيفة وغير رادعة، وغالبا ما تغلق قضايا ارتكاب هذه الافعال باعادة المتهم بها الى وظيفته بعد دفع غرامة بسيطة".
واستطرد عضو مجلس مكافحة الفساد مؤكدا "وجوب ممارسة القضاء دوره الحقيقي الرادع في اجراء عمليات التحقيق، والا يقيد عمله هذا من قبل الوزراء في الوزارات المختلفة، نظرا الى كونه قبل كل شيء سلطة قائمة بذاتها".
وبيّن في هذا الصدد ان مجلس مكافحة الفساد "اكتشف مؤخرا وجود اكثر من 12 الف ملف فساد معلقة، لا لشيء الا لأن اوامر صدرت من قبل بعض الوزراء بحفظها وعدم السماح باجراء التحقيقات الادارية في شأنها مع الموظفين التابعين لوزاراتهم".
وفي الصدد ايضا ذكر ان "المجلس تمكن عبر التعاون والتنسيق مع القضاء وهيئة النزاهة، من سحب يد 1600 موظف من درجات وظيفية مختلفة وفي مراكز ووزارات مختلفة، واحالتهم الى القضاء للبت في قضاياهم".
وبيّن ياسين ان "التظاهرات التي انطلقت في تشرين الاول من العام الماضي والوقفات الاحتجاجية التي سبقتها جميعا، جاءت ردا على استفحال هذا النوع من استغلال النفوذ، الذي لم يكن بالامكان معالجته بسبب كونه من الجرائم التي لا تجرّمها قوانيننا النافذة".

هيمنة النفوذ السياسي

وتحدث عضو المجلس الاعلى لمكافحة الفساد عن النفوذ السياسي معتبرا اياه "اخطر انواع النفوذ"، وقال ان التقرير النهائي للمجلس للعام 2019 "بيّن ان عدد التجاوزات (باستغلال النفوذ السياسي) بلغ 3289 تجاوزا، وهذا يعادل 41 بالمائة من مجمل التجاوزات المتصلة بالفساد. كما ان عدد المتهمين بصفقات الفساد من الوزراء وصل الى 34 وزيرا، وقد صدر بحقهم 45 أمر استقدام"، موضحا ان بعضهم لم يستجب لأمر الاستقدام الاول، فصدر امر استقدام آخر له. واستطرد يقول بخصوص المتهمين من المدراء العامين وبقية أصحاب الدرجات الخاصة ومن بدرجتهم ان "عددهم وصل الى 340 متهما، وان 437 أمر استقدام صدر بحقهم".
وذكر ان مجمل اوامر الاستقدام التي صدرت بحق وزراء ومدراء عامين ومن بدرجتهم هو 5955 أمرا، وان مجموع الاوامر القضائية الصادرة بشأنهم 7858 أمرا،بضمنهم من صدر بحقه اكثر من أمر قضائي".
وفي خصوص اوامر القبض ذكر السيد ياسين ان هناك "9 وزراء صدر بحقهم 17 أمر قبض، و91 مديرا عاما ومن بدرجته صدر بحقهم 165 امر قبض تتعلق بـ 2224 قضية، فيما بلغ مجموع اوامر القبض الصادرة 2473 أمرا". واضاف ان بين القضايا المذكورة " 743 قضية إضرار عام متعمد، و366 قضية اختلاس، و275 قضية استغلال للوظيفة، و141 قضية رشوة و96 قضية اهمال وتزوير".
واشار ياسين في سياق حديثه الى قانون العفو العام، الذي تم تعديله عام 2016 ، عادا اياه من اسوأ القوانين، فـ "بموجبه تم اطلاق سراح الكثير من الفاسدين ذوي النفوذ السياسي، مقابل ارجاعهم الاموال التي اختلسوها".
وذكر في هذا الشأن ان "مجلس مكافحة الفساد طلب ادراج فقرة تنص على عدم قبول ترشيح المدانين بجرائم الفساد ضمن قانون الانتخابات السابق. ولكن ضُرب بالطلب عرض الحائط، لذلك ترى اليوم الكثير من اولئك الفاسدين يتصدرون مراكز مهمة في الدولة، ومنهم اعضاء في مجلس النواب ووزراء". وفي ما يتعلق باسترجاع الاموال بيّن انه لم تظهر حتى الآن اية مؤشرات على حجم الاموال التي تم استرجاعها، وأضاف ان هذا يسمى في أدبيات مكافحة الفساد "الافلات من العقاب" و"التسامح تحت غطاء القانون".
ونوّه ياسين الى ان "هناك الكثير من ملفات الفساد بحوزة القضاء ولم يتم انجازها بعد بفعل النفود الاداري والسياسي". وتحدث عن رصد اوامر صادرة مؤخرا عن بعض الوزراء، تقضي بمنع اجراء تحقيقات مع الموظفين التابعين الى وزارتهم "الامر الذي يجعل هؤلاء الموظفين يستسهلون الاعتداء على المال العام، ويتيح للمتهمين فرصة الهرب الى خارج العراق، بعد تأمين سبل العيش الباذخ لانفسهم ولافراد عائلاتهم".
وارتباطا بذلك عاد الى موضوع الغاء مكاتب المفتشين العموميين التي انفقت عليها اموال غير قليلة، ودون توفير بديل لها،وقال ان ذلك تم "بفعل النفوذ السياسي وبعد ان صارت المكاتب المذكورة احد المدخلات الاساسية في الرقابة الاستباقية، وللمعلومات ذات الصلة بالاجراءات غير القانونية والتي تسبب ضررا في مجال المال العام بمختلف الاشكال". واضاف ان هذا الاجراء "جاء بعد عدم رضوخ اعضاء المكاتب من المفتشين الى الضغوط السياسية المتعلقة بالتعيينات او لتمرير صفقات فساد".

عراقيل سببها النفوذ السياسي

وألقى ياسين اضواء على بعض جوانب تأثير النفوذ السياسي على تنفيذ مشاريع البنى التحتية وما له علاقة بالوضع الاقتصادي، وذكر بمشاريع الـ 10 مستشفيات الكبيرة التي لم يتم تنفيذها منذ عام 2008 حتى الآن "لأسباب مبهمة ووسط تكتم الكثير من الجهات السياسية بهذا الخصوص، حتى وقعنا في مطب الحاجة الماسة الى أماكن للحجر ارتباطا بانتشار فيروس كورونا". واشار ايضا الى مشروع مستشفى القوة الجوية التابعة الى وزارة الدفاع، والتي صرف لاجلها 148 مليار دينار منذ عام 2011 ، ولم تنجز الان. كذلك مشروع قناة الجيش "الذي يعتبر اهانة للعاصمة بغداد" حسب قوله، والذي خصص له في حينه مبلغ 143 مليون دولار، اضيف اليه في ما بعد 11 مليون دولار بعد ما قيل عن اضافات الى العقد من قبل امانة بغداد. "وقد انفق على المشروع فعلا من المبلغ المذكور 90 مليون دولار ذهبت هباءً، وبقي "المشروع" وصمة عار في جبين الجهات الحكومية المسؤولة".
وفي ما يتعلق بالابنية المدرسية، قال ان وزراء التربية في الحكومات المتعاقبة متهمون جميعا بقضايا فساد، بعضها يتعلق بالابنية المدرسية وغيره بطبع المناهج الدراسية او بالتجهيزات المدرسية. "وهناك صفقات فساد كبيرة في هذا الميدان لا يعرف شيء عنها حتى الآن."

عقارات الدولة

وفي شأن عقارات الدولة أفاد ياسين ان ملفها شائك نظرا لوجود الآلاف من هذه العقارات في عموم العراق مستغلة بفعل ذوي النفوذ السياسي "فهناك كثير من الشخصيات السياسية التي تؤثر بشكل كبير على دوائر العقارات، وتتمكن بواسطتها من الاستحواذ على ممتلكات حكومية لتحقيق مصالح خاصة".
واشار في هذا الصدد الى ان النائبة ماجدة التميمي اظهرت تعاونا كبيرا في هذا المجال، وانه على إثر ذلك صدر امر ديواني بتشكيل لجنة لمتابعة العقارات في مجلس مكافحة الفساد، مهمتها جرد المواقع وفرز المستغل منها ووضعها تحت الرقابة القانونية. الا ان اللجنة كما اضاف "تعاني من ضغوط كبيرة غايتها حرف التحقيقات في التجاوزات، او دفع اللجنة الى رفع الحجز عن ممتلكات النظام السابق، فضلا عن محاولات إرشاء اعضائها. لكن اغلب هذه المحاولات باءت بالفشل، وبذلك استطاع القضاء ارجاع الكثير من العقارات".
وفي السياق ذكر ان المجلس اقترح شمول مسألة عقارات الدولة بقانون من اين لك هذا؟ المعطل هو الآخر بسبب النفوذ السياسي، الامر الذي ساعدعلى استفحال الفساد بشكل كبير في هذا الميدان".
وفي السياق ايضا أشار الى شخصية سياسية، لم يشأ ذكر اسمها، استملكت 45 عقارا وقصرين منذ سقوط النظام السابق حتى الآن، ولم تتعرض الى اية مساءلة قانونية. كما تحدث عن قطع ارض ودور أقيامها بمليارات الدنانير تستغلها احزاب متنفذة دون مقابل، وعقارات غيرها مستغلة بموجب عقود ايجار من دون ان يسدد شئ من مستحقاتها المالية.
وقال ان قسما من الممتلكات العائدة الى النظام السابق مستغل ايضا من قبل احزاب وجهات نافذة، ترفض إرجاعها الى الدولة بحجة انها كانت ملكا "لنظام سابق مجرم".
وفي خصوص الضغوط التي يمارسها اصحاب النفوذ السياسي لرفع الحجز عن الممتلكات الحكومية ، قال ان مجلس الوزراء أصرّ على عدم رفع الحجز، وان مخاطبات في هذا الشأن جرت مع مجلس القضاء الاعلى".
واختتم عضو مجلس مكافحة الفساد حديثه في هذا المحور قائلا ان الصراعات المتواصلة بين القوى السياسية على مدار الدورات النيابية المتتالية حتى اليوم، ليست ابدا لمصلحة الشعب او البلد، وانما هي تنازع من اجل مصالح شخصية سواء من خلال التشريعات القانونية او العقود وصولا الى الوظائف العامة".

عرقلة تشريع القوانين

وفي شأن آخر أشار ياسين الى ان ادارة الدولة تشرّع القوانين بعقلية سياسية لا عقلية قانونية، وان القوانين يتم تغييرها حسب الأمزجة والمصالح الشخصية للقوى السياسية لا بناء على المصلحة العامة. وقال ان "خير مثال على ذلك هو تغيير قانون الانتخابات بنحو يتعارض في صيغته النافذة مع مبادئ الديمقراطية والحكم الرشيد، وهو ما ادى في نهاية المطاف الى مجيء مجلس نواب لا يلبي طموحات الشعب العراقي، ويعتبر أضعف مجلس منذ عام 2003، وذلك لكون 80 بالمائة من الشعب العراقي لم يشاركوا في الانتخابات".
وقال ايضا ان عدم اتمام تشكيل مجلس الخدمة جرى هو الآخر عن قصد من طرف متنفذين كثيرين في الاطراف السياسية، نظرا الى كون وجود المجلس يتعارض مع مصالحهم الخاصة ويصب في مصلحة عامة الشعب، ويمنح الأغلبية الحق في فرص العمل، ويحدّ من الاستغلال الوظيفي من خلال اخضاع التعيينات للمنافسة". ولفت في هذا الخصوص الى ان هناك وعودا يطلقها البعض في مجلس النواب باعادة النظر في موضوع مجلس الخدمة خلال الفصل التشريعي القادم.
وحول فوضى التعيينات افاد ياسين ان غياب الدور الرقابي، والسعي المجرد لتهدئة الشعب الثائر الذي يعاني اغلبه من البطالة ومن دون دراسة الواقع، وضعا وزارة الكهرباء امام معضلة توفير الاموال للمواطنين الذين تم تعيينهم حديثا على ملاكات الوزارة. وقال ان هذه التعيينات لم تخلُ هي ايضا من الفساد ومن بيع الوظائف "فقد جرى جمع اسماء العديد من المتظاهرين بهدف تعيينهم، ولكن بعد ظهور الاسماء تبيّن ان 10 بالمائة فقط من المتظاهرين تم قبولهم، اما البقية فتم اختيارهم وفق المحسوبيات".
واشار ايضا الى اجراءات وزارتي الدفاع والداخلية باعادة 48 الف منتسب سابق الى الخدمة، "رغم وجود شبهات عن تعاون بعضهم مع داعش الإرهابي، ورغم ان آخرين منهم تركوا الخدمة اثناء الحرب" كما ان الاجراءات اتخذت "على الرغم من اعتراض الجهات الرقابية المعنية بالفساد، التي طالبت بمساءلتهم قبل اعادتهم الى الخدمة".

قانون تجريم الرشاوى لا يردع

وجوابا على سؤال يتعلق بمصير من يتقاضون الرشاوي المالية لقاء تحقيق مصالح خاصة اوضح ان التقرير الاخير لهيئة النزاهة اشار بشكل واضح الى احصائيات تتعلق بمتقاضي الرشاوي "وتضمن ادانة لشخصيات ذات مناصب ادارية في جميع الوزارات". واستدرك قائلا:" ان الرشوة تندرج ضمن الافعال المجرّمة قانونا على الرغم من وجود استنكارات"
ولفت السيد ياسين الى ان "من غير الممكن ذكر اسماء من تورطوا بتسلم الرشى الا بعد صدور احكام باتة فيها، فهذا يعتبر انتهاكا لحقوق الانسان حسب اتفاقية مكافحة الفساد الدولية في المادة 10, كما ان الهدف الاساس لاصدار الاحكام اصلاحي غايته حماية المال العام وترسيخ القيم المجتمعية الايجابية".

اجراءات لابد منها

وفي شأن الاجراءات الآنية اكد العضو المراقب في مجلس مكافحة الفساد ان "متطلبات تعزيز النزاهة جميعا مرهونة باصلاح النظام السياسي بصورة عامة، وبعكس ذلك لن يحل شيء من مشاكل الفساد. وان من المفترض ان يتم ذلك عبر تطبيق معايير جودة الديمقراطية في قانون الانتخابات، لضمان مشاركة واسعة في الترشيح والترشح، والسعي لأن تكون مفوضية الانتخابات مستقلة فعلا وحقا". وأضاف انه "يجب ايضا منع اي نشاط اقتصادي للاحزاب، وان تكون لديها شركات كواجهة اقتصادية تمارس وتستدرج العقود والمشتريات الحكومية، وان توضع معايير لتمويل الاحزاب من ميزانية الدولة، كل حسب تمثيله في البرلمان".
ولفت الى اننا في العراق "نعاني من خلل في قانون الانتخابات، وفي مفوضية الانتخابات، وفي الممارسة الاقتصادية للاحزاب. وفي حال السيطرة على هذه الجوانب سيمكن تعزيز الاداء السياسي وسيادة القانون وإنفاذه، وان العكس يتيح التدخلات الخارجية واستفحال استغلال النفوذ".
وبيّن سعيد موسى ياسين "ان الجزء الاهم في الاجراءات الاصلاحية هو ان ياخذ القضاء دوره في البت بقضايا الفساد، وتعريف الشعب بالقضايا التي تم حسمها، والاعلان عن كل من يحاول التأثير لحرف مسارات التحقيقات من اجل استعادة ثقة المواطنين. وبالتالي يكون القضاء العين الساهرة على تحقيق العدالة وحماية المجتمع ومصالحه ومصالح جميع مكونات الشعب العراقي، الذي سيقوم هو الآخر بدوره في مساندة القضاء والجهات الرقابية ورفدها بالمعلومات، والابلاغ عن صفقات الفساد، وبالنتيجة تحقيق العدالة في صفوف المجتمع العراقي".
واختتم عضو مجلس مكافحة الفساد حديثه لـ "طريق الشعب" بالقول ان الشئ الذي لا بد من تحقيقه، هو "تشريع قوانين تجرّم الافعال الجرمية غير المجرمة في القانون العراقي, ونحن كخبراء على دراية تامة بوجود فجوة قانونية بين القوانين العراقية واتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، خاصة تلك التي تتعلق بقانون حق الحصول على المعلومات وتجريم الافعال غير المجرمة (مثل استغلال النفوذ السياسي)، وتجريم تضارب المصالح وتضخيم الاموال دون حق مشروع، وهذه كلها يتوجب تشديد العقوبات على مرتكبيها".