لبى أكثر من 148 منظمة أوروبية دعوة حزب اليسار الأوروبي للمشاركة في الدورة الثالثة لـ"المنتدى الأوروبي"، التي استضافتها، في الفترة 8 -11 تشرين الأول الحالي العاصمة البلجيكية بروكسل. وكان شعار المنتدى المركزي "الكوكب يحترق، ومعه الديمقراطية"، واختار المنظمون أسلوبا مناسبًا لتوفير فضاء لـ410 مشاركًا من 37 دولة، من قوى اليسار والقوى التقدمية وحركات الخضر والنقابات العمالية، لتبادل الرؤى ووجهات النظر. وكان الواقع السياسي والمهام المقبلة لممثلي القوى اليسارية والتقدمية في البرلمان الأوروبي، وعمل النقابات العمالية مادة المنتدى الأساسية.
وعكست النسبة العالية من الناشطين والمهتمين السياسيين الشباب، الاستعداد اللافت للوصول الى إجماع مشترك يتجاوز الحدود الوطنية، لتنفيذ النشاط المشترك: مكافحة التغيرات المناخية، اجبار النخب السياسية المهيمنة على التعامل مع الملفات الرئيسة، والتلازم بين مكافحة الظلم الاجتماعي والتحولات البيئية وضع الحلول المطلوبة وتعزيز التعاون بين القوى المتقاربة في نمط التفكير.
وتعددت اعمال المنتدى ما بين الجلسات العامة، وورشات العمل، والاجتماعات لمناقشة مواضيع محددة. تناول المشاركون فيها الملفات والقضايا التي تقف في مركز اهتمام قوى اليسار والتقدم، في مجتمع رأسمالي تهزه الازمات، ويجري فيه التخلي عن الانسان. وعلى الرغم من المناقشات المتباينة للمنظمات المشاركة، جرى الاتفاق على حزمة من الإجراءات القابلة للتنفيذ، او تلك التي تدفع العمل الى امام من اجل التحولات الاجتماعية والبيئية: الاستخدام العقلاني للموارد، وتحجيم الاستغلال المفرط للطاقة، ووضع بدائل على طريق الإنتاج المستدام، لمواجهة النمو المفرط.
واكد المشاركون في ورشة عمل خاصة، أهمية الدور الذي تلعبه مؤسستا "تحول" للبحوث التابعة لحزب اليسار الأوربي، ومؤسسة روزا لوكسمبورغ للتحليلات المجتمعية التابعة لحزب اليسار الألماني، والوصول الى إجابات لمواجهة التحديات المجتمعية عالميا، ولمد الجسور بين المعارف العلمية والواقع السياسي والاجتماعي، وبواسطة جهد المختصين والعديد من الدراسات، يجري فتح مسارات للتحليل السياسي المستند الى المعارف العلمية، لتأشير المخارج الممكنة من رأسمالية الأزمات.
وتضمنت المساهمات في الجلسات العامة تحليلات عميقة تناولت الترابط الضروري بين التنمية الاجتماعية، والتحديات الناتجة عن التوجه البيئي في إطار النظام الاقتصادي الرأسمالي في أوربا. والمثل المتميز هو الاشارة الى سعي الحركة النسوية الى تعميق التوجه النسوي في المجتمع، وتعزيز العمل من اجل منح النسوة كامل حقوقهن، والتشديد على المساواة بين الجنسين في مواقع العمل، والاعتراف بالعمل المنزلي، والتأكيد على أهمية التنمية المستدامة.
ويمثل النضال في سبيل السلام حجر الزاوية في استراتيجية اليسار الأوربي، ولهذا خصصت ورشتا عمل، تناولتا الحاجة المستمرة للعمل السياسي ضد العسكرة المتزايدة في أوروبا وخطر الحرب الذي يهدد القارة.
وجرى الاهتمام بالكيفية التي واجهت فيها حركة "جمعة من اجل المستقبل" في بعض البلدان، محاولات وتأثير منظمات الليبرالية الجديدة، التي سعت الى احتواء الحركة الشبابية الصاعدة في إطار النظام الرأسمالي، وجرى التأكيد على نجاح الشبيبة في فرض التراجع على هذه المحاولات وافشالها.
وجرت مناقشات مكثفة لظاهرة صعود اليمين المتطرف في العديد من البلدان الاوربية، واكد المشاركون على الأهمية القصوى على العمل المشترك لقوى اليسار والتقدم، وتنظيم الحملات، للتمكن من تحديد اتجاهات عمليات التغيير الممكنة في اوربا.
وتناول المنتدى أيضا ملفات العمل من اجل تجارة تضامنية، وسياسة التصنيع الاوربية، والسياسات بشأن المهاجرين واللاجئين، وحصول الأثرياء على تسهيلات ضريبية على حساب الفئات الوسطى، وضياع حق العاملين الاجراء.
ورفض ؤ روبرت فرتسيل من اتحاد النقابات البلجيكي الاتهام الذي يجري ترديده بأن النقابات تتمتع بشرعية أقل ديمقراطية من الممثلين المنتخبين، واعتبره تقليل غير مقبول من شان الحركة النقابية، لان النقابات والمنظمات غير الحكومية لاعبان مهمان في الحياة الديمقراطية من أجل إنهاء تحجيم المكتسبات الاجتماعية في الاتحاد الأوروبي، وطالب بإنهاء مسلسل تخفيض الأجور والضرائب، ويجب أن يصبح بروتوكول التقدم الاجتماعي جزءًا من معاهدات الاتحاد الأوروبي، وهناك ضرورة لخفض عدد ساعات العمل، وتوسيع دور النقابات في عمليات التفاوض مع الإدارات، وكذلك مشاركة النقابات السياسية في الاتحاد الأوروبي، الى جانب تعزيز العمل المشترك بين قوى اليسار والتقدم وقوى حماية البيئة، لان الاستغلال لا يطول الكوكب والنظام البيئي، فقط ، يل أيضًا العمال ، وخاصة النساء اللائي يقمن بالكثير من أعمال الرعاية المجانية.
وفي ختام اعمال المنتدى ساد اتفاق على استمرار التشاور بين المنظمات المشاركة، مع استمرار الحوار بشأن الشكل التنظيمي الذي سيأخذه المنتدى. وكان المنتدى قد انطلق في عام 2017 في مدينة مرسيليا الفرنسية بمبادرة من حزب اليسار الأوربي، واستضاف الحزب الشيوعي الفرنسي أعمال دورته الأولى.

عرض مقالات: