لا تزال مسألة توقيع اتفاقية بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الارهابية تتعثر. على الرغم من ادعاء كبير المفاوضين الأمريكان زلماي خليل زاد أن الطرفين اتفقا من حيث المبدأ على انسحاب القوات الأجنبية، مقابل ضمانات من طالبان بمكافحة الإرهاب، وان نص الاتفاق جاهز للتوقيع. والكلمة الأخيرة تبقى للرئيس الامريكي دونالد ترامب، وللقيادة المركزية لطالبان، اي ان الحكومة الافغانية غير معنية مباشرة بتوقيع الاتفاق. وفي الوقت نفسه أكد خليل زاد، في تصريح لإذاعة محلية، ان الطرفين سيناقشان في العاصمة القطرية الدوحة جملة من التفاصيل الفنية تتعلق بمن يوقع الاتفاق ومكان التوقيع.
ولكن خليل زاد اعترف بوجود مشكلة. فحركة طالبان تصر على استخدام تسمية "امارة افغانستان الاسلامية" في نص الاتفاق. ولكن هذا لا يعني حسب خليل زاد الاعتراف بحكومة موازية في افغانستان، فالولايات المتحدة تعترف بحكومة الرئيس اشرف غني. ومع ذلك تعتبر هذه الصيغة اهانة واضحة للحكومة الافغانية.
وأضاف خليل زاد الذي زار كابول، "للتشاور" مع الرئيس الافغاني، انه بعد توقيع الاتفاق سيجري حوار شامل يضم الى جانب طالبان المعارضة الافغانية ومنظمات المجتمع المدني، ويهدف للتوصل الى اتفاق سلام داخلي ونظام سياسي جديد لما بعد الحرب. وان هذا الحوار سيبدأ قبل الانتخابات العامة التي ستجري في 28 ايلول الحالي.
وفي الوقت الذي يتعزز فيه دور طالبان السياسي، يتراجع دور الحكومة الرسمية التي لم تشارك في مفاوضات الدوحة.
بعض التفاصيل
وكشف خليل زاد عن بعض تفاصيل الاتفاق، الذي بموجبه ستخلي الولايات المتحدة خلال 135 يوماً خمس قواعد عسكرية وتسلمها للقوات الحكومية. ومقابل ذلك تلتزم طالبان بمنع اي نشاط للمجاميع الارهابية الاجنبية الاخرى، في المناطق التي تسيطر عليها، وتعمل على اخراجها من البلاد. وتحتفظ الولايات المتحدة بحق اعادة قواتها في حال محاولة طالبان السيطرة بالعنف على السلطة.
واشار خليل زاد الى ان افغانستان ستدخل في مرحلة انتقالية، ما يعني حسب تفسير وسائل اعلام محلية الغاء الانتخابات المقبلة وتشكيل حكومة انتقالية.
الاتفاق لا يعني السلام
وبينما كان خليل زاد يتحدث في التلفزيون الافغاني هاجمت طالبان بشاحنة مفخخة ما يسمى بـ"القرية الخضراء" حيث يسكن الدبلوماسيون الاجانب والشركات الامنية الاجنبية، ما ادى الى قتل وجرح اكثر من 200 مدني من سكان القرية. وعلى إثر ذلك شهدت كابول، الثلاثاء الفائت، احتجاجات طالبت بابعاد المرافق العسكرية وشبه العسكرية من الاحياء السكنية.
وتستمر في هذه الاثناء المعارك ايضا بين قوات طالبان والقوات الامريكية والحكومية في العديد من المحافظات الافغانية، وتقوم الطائرات الامريكية والحكومية بقصف مواقع طالبان، اي ان التقدم في المفاوضات لا يعني حتى اليوم الاقتراب من السلام.
وكان الرئيس الامريكي ترامب قد أكد، الخميس الفائت، في حديث له مع شبكة فوكس الاخبارية، انه سوف لن يكون هناك انسحاب كامل للقوات الامريكية من افغانستان، وانما سيتم تخفيض عديد القوات، الى قرابة 40 في المائة، وسيستمر النظر في عمليات خفض القوات لاحقا وشدد ترامب قائلاً" سنبقى موجودين دائما، وسنحتفظ بإمكانات استخبارية عالية".
ويبلغ عديد القوات النظامية الاجنبية في افغانستان 23 الف مقاتل، من 39 دولة، وتشارك الولايات المتحدة في اطار القوة المشتركة البالغة 17500 جندي بـ 8475 جنديا، بالاضافة الى 5500 من افراد القوات الخاصة الامريكية التي لا تخضع لقيادة القوات المشتركة. وتحتل المانيا المركز الثاني في تشكيل القوات المشتركة بقوة يبلغ عديدها 1300 جندي.
ووفقًا لمقال نشر في جريدة نيويورك تايمز، الاثنين الفائت، فان الحكومة الأمريكية تخطط لتوسيع وجود المخابرات المركزية في أفغانستان في المستقبل. وستتمثل مهمتها الرئيسة في التعاون مع القوات الخاصة الامريكية والميليشيات المحلية، التي لا تختلف في الغالب. الا قليلا عن عصابات الجريمة المنظمة، المعروفة بجرائمها ضد السكان المدنيين. وهذا مايفسر اشارة ترامب الى الاحتفاظ بقدرات مخابراتية كبيرة، حتى بعد التوصل الى اتفاق سلام.
وكانت المحادثات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الارهابية قد بدأت في تشرين الأول 2018 في الدوحة، حيث يوجد منذ 2013 مكتب لطالبان في الخارج، افتتح في عام 2013 بناء على طلب امريكي، للبدء باجراء المفاوضات. ولكنه واجه معارضة من الحكومة الأفغانية، منعته من ممارسة اعماله لعدة سنوات، بسبب رفض طالبان التعامل مع الحكومة الافغانية، معتبرة اياها دمية امريكية.