شهد مساء الثلاثاء الفائت، انتخب البرلمان الاوربي وزيرة الدفاع الالمانية أورزولا فون دير لين رئيسة جديدة للمفوضية الأوروبية. وكانت "كتلة حزب الشعب الأوروبي"، التي تضم احزاب اليمين المحافظ والليبرالي، بما في ذلك الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم في المانيا، قد صوتت بالاجماع لصالحها ولكن الدور الحاسم في فوز فون دير لاين باغلبية ضعيفة يعود الى تصويت نواب احزاب اليمين القومي، واليمين المتطرف لصالحها.
وكان اجتماع المجلس الاوربي المكون من رؤساء دول وحكومات البلدان الاعضاء في الاتحادالاوربي في بداية تموز الفائت، قد شهد رفض الرئيس الهنغاري فيكتور أوربان لترشيح الديمقراطي الاجتماعي الهولندي فرانس تيمرمانس ، المرشح الرئيس للمنصب، ودعم ترشيح فون دير لاين كبديل عنه.وقبل اجراء التصويت السري في البرلمان الأوروبي، اعلن النواب الثلاثة عشر للحزب القومي اليميني (فيدس) بزعامة اوربان، أنهم سيصوتون لصالح فون دير لين.
المتطرفون اليمينيون "بيضة القبان"
وحصلت فون دير لاين، التي كانت المرشح الوحيد، على 383 صوتًا، محققة اغلبية ضئيلة بفارق تسعة أصوات فقط (عن الاغلبية المطلوبة)، وصوت ضدها 327 نائبا، وامتنع 22 نائبا آخرين عن التصويت. وعلق النائب توماس بوريبا من حزب "بيس" اليميني القومي البولندي الحاكم على موقع تويتر، انه لولا اصوات حزبه، ما كانت النتيجة ممكنة ً. واضاف، لقد حان الوقت لنسخة جديدة من عمل المفوضية الأوروبية دون ازدواجية المعايير والتدخل السياسي والإيديولوجي في الاختصاصات الحصرية لدول الاتحاد الأوروبي، في اشارة إلى أن المفوضية الأوروبية الحالية، كانت قد رفعت دعوى ضد حكومته الى محكمة العدل الأوروبية، لقيامها بـ "اصلاح" قضائي ينتهك المعايير القانونية الأوروبية، ويتجاوز على استقلال القضاء. وفي خطاب الترشيح اكدت فون دير لين على اهمية سيادة القانون في الاتحاد الأوروبي، ولكنها لم تجب على أسئلة محددة بشأن التجاوزات على القضاء في كل من بولونيا وهنغاريا، والدعاوى الاوربية ضدهما. وبدوره هنأ رئيس الوزراء البولندي ماتيوس موراويكي أورزولا فون دير لين على فوزها، وقال إن اصوات نواب حزبه لعبت الدور الحاسم، وكانت "بيضة القبان" في ترجيح كفة السياسية الالمانية.
ولم تكن فون دبير جزءا من الحملة الانتخابية، لا كمرشحة، ولا كمشاركة، وكان التنافس على منصب رئاسة المفوضية الاوربية ينحصر بين مرشح اليمين الالماني المحافظ مانفريد فيبر والديمقراطي الاجتماعي الهولندي فرانس تيمرمان، الذين خاضا حملة انتخابية شرسة، لم يذكر فيها اسم وزيرة الدفاع الالمانية، ولو لمرة واحدة. ولكن معارضة الرئيس الفرنسي ماكرون لترشيح الاول، ورفض حكومات اليمين المتطرف والقومي في بولندا والمجر وإيطاليا، وكذلك حكومات جمهورية التشيك وسلوفاكيا ايضا للمرشح الديموقراطي الاجتماعي، لانه كان نائبا لرئيس اللجنة التي تابعت تجاوز هذه الحكومات المعايير الاوربية، وكان واضحا وصريحا في رفض هذه التجاوزات.
اغراءات وتوزيع مناصب
وبعد أيام من الشد والجذب في اجتماعات المجلس الاوربي، طرح اسم فون دير لاين كـ"حل" وسط، للصراع على توزيع المناصب المهمة في الاتحاد الاوربي بين اليمين المحافظ والليبراليين والديمقراطيين الاجتماعيين، فضلا عن تقديم تنازلات سياسية، غير معلنة، لليمين القومي والمتطرف: على سبيل المثال، تم انتخاب رئيس الوزراء البلجيكي الليبرالي تشارلز ميشيل من قبل رؤساء الدول والحكومات في الثاني من تموز رئيسا جديدا لمجلس الاتحاد الأوروبي. وفي اليوم التالي انتخب أعضاء البرلمان الأوروبي الإيطالي ديفيد ساسولي من الحزب الديمقراطي رئيسا جديدا للبرلمان.
وسيشغل جوزيف بوريل وزير الخارجية الأسباني من الحزب الاشتراكي منصب مفوض الشؤون الخارجية. ونظرا لحصول ألمانيا على رئاسة المفوضية الاوربية، كان لزاما منح فرنسا رئاسة البنك المركزي الاوربي لتتعادل الكفة، ولهذا انتقلت الفرنسية كريستينا لاغارد من رئاسة صندوق النقد الدولي الى منصبها الجديد. وعلى اساس هذا التوزيع صوت ثلثا اعضاء كتلة الديمقراطيين الاجتماعيين البالغ عددهم 153 نائبا لصالح المرشحىة الالمانية، بعد تلقيهم وعودا منها وصفوها بـ"التقدمية"
اليسار يرفض فون دير لاين
وصوتت كتلة اليسار في البرلمان الاوربي (41) مقعدا بالإجماع ضد فون دير لاين، التي عرضت قبل اسبوع من التصويت برنامجها على الكتلة. وقال رئيس كتلة اليسار المشارك مارتن شيردفان من حزب اليسار الالماني، ان اجابات فون دير لاين لم تكن واضحة، وهي لا تعتمد رؤية أوروبية بشأن العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان العالمية. إنها تريد مواصلة السياسة الليبرالية الجديدة وتؤيد المزيد من عسكرة الاتحاد الأوروبي. وخططها لحماية البيئة ومعالجة مشاكل المناخ غير كافية على الإطلاق. يذكر ان اكثرية في كتلة "الخضر" في البرلمان الاوربي قد صوتت ايضا ضد الرئيسة الجديدة للمفوضية الاوربية.