شهدت مدينة أوساكا اليابانية للفترة من 27 الى 29 حزيران الفائت اعمال الدورة الـ 14 لقمة العشرين، وبمشاركة 37 بلدا يمثلون الدول الاعضاء في المجموعة، وضيوفهم من بلدان الاطراف. وسادت اجواء الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين على مجريات القمة، وحذّر المشاركون من المخاطر الجدية التي تواجه الاقتصاد العالمي، وتجاوزوا التنديد بسياسات ترامب الحمائية، داعين بدلاً من ذلك إلى توفير مناخ تجاري "حر ونزيه وغير منحاز".
غاب الوضوح عن نتائج القمة، وتم الاكتفاء بتفسيرات وتأكيدات مشتركة، جاءت نتيجة للجهود الدبلوماسية الناجحة التي بذلها رئيس الوراء الياباني والتي استمرت طيلة الشهر الذي سبق انعقادها.
ولعل التطور الأهم في مجريات القمة هو اعلان سلام لفظي في أكبر حرب تجارية – اقتصادية، حيث لم يكتف الرئيس دونالد ترامب وزعيم الدولة والحزب في الصين شي جين بينغ بالمصافحة فقط، بل أجريا أيضًا محادثات ثنائية بوساطة يابانية. وتشير النتائج إلى اتفاق البلدين على استئناف المفاوضات لتسوية النزاع التجاري. بالإضافة إلى ذلك، اوقف ترامب تهديده بتوسيع العقوبات على الصين وكذلك الحصار المفروض على شركة الاتصالات الصينية العملاقة "هواوي"، الذي صب الزيت على النار في الأسابيع الأخيرة. ويمكن الآن للشركات الامريكية وغيرها من الشركات القيام بالتعامل من جديد مع المورد الرائد لمعدات الشبكات وثاني أكبر مصنع للهواتف الذكية.
ومن غير المضمون ان يؤدي ما حدث الى التوصل الى اتفاق شامل، او اتفاق ثنائي بين أكبر اقتصادين في العالم. وينطبق الامر نفسه على التفاؤل الحذر بشأن تسوية النزاعات بين الغرب وروسيا. لقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن محادثات جديدة مع الولايات المتحدة حول نزع الاسلة النووية. وقال على هامش القمة، عقب اجتماعه مع ترامب، "أصدرنا تعليمات لوزراء الخارجية للبدء في مناقشات حول هذه القضية." ومع ذلك، فليس من المؤكد أن هذا سيؤدي إلى تمديد اتفاقية "ستارت 3" لنزع السلاح النووي.
ويرى بوتين أيضا تحقق حراك بشأن الصراع في أوكرانيا. بعد آن تم تسليم سجناء مرة أخرى، مقابل تنفيذ اوكرانيا الشرط الروسي، والاعتراف عمليا بأن الحادث الذي وقع في مضيق كيرتش في تشرين الثاني الفائت كان استفزازيا. وكانت روسيا قد اشترطت ذلك لإطلاق سراح الـ 24 بحارا اوكرانيا المحتجزين لديها. ومن جانب آخر قال الرئيس الروسي، انه اتفق مع المستشارة الألمانية ميركل على الالتزام بنموذج نورماندي لحل الصراع في أوكرانيا. وفي إطار هذه المجموعة تحاول كل من فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا إنهاء الحرب في المناطق الشرقية من الاخيرة.
وبدت القمة أكثر ملموسية في مناقشة مشكلة النفايات البلاستيكية المتزايدة في البحار: تريد دول مجموعة العشرين منع أي تلوث جديد بالبلاستيك بحلول عام 2050. وسيتم تحقيق ذلك من خلال تحسين معالجة النفايات واتباع حلول مبتكرة. وتم الاتفاق ايضا على تعزيز مكافحة الفساد من خلال حماية أفضل للمخبرين. ودعت دول المجموعة إلى التدفق الحر للمعلومات عبر الحدود، ما لم يتعارض ذلك مع مصالح الدول الأمنية، كما هو حال في التقدم الذي أحرزته منظمة التعاون والتنمية الاوربية في تطبيق حد أدنى من الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات والشركات الرقمية.
وحتى ساعات القمة الاخيرة احتدم النقاش بشأن ملف حماية المناخ.
وكان من غير المؤكد توصل المشاركين الى صيغة مشتركة للبيان الختامي.
لقد فشلت محاولة فرض الالتزام بحماية المناخ، بعد رفض 5 من بلدان المجموعة الالتزام بذلك، وواجه مشروع البيان الختامي خطر عدم اقراره. وعندما دعت الولايات المتحدة إلى حذف القضية بالكامل، هدد الاتحاد الأوروبي بعدم الموافقة على البيان. وفي النهاية تم التوصل الى حل وسط هش وهو العودة الى الصيغة التوفيقية المقرة في قمم بوينس آيرس وهامبورغ. وتعهد 19 بلداً من البلدان الاعضاء بالالتزام باتفاقيات باريس للمناخ، بينما حافظت الولايات المتحدة على تأكيد عدم التزامها بالاتفاق العالمي. وعبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن نقده ما انجز: "لقد منعنا الأسوأ، لكن هذا لا يكفي".
قمة العشرين وفقدان الهدف المشترك
- التفاصيل
- رشيد غويلب
- مدارات
- 1449