قبل أكثر من 17 عامًا غزت الولايات المتحدة أفغانستان، وظلت تدور هناك حرب مستمرة. وكان السبب المعلن للغزو الأمريكي، الذي شاركت فيه الدول الاعضاء في حلف الناتو، هو مواجهة تنظيم القاعدة الإرهابي وزعيمه أسامة بن لادن ، الذي وفرت له حكومة طالبان الحماية في أفغانستان. وجاء الغزو بعد هجمات 11 ايلول 2001، التي راح ضحيتها آلاف من سكان الولايات المتحدة، والتي وقف تنظيم القاعدة وراء تنفيذها.
ويبدو الآن ان تقدما وتفاهمات قد تحققت في المفاوضات الثنائية بين الولايات المتحدة وحركة طالبان للوصول الى اسس لاتفاقية سلام في البلاد. وتبقى المشكلة تكمن في كون المفاوضات تجري بعيدا عن مشاركة الحكومة الافغانية وعن بقية بلدان الناتو.
وكانت جولة المحادثات الأخيرة التي استمرت ستة أيام، الجولة الخامسة التي استضافتها قطر، منذ تموز 2018، وهي الاكثر نتاجا من سابقاتها. وهذا ما أعلنه زلماي خليل زاده، رئيس الوفد الأمريكي، في 25 كانون الثاني الفائت عبر تويتر حيث قال:"لقد حققنا تقدما كبيرا في القضايا المهمة." وفي تصريح آخر لصحيفة نيويورك تايمز، أضاف انهم يريدون البناء على ماتحقق ومواصلة المفاوضات التي من المؤمل ان تجري في نهاية شباط الجاري. وقال زاده: "لا شيء متفق عليه، حتى يتم الاتفاق على كل شيء". وحتى الآن، لا يوجد سوى أمل غامض بأن تتخلى طالبان عن توفير ملاذ آمن للارهابين القادمين بعد هزيمتهم في العراق وسوريا، والذي مثل أحد شروط واشنطن.
العرض الذي قدمته واشنطن، وهو سحب جميع القوات الأمريكية، يقف هو الآخرعلى أرض قلقة. والرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يريد هذا الانسحاب في أقرب وقت ممكن، يعرف كذلك أن سباق الانسحاب سيحدث بين الحلفاء الغربيين. هذا ما تعكسه تصريحات وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين، التي تكرر دوما: " دخلنا معا وسنخرج معا". ويمكن أن تكون زيارة الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ الى واشنطن مرتبطة بالكارثة العسكرية المتوقعة.
بالنسبة لطالبان ، وكما يبين تقييمهم للمحادثات السابقة، فإن انسحاب القوات الاجنبية أمر ضروري لإحراز تقدم بشأن قضايا أخرى. وقد كذَّبوا بشدة تقارير إعلامية عن وقف إطلاق النار وبدء محادثات مع حكومة كابول. وقد رفضت طالبان فكرة المفاوضات المباشرة مع الحكومة الأفغانية، معتبرة الرئيس الافغاني أشرف غني ووزراءه هم مجرد دمى امريكية.
من ناحية أخرى، يزداد غضب الحكومة الأفغانية، التي لا تريد ان تبقى متفرجة، عندما يتعلق الأمر بمستقبل البلاد. وتؤكد الحكومة ان شعب أفغانستان وقيادته المنتخبة فقط هم من يتخذون القرارات المتعلقة بمستقبل البلاد.ولهذا عرض الرئيس الافغاني عبر شاشات التلفزيون اجراء محادثات مباشرة مع طالبان. وقال الرئيس إن خصومه لديهم خياران -إما ان يكونوا مع الأفغان أو يكونوا أداة للقوى الأجنبية وأهدافها. وواضح ان هذه الدعوة تمثل نقدا صريحا للولايات المتحدة، التي لا تزال القوات الافغانية الرسمية بحاجة اليها. فبدون القوات الاجنبية، لن تتمكن حكومة غني الضعيفة من تقديم نفسها كشريك فاعل في المفاوضات.
وفي تقريره السنوي لعام 2018، اشار المفتش الامريكي العام لأفغانستان أن 56 في المائة فقط من 407 مقاطعات أفغانية تخضع لسيطرة الحكومة. اما المناطق الأخرى تخضع لسيطرة مجموعات مختلفة من المعارضين، أو يتم التنافس عليها يينهم. وعلى النقيض من ذلك، فإن القوات المسلحة الأفغانية التي تم بناؤها كجزء من مهمة حلف الناتو "لم تُحرز أي تقدم".
هل ينجح ترامب في سحب قواته من افغانستان؟
قوات افغانية في احدى مناطق افغانستان

عرض مقالات: