كان شاعراً مندفعاً بقوّة روحيّة، قوّة تدفعه ُ بإستمرار الى الجهة اليسرى من القول والموقف. لا ينصت الّا لهواجسه مع أنه ُ مأخوذ ٌ بالأُلفة حد الصياح. كان صوته ُ ضاجّاً في المقهى والشارع والمعمل. لا يحتمل كتم الأسرار، كيف؟ وهو الباحث عن الطريق الصعبة والحبيب الأغلى والضوء في عتمة الآبار.
كان هادراً في المهرجانات الشعرية، ملوّحاً بطاقيته -تلك الشبيهة بطاقية الجواهري الكبير، وفي المعمل حيث كان عاملاً واعياً منتجاً في معمل ورق البصرة، يبدد تعب العمال بأشعاره وترانيمه، يمنحهم شيئاً من الطمأنينة ويُشيرهم الى (الحلم) الذي يراه قريباً، وكان يعلم: أنَّ ذاك الحلم هو عقدة الشنق في الرقبة ..، إنّه ُ الشاعر الشهيد فالح الطائي الذي أُعدم في بداية الثمانينيات بسبب مواقفه الشيوعية النبيلة حين حاول بإصرار بطولي أن يُعيد مع آخرين تشكيل ( القرار الجديد ) .
كتب الشعر بعفوية وصدق ووضوح وبإنسجام مع وعيه العمالي وبإنحياز طبقي لا يعلو عليه أي انحياز آخر. نشر مجموعته الأولى والأخيرة (سجه وحبيب وضوه) في السبعينيات، شارك في مجموعة (قصايد للوطن والناس) عام 1974، نشر البعض من قصائده في صحيفتي طريق الشعب والراصد، له بعض الأغاني العمالية التي رددتها المجاميع والجوقات الإنشادية في البصرة لمناسبات معروفة.
من أشعاره التي تتغنى بالعمل والعمال، قصيدة (حمامات الصبح) ...
أيار..
يا أوّل ضوه ايطش ابدرب عمّالي
يحلالي اشوفك كل وكت عرّيس تضوي اكَبالي
كل كَطره من كَصتك ذهب ... اتفيض ابشرايين الشعب
واتكَّمر ابخد الليالي الما عبر بيها الضوه..،
اهلالين والفرحه نصر تبرالي.
شفتك ابشيكاغو بطل..شفتك ابكومونه أمل ..،
اتزف بشوارع باريس ..لاْطفال ما شافوا خبر
إوشفتك عله (الداكير) امس ..جفّك يلولي عالمرز
إو شفتك ابسودان الحزن ..خيّال وتلاوي الجفوف الماتريدك ..،
عالوكت فارس شهم يلغالي.
أيار.. يا أوّل ضوه ايطش ابدرب عمّالي.
في استذكار هذا الشاعر، نمنحه ُ شارة البُعد الانساني والبطولي والجمالي مرّة أُخرى، بعد أن حقق هذا البُعد حضوريّاً في حياته النضالية، حققه ُ شعراً وشهادة. وكم كان صوته مدوّياً بوجه الجلاد، متحديا:
يَمن تتسمه ببنادم ولنْت َ ابروعة ابنادم ...

عرض مقالات: