النداء

يا بن الماء .. يا بن الجنوب

القصيّ

إلام ستبقى يأكلك الحزن

ويذروك رماداً ..؟

أيها السومري،

انفض عنك غبار الحُقبِ

وأعرض عن إخوّة يوسف

ويمم وجهك شطر سرير الماء

ألا تسمع نداء نيدابا

فتسحرك أُغنية القصبِ

ورفيق أعواد البردي ....

موسيقى الماء

وحفيف الريح

وخفق أجنحة الطيّر ..؟

نيدابا هيأت  متكأً

واستقدمت النسوّة

وصاغت من وهج الماء سريراً

بلوّن الريح .من سِحر جنوب الأرض

وصفاء الماء

نيدابا زيّنت الدنيا 

والطُرقات

وكست عود رشاقتها من

ألوان الزهر

فإلام تتردد ؟!

عُد إلى أرضك سوّمر

عُد أيها السومري الجميل

أقصد

أرضك كي يتناسل فرح الماء

بِكَ ومنك تنمو البهجة

في الأرجاء .

فنيدابا عارفة سِرَ خفاياك

وليس سواها .

فإلامَ تضيع وسط الألوان

من الماء أتيت ..و إليه تعود،

فلماذا تعرض عن هذا

فيخيفك الجُبُ كثيراً وطويلاً 

ابتدئ الخطوة دون وجل

منذ الآن وعُد محفوفاً بجُند الآلهة

تحرسك نسائم سوّمر وآكاد

وتبعدك عن عثرات الدنيا

نذور رعايانا

فقرابين المذبح عامرة بالدمِ

تتضرع إلى رب الأرباب

أن يحميك ويُسدد خطوك .

عُد بالله عليك

لا تتململ

 أو يذوي  عودك

ها أنك تدرك نداء الالهة

نيدابا

وليس سواها

على الجرف رقيب

تنتظر الآتي من رحم الظمأ

هل أنت منتظر أن يُقطف عودك

أو يُقطع رأسك

ويُدار به بين الأرجاء

ما بين الديجور وبين النور

اسمع وقع خطى نيدابا

أصغ لما سوف تقول؟

ــ عُد للأرض وللماء

فالكُل سواء

والخير يعم القصب

ويغني البردي في كل ...

صباح ومساء

يا بن آكاد

يا بن الماء

وفتى سومر

نيدابا تناديك

يا سليل المجرى ... تعال

فإلام تعرض

لا تتوجس

فإخوة يوسف في الجُبِ

هلم نحوي .. خذ جسدي

يمتد مع الماء

صقيلاً كالمرآة

ومغسولاً بنور

الفجر .

دع عنك هذي الدنيا

فجلود الخلّان من وبر

وحراشف .

اترك مندبة الأفاقين

وصلاة السيافين

ما قبل الذبح وما بعده

فأرض سوّمر مهددة

وماء سوّمر محفوف بالشرِ

عُد بالله عليك

دع رأسي يتوّسط صدرك

فمحفتنا الماء

ووسادتنا الموّج

وسرير العُشق مجبول

مصقول ..

من شجر الأرز يكون

يُزيّنه اللازوّرد.

لا وحشة في أخضرنا .. ولا

حزن ..

فسومر أرحم ببنيها

وسومر يُسوّرها وفاء الطين

ولذا باركها الله بالخيّرات

وأعطاها من نِعَمِ الدنيا

كثير ..

لا تأبه يا خلي

بل انهض منذ الآن

فأرضك فيها البركات

وماؤك يُسقي عطاشى الكوّن

ويطفئ جمر الأحشاء

فلماذا تعرض يا هذا

لماذا تعرض؟

الجواب /

(كان نداء الأرض طويلاً

وتلوين الماء نشيداً يُتلى

فنيدابا عرفت سراً

أو سمعت صوّت لواعجه .

يا نيدابا ... إليك أعود

فرشي الدرب بماء محبتنا

ولتجلب الريح عطور

نباتات القصبِ وفوح الماء ..

فها أني أنفض عن جسدي

غُبار الحُقب

فأعود

يا نيدابا

يا عشقي الدائم

في دربي تنتشر العُقبان

وتنوح الغربان

في الأرض تشتعل الطُرقات

فالنار بساط

والماء شحيح

لا تعرف أرض الله سوى

الظمأ ..!

يأكل من جنباتنا القحط

ويسري في باطنها الوسواس

والأخوّة يأكل بعضهم لحم

أخيه ..

كثروا إخوة يوسف .. سيدتي 

كثروا ...!

فانسدلت على الدنيا الظُلمات

وانزاحت عن الأرض

الأشجار ..

وعُلقت برماح الحرب رؤوس

الناس ..

مصابيحاً سطعوا في

الطُرقات ..

واشتعلت كل براري الكوّن

نوراً ..

نيدابا ..

إني عائد لأرض سوّمر

كي أسكت نداء الماء

ولغط الصحراء

إذ تلهج وتصيح :

يا بن جنوب الأرض

لماذا شُرّد رعايا شمالها ...؟

فالعودة واحدة يا نيدابا

فشمال الأرض يلتحق بجنوبها ...)

ــ يا بن سومر

عُد ..

فلهم رب يحميهم ..

إلام ستبقى في البريّة بلا ماء..؟

 (حثثت خطاي

لا ألوي على أمر

غير صورتك نيدابا

وسورة وجه الماء ..

تدور .. وتدور ... وتد...

و  .............

فالمدى بعيد سيدتي. وطويل ..!

عرض مقالات: