الذاكرة تنعش التقارب بين انتفاضة الشباب الراهنة والذكرى الحادية والخمسين لإضراب عمال شركة الزيوت النباتية في الخامس من تشرين الثاني 1968.اصابتنا الدهشة نحن قيادة الاضراب واللجنة النقابية حينما دخلنا فضاءات الشركة في الساعة السابعة صباحا إذ وجدنا العمال الشباب ملثمين يتوزعون على كل المباني التي تمتد من جرف دجلة حتى شارع معسكر الرشيد تقريبا. لكننا وجدنا ان العامل حسين جخيور قد انجز ما طلبنا منه مساء الاضراب بلحم كل ابواب الشركة مع رفاقه العمال تحسبا لأي هجوم بعثي ممكن.

بقي خبر الاعلان عن الاضراب طي الكتمان، على الرغم من اننا تصرفنا بحذاقة الشباب بان الاضراب سنؤجله بحسب الاتفاق مع المجرم/عبد القادر الحديثي، لكننا ويا لجمال الشباب وهمتهم قررنا في الليلة نفسها باجتماع عقدناه في مقر نقابات كفاح العمال، ان نعلن الاضراب في اليوم التالي.

حافظ العمال الشباب على سرية القرار؛ فاخبرنا الوجبة الليلية بقرار لجنة الاضراب وتوفير كل شروط نجاحه. انسحبت قوات البعث الفاشية والشرطة (صفا الجو لكم). يا عمال شركة الزيوت النباتية. العمال الشباب وثبة متقدة من الجمال والتحدي والمبادرات والمواجهة.

طار(جريش) قيادة البعث والسلطة، كيف يعلن اضراب عمالي بهذا التنظيم ووفق قانون العمل لانتزاع حقوق عمالية في صرف نسبة 5في المائة من الارباح التي تجاهلتها ادارة الشركة. اسندت قيادة البعث مسؤولية التعامل بالقمع الى المجرم (صلاح عمر العلي) والمجرم (فهد جواد الميرة) آمر معسكر الرشيد.

 شعرت بألق العمال الشباب في ذلك التنظيم والوعي والادارة. اخرجوا العمال البعثيين من الشركة حفاظا على حياتهم. حاول التكريتي اقتحام الشركة مع الميرة: اريد التحدث مع العامل غضبان احمد او عبد جاسم/قولوا ما تريدون كلنا صوت واحد.

انني استعيد بفخر تلك المأثرة العمالية ذلك لان التنظيم النقابي والعمالي كان فضاء جميلا من خلال الحوار والانتخابات العمالية. لا يمكن ان انسى حركة الوعي والحوار والمواجهة في خطوات سبقت اعلان الإضراب،اذ تحول مطعم الشركة ولوحات الاعلانات الى مواجهات ثقافية ونقابية في النشر بين ادارة الشركة ووزارة العمل وبين تلك اللجنة النقابية التي لم يسلم احد العاملبن فيها/العامل عبد جاسم من اصابته بطلقات نفذها عملاء الاستخبارات في 15/ 11العام 1967.

الشتاء كان منقذا اذ تكورت (الخصيتان) ولم تصب بمقتل لان الانتخابات العمالية جددت الثقة به. وتجدد انتخابه بعد مجيء البعث بشهرين. لا يشك احد بان الاجواء الثورية التي خلقتها الحركة النقابية والعمالية وبوجود (...) الغضب العارم على فاشية البعث كانت من اهم العوامل التي عززت الفعاليات النقابية والعمالية؛ في الوقت الذي كانت قيادة البعث تبشر بانها لن ترتكب ما فعلته في شباط  1963(...).

اعود لهذه الذاكرة بفعل حيوية الانتفاضة اليوم وحضورها البهي وكيف انها تسترد كرامة مفقودة.

تحية للشباب في اضراب عمال شركة الزيوت النباتية وفي انتفاضة اكتوبر المجيدة.