في صباح 28 كانون الاول 2001، توقف قلب صناجة الشعر الشعبي العراقي، الشاعر زاهد محمد زهدي، ليدفن جثمانه في مقبرة كارل ماركس، في لندن. بعد ان قاوم المرض اللعين سنين طويلة، مات غريبا، بعيدا عن العراق الذي كتب له احلى القصائد وارق الأغاني. انتظم زاهد محمد في صفوف الحركة العمالية والحزب الشيوعي العراقي في سن مبكرة، ودخل سجن الكوت عام 1948، حيث كان قادة الحزب الشيوعي العراقي، فهد وحازم وصارم معتقلون فيه. ثم سجن نقرة السلمان. يمتلك زاهد محمد تاريخاً مشرفاً في الحركة الوطنية العراقية والحزب الشيوعي العراقي وله بصمته الواضحة في هذا السفر الخالد. لقد تعرض الشاعر زاهد محمد أبان العهد الملكي في العراق الى ظروف صعبة وقاسية وعانى من التشرد و ضيق العيش. وتعرض للطرد ضمن من طردوا من الطلبة الشيوعيين بعد اغلاق كلية الملك فيصل في بغداد. لكنه عمل في مديرية السكك الحديدية و لم تثنه ظروفه المادية الصعبة عن مواصلة نشاطه السياسي وقيادته لاضراب عمال السكك. الذي ادى الى طرده من وظيفته.

 ابتدأً زاهد محمد في كتابة الشعر بمجموعة افراح تموز عام 1960، شعاع في الليل 1962، حصادالغربة 1993، مرافئ الشوق 1994، الجواهري صناجة الشعر العربي في القرن العشرين، الملا عبود الكرخي دراسة في أدبه وشعره، ندوة الأربعاء، معزوفات على حرف الحاء، وراء المايكروفون، والاخوانيات. وكان شديد الإعجاب بالجواهري، وقد أصدر كتابه عن الجواهري بعنوان “الجواهري، صناجة الشعر العربي في القرن العشرين”. وتمتاز قصائد زاهد محمدُ بشاعرية عالية ولغة بسيطة وشفافة لذلك غنى له كبار المطربين مثل مائدة نزهت، وناظم الغزالي، ووحيدة خليل، وقارئة المقام فريدة، واحمد الخليل في أغنيته الشهيرة "هه ربجي كرد و عرب".

من تهب أنسام عذبة من الشمال على ضفاف الهور تتفتح كلوب

ولوعزف عالناي راعي من الشمال عالربابة يجاوبه راعي الجنوب

هربجي .. هربجي كرد وعرب رمز النضال

 وكانت هذه بمثابة نشيد وطني تغنى بها أبناء العراق من شماله إلى جنوبه ، فكانت بحق تمثل دعوة للاخوة والوفاق والوئام بين أبناء الشعب الواحد. زاهد محمد عمل في الصحافة والإذاعة وكتب الشعر الفصيح والشعبي وكتب اجمل الأغاني، وكانت قصائده نواقيس تقرع للمجد وسمو المبادئ والأخلاق  سواء في قصائده السياسية او كلمات اغانيه الشفافة النابعة من حب الناس والوطن.

اننا في "ادب شعبي" اذ نستذكر الشاعر الراحل في الذكرى السنوية الثامنة عشرة لرحيله ، انما نستذكر قامة كبيرة من قامات السياسة والادب والاعلام ، قامة تستحق ان نحتفي بمنجزها كل عام ونسعى لانصافها وطنيا ، فهذه الشخصية الوطنية الكردية الفيلية المناضلة والمبدعة اثبتت على مدى تاريخا السياسي والابداعي انها تنتمي الى وطن يمتلك ارثا خالدا من الابداع والجمال والمحبة. وعلى وزارة الثقافة والمؤسسات المعنية بالادب والفن والجمال ان تكرم مبدعيها الذين أعطوا لوطنهم وشعبهم عصارة وثمرة أفكارهم، ومنهم الشاعر الراحل زاهد محمد الذي ولد عراقيا وعاش عراقيا ومات عراقيا.

عرض مقالات: