ألقيت في أمسية (الوردة بعطرها)  منتدى أديبات البصرة / مبنى اتحاد أدباء البصرة 27حزيران 2019

 

قوس ٌ بِلا نصرٍ، ركبتاه على الكورنيش وجبينه يجتث  شجرَ التنومة :

لا يصلّي، ولا يُذكُرني  بجندي مجهول، يحتوي بداخلهِ جنوداً مجهولين: جثثا طافية ً فوقها جثث ٌ طافية ٌ فوقها مِدخنه،فوقها صريخٌ جَسّرَالشط بأجمعه،واستغاثت به مئذنه ..جسرُ ولا ماءُ تحته، سوى الراكداتِ أماني

الثكالى شبكاتِ أصواتهن لاتصطاد جندياً من الطافين لكن ثكنه ْ ..

جسر ٌمتعالٍ على نحيبهن النيلي بشيخوخته الفضية، هذا المقنعٌ والمزنرٌبالحديد المغلوّن  جَرَشَ خبزا وفيرا، ولا نقيع خبزٍ للسمكِ ولا ناشته بيوت ٌ لا نوافذ فيها، ولاملبوسات !

 إذن من حوّل أعني مَن طَلَيّن هذا الجسر

:  بيتزا وغسيلَ بنوك وضمائر !!

(*)

الجسر:  يجسد خوفا ً من فحولة الأنهار، فيراودُها على مبعدةٍ عمودية ٍ  هو خائن الضفتين يدجن الأنهار ..يجعلها آية ً للسياحة ويكون الجسر ٌ سمسارا،ويرتقي فيكون نخاسا، وتذله أحذيتنا وضجيجنا وحمولاتنا الثقيلة ُ الأنفاسِ

(*)

 

ليس أحفاد غاليلو،ولا يتذكرونَ كيف استقبلت البصرة ُ ماركو بولو آنذاك.

هؤلاء: الركائزُ دسيستُهم في رحمِها المائي،أعمدة ٌ صلدة ٌ تصدم جباه المياه في جزرها والمد،فتطفو جثثُ الماءِ فوق الماء ونرجُمها بالحصى!! كيف نرجم ُ أشقاءنا بالرضاعة من السلسبيل ..!!

 

(*)

صرت ُ لا ألتقي الشطّ كما كنتُ أفعلُ، استحي مما أصابَه : بثورٌ بلاستك   تطفو على وجهه، نفايات المدينة على صدره،المجاري وغير المجاري، وأخضوضرت عيناه من ضباب المعسّل وتحشد على كتفيه أغرابٌ هبطوا عليه من جحيم الكرستال!! كيف أقصده وأنا لا أذود عن طبائعه فينا؟ فهو المربي والمعلم كاتم الأسرار، عشيق (حديقة الأمة) معالجُنا مِن صدأ الحكوماتِ، مظلة ُ الفقراء، في كل حينٍ يغسلُنا بمباهج شتى ويمنحُ عوزَنا مفاتيحَ الجِنان .

(*)

لا نريدُ علوا على الماء: لاصلافة َ فينا،لسنا من الفاتحين .الشط والدنُا الرحيم، ونحن نوارسٌ نغفو على قلبه النابض ُ فينا بالوراثة وهو مرايا مشط ُ غيماتِنا المنزلية  قبيل الغروب،تتذاوب غيمتُنا في نقيعهِ العطري  ونترك غيمَ وجوهنِا على صخورِ مهبطهِ هو شط أبن ُ أحفاد أحفادنا ووالدنا أجمعين ..

كيف لي الآن أن أخاطبه من شاهق الجسر والمياه سيدة ٌ كريمة المحتد

(*)

حلمناه في فجر ذاك الزعيم  : صدرهُ تطرزه النوارسُ والصوّى وهو مضافة ٌ وميضأة ٌفي عراق ٍ كريم: يفتح ذراعيه للجانبين، لتمرِ البواخر  حتى مسفن الكادحين

(*)

الآنَ في غروب ٍ قبل الغروبِ :

يُهرعون إليه فتيانُنا، كلما تكالبت عليهم الأقفالُ والظلامُ الأبيضُ الصلدُ

يعتلون حدَبتَه ُ، يقتربون مِن حديدِ رموشه ِ، يتمرون في مرايا الشط، هل ينقبون عن مفاتيحِ أقفالٍ تكالبت على أحلامهم !! هل يسمعون حسيسها؟..يقفزون ليصعدوا مبكراً، تهبط قبلهم من جيوبهم بقيةُ حبِّ شمسي، تهبط شيلات أمهاتهن وجرغد أم الأمهات، والأصوات التي ثقبتها فوهات تظاهرات أيلول البصرة، لا الفوهات تهبط ولا الهراوات ولا الكراسي، ولا الزجاج المظلل بالدفع الرباعي ..

.حين يقفزون تنغرزُ ظلالهُم في قاع ٍ مظلمٍ يواصل الشخير.. إلى بيوتهم بلا ظلال ٍ يعودون. تبرق صورُهُم في بيوتِهم تبرُق وترعُدُ وتنفرط ُ غيمات ٌ مِن الرمان وتنوح فواخاتٌ على حوافِ صورهِم، ولا تشيخُ صورهُم ولا بسماتُهم ولا يجفُ ندى الوجوه والجسرُ لا تصدأ رموشهُ ولا تبيّض ندما..

(*)

في ليلةٍ شتويةٍ المعنى،وقفنا نرمق ُ الجسرَ . قال المعلمُ وهو أصغرُنا جميعا : ترفقوا بنوافذ الموتى فهي جسورهم نحو مصابيح البيوت.والشط ُ صار الآن غابة ً. لا تخفضوا عيونكم،حتى ولو الرمح : مفتاح السحابة ِ،أمشوا على جمرٍ فالجمرُ سيده الرماد،وإذا القيامة ُ كشفّت عن ساقِها: سنجعل الأشجارَ من ضمن العتاد .

(*)

على حافة الجسر الأيطالي، بالقلم السبوري الأزرق

       : يتذكر الغرقى إنّا ها هنا كنا

             قبل مجيئهم منا.

 

عرض مقالات: