"باب الخان" محلة من محلات مدينة كربلاء القديمة التي تعج بأسواقها وأزقتها وناسها من عرب وعجم وهنود وباكستانيين وروس وأفغان من الاغنياء والفقراء والذين يمارسون مختلف المهن من تجار وكسبة في مختلف المهن والحرف وعتالين وشقاوات ولصوص ومثقفين وعمال، فهي تحوي جميع شرائح المجتمع فتكون جمهورية مصغرة .
صدر عن دار الفؤاد للطباعة والنشر رواية (جمهورية باب الخان) للشهيد علاء مشذوب، تعد وثيقة تاريخية تجسد واقع محلة باب الخان أقسامها، شوارعها، أزقتها، أهلها على اختلاف طبقاتهم وأصولهم، دكاكينها وخاناتها، أسواقها التي تعج بمختلف المهن والحرف.. كما توثق الرواية محلات كربلاء القديمة وأسواقها .
الرواية تحوي على مقدمة وستة فصول، فالمقدمة وصف مفصل لمحلة باب الخان وحياة الناس فيها والحياة في مدينة كربلاء القديمة من أيام الدولة العثمانية وأهم معالمها التاريخية .
كما تضمنت المقدمة وصفا تفصيليا لمحلة باب الخان التي تتوسط مدينة كربلاء القديمة وخاصة سوق الفسحة فيها الذي يضم دكاكين الكسبة الذين يزاولون مختلف المهن والحرف ومقاهي ومطاعم وعربات النقل بكل أنواعها .
كان محور الرواية شخص من سكنة باب الخان اسمه (سيد عدنان) صاحب خان لبيع التمور، وله مكانة متميزة فيها، يرجع اليه الناس لحل الخلافات بينهم، ويقدم المساعدات لهم في أفراحهم وأحزانهم ويشاركهم فيها مشاركة فعالة.
في الفصل الأول (دفاتر بيضاء) وقد تضمن :
حياة دافئة : تضمن أبرز الأحداث التي حصلت في مدينة كربلاء في سبعينيات القرن الماضي، فهي توثق الحياة اليومية في سوق الفسحة الذي يتوسط باب الخان منذ الصباح الباكر . كما وثقت العادات والتقاليد لمدينة كربلاء، فوثقت طقوس عاشوراء، ومراسيم تغسيل وتكفين الموتى وتشييعهم، وطقوس عيد النوروز (المسمى دخول السنة) لدى العوائل الكربلائية .
الفصل الثاني (المجزرة) وقد تضمن : رواية أريف الأرمنية التي كانت تعمل ممرضة في أحدى مستشفيات كربلاء وقابلة لتوليد النساء، عند استدعائها من قبل سيد عدنان لتوليد امرأة جاره وصديقه، وقد تأخرت الولادة فجلست معهم وأخذت تروي لهم تفاصيل الابادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن على يد العساكر العثمانيين في بداية القرن العشرين ونزوحهم الجماعي إلى مدن سوريا ومدينة الموصل في العراق وكما روتها لها أمها قبل وفاتها
الفصل الثالث (طقوس) وقد تضمن : طقوس رمضان في مدينة كربلاء، أوقات الصيام والافطار في رمضان، لعبة المحيبس، طبول السحور، ثم قدوم العيد والمراسيم الخاصة به.
كما وثقت الطقوس العاشورائية خلال شهري محرم وصفر لاستذكار واقعة الطف، ومن أبرز طقوسها ركضة طويريج في اليوم العاشر من محرم وزيارة الأربعين في يوم العشرين من شهر صفر .
الفصل الرابع (تجدد القصص) وقد تضمن : تهجير العوائل الكربلائية من التبعية الايرانية . وقد وثقت الرواية تسفير بعض العوائل وما تعرضوا له من انتهاكات عند إخراجهم من بيوتهم ونقلهم بحافلات ورميهم بالعراء امام الحدود الإيرانية بدون السماح لهم بأخذ أموالهم ومقتنياتهم الذهبية ومصادرة أثاث بيوتهم وأموالهم وعقاراتهم واحتجاز أبنائهم من الشباب ومن ثم اعدامهم .
الفصل الخامس (رياح شرقية ) وقد تضمن : في مقهى (عباس منسي) التي كانت ملتقى المثقفين والسياسيين والوجهاء . كان في المقهى مجموعة من الشباب ومنهم الشاب (منتصر جبر) ذلك المثقف الذي ينتمي إلى عائلة شيوعية بكل أفرادها، وقد دار نقاش بين الشباب حول الدين وما ورد من تناقض في القرآن الكريم وكانت الأسئلة توجه إلى منتصر مباشرةً فيقوم بالرد عليها من وجهة نظره . سخن الحديث بين الشباب إلى نقاش وصياح وتبادل الشتائم حتى وصل إلى الاشتباك بالأيدي .
الفصل السادس (الرحلات) والذي تضمن : رحلة السيد عدنان وصديقه السيد حليم مع عائلتيهما إلى قضاء عين التمر وناحية شثاثا، وفيه وصف لبقايا أقدم كنيسة في العراق قبل الإسلام التي تزخر جدرانها برسوم مختلفة للصليب وقبور رهبانها، وكان مرورهم بقصر الأخيضر .
أخبر منتصر سيد عدنان أن حرباً قادمة بين العراق وإيران مستنداً على بعض الأحداث التي حصلت بين البلدين منذ عام 1975م حتى قيام الثورة الايرانية وما صاحبها من توتر العلاقات بين البلدين، والتي ولدت تخوفاً كبيراً لسيد عدنان . وبالفعل بعد أيام قليلة اشتعل أوار الحرب بين البلدين والتي دامت 8 سنوات .
ان رواية "جمهورية باب الخان" تعد وثيقة تاريخية لمدينة كربلاء القديمة، فقد وثقت محلاتها، أسواقها، سكانها، أبرز الأحداث التي حصلت فيها . كما وثق المؤلف أهم الأحداث التي حصلت في أواخر سبعينيات القرن الماضي ومنها تسلم صدام حسين رئاسة الجمهورية وارتكابه مجزرة لرفاقه بالحزب وتهجير العوائل من التبعية الإيرانية ونشوب الحرب العراقية الإيرانية . ومما يلفت النظر ما ورد عن (منتصر) من أفكار والتي قد تكون مطابقة لأفكار المؤلف الذي اغتيل على يد القوى الظلامية.