( 1 )

*.. كحيلة ابهواهه.. ايميل هدوه الزمل!

تمشي او ترگص الگاع رنة حجل

ميل الهدب بالعين.. جرة كحل

والگصة گمريه.. ابروايح تهل

لمنه.. ودوانه طيوف نبع الوصل

وابروحي مشط الشوگ ينسل نسل

ضي الأمل روجات... بيه گيلينه

حطنه اعله جرف الشوگ واترافگينه..*

 .. "نوم الهلاهل"...، خيبة الأمل المرتجى من التعبير الصوتي/ لحظة النشوة الروحية التي يتمناها الشاعر باستمرار تطميناً لرغباته الحياتية في (الشمس، الماي، الفي، الگصايب، الگصب، الشوارع، النشرات، الرصاص، الضوه، الضحك)..، وعندما تنحسر هذه الرغبات، ينحسر التعبير الصوتي "الهلاهل" ويصبح له نوم، كالجسد لحظة الاحتياج، هكذا اراد الشاعر المبدع /اسماعيل محمد اسماعيل/ ان يجد المقاربة الدلالية في التسمية "نوم الهلاهل" بعد ان كان الأمل قد وضعه في جرف الشوق ورافقه باختياره، الا انها الفجيعة باستمرار، فجيعة ضياع الأمل، وامام فجيعة كهذه، لا يُحسن الشاعر شيئاً آخر غير الشعر في ايجاد تطامن روحي مستديم:

* .. للشمس ..

للماي.. للفي.. للعطش.

للگصايب.. للگصايب.. للگصب.

للشوارع.. شايله النشرات.. خط ابلا رصاص

او لا ضوه..

دايرة ابروحي الهتافات.. ابصداهه.

. . . ،

روحي شهگة..

وهاكم اياهه قصايد..

لأْول اعيون البواچي.. او آخر اشفاف الضحك..*

.. وتلك هي انشغالات التجربة الاولى من (أول البكاء الى آخر شفّة ضحك محتمل) في شعر /اسماعيل محمد اسماعيل في مجموعته /نوم الهلاهل/ الصادرة عام 1973م، وتكاد تكون هي الوحيدة له، حيث تعرض الشاعر الى الملاحقة والسجن والنفي، وما كان له ان يضيف إصداراً آخر، غير المشاركة في مجموعة "قصايد للوطن والناس" عام 1974م بمناسبة العيد الأربعين للحزب الشيوعي العراقي بقصيدة مميزة (أصوات للطيره الغريبة)..، وبذلك تكون مجموعة "نوم الهلاهل" قد ضمت قصائد من الستينيات وبداية السبعينيات، مما يجعلنا لا نتوافر على خط تطوره اللاحق..، كما لا بد من الاشارة الى ان للشاعر قصائد غناها المطرب (سامي كمال) سواء من تلك التي كتبت في داخل العراق أو في المنفى.

( 2 )

.. الشاعر اسماعيل محمد اسماعيل من الجيل الشعري المجدد بعد المرحلة النوابية، حتى وان لفحت بداياته الريح النوابية، كما هو الحال مع الشعراء المجايلين له، ولأن الصدمة النوابية كانت قد تركت أثرها بوضوح في مشهد الشعر الشعبي العراقي، الا ان الافلات أصبح ممكناً بعد أن أدرك بعض الشعراء خصوصياتهم وحدود تجربتهم ولونهم..، واتسعت مداركهم الثقافية بفعل تجارب قادتهم/ نتيجة الدراسة والقراءة والاطلاع على التحولات الشعرية العراقية والعربية وحتى العالمية..، وهكذا جاءت "نوم الهلاهل" وضمن مرحلة توليدها بما يميزها ويمنحها قوة الاستمرار وحتى اللحظة، حيث توافرت على اساليب كتابة متنوعة أخرجتها من النمط السائد يومذاك، وجعلتها في الوصف الممكن من أنها تتضمن قصائد حديثة تعتمد البناء المتنامي والاسترسال الذي يفضي بعضه الى البعض الآخر، والاهتمام بالتراكيب الصورية الجديدة على المخيلة الشعبية، والالتفات الى رمزية خاصة وايحاءات دلالية متنوعة وكذلك تعددية في الأصوات واقتراب من لغة كتابة تعتمد مفردات ليست موغلة في القِدم حتى وان لم تتخلص منها كلياً، كون المكان الصحراوي/ السماوة لا بد له ان يطبع أثره الواضح في مدركات الشاعر اللغوية والصورية:

*.. يبو مگبل مري وضويات..

والفي ..

والشمس ..

والماي ..

يتلاگن عليك ازلوف

يا ضحچة.. وبراد.. وأوف

مر.. وانتل رفيف الروح..

يترادف غنه وصفگة عرس ودفوف.

لملمنه الشتالك.. من حصاد الضيم..

وانثرنه بشواطي وديم.

لو بارح صرت.. نسّم علينه اطيوف

ننبع عالدرب:

يا وي هله ابها الشوف

يحبيب.. ولا مر غيرك احبيب.. يضي العين..

وامن العين متغيب.

ضواك ابيا كتر..؟

وابيا جرح مريوف..؟!...*

.. ان الاشتغال الصوري (مري، ضويات، الفي، الشمس، الماي، ازلوف) بتلاقياته وتضاداته يمنح القصيدة تصعيداً فنياً وجمالياً جديدين على شعرية اسماعيل محمد اسماعيل حينما تكون المقارنة مع الشكل الأول الذي ياخذ موقعه في الكثير من القصائد حيث التقفية الصارمة بحروف روي صعبة، الا انه في الشكل الجديد ينفتح اكثر ويستعمل التقفية الداخلية إضافة الى التقفية الأساس، وبذلك يخرج القصيدة من التحنيط المتوتر ويمنحها سيولة تدفقية:

*.. وج روحي..

وج روحي.. واخذ نيشان..

يومي الكل جرح..

يحدي ابونين اوداع.

بس ذچرك..

يمر بيه نده او ليهوب

أحبك.. حب صلاة وذنوب.

. . . ،

حيرة ..

ورافگت روحي..

اعله درب الضاع.. والما ضاع..*

.. إن التضادات في شعرية اسماعيل محمد اسماعيل هي الاخرى من الملامح الفنية التي تؤسس لهذه الشعرية:

* النده ــــــ الليهـوب *

* صلاة ــــ ذنــــوب *

* الضاع ــ الماضاع *

وان الجمع بين هذه المتضادات سواء كان ذلك شعورياً أو لا شعورياً، يوفر إجابة محتملة "للنوم والهلاهل" حيث التضاد بين النوم والهلاهل ايضاً.

) 3 )

.. بعد أربعين عاما من صدورها، حيث نستعيد هذه المجموعة الآن، لأنها تمتلك حضورها الشعري بقوة تتناسب مع انشغالات التجربة الاولى، وكذلك الإشارة الى شاعر مهم كان يمتلك فاعلية شعرية على مستوى النشر والاذاعة والأغنية والمهرجانات الشعرية، إضافة الى انه يقف في الصف الأول مع مجايليه في التصعيد التجديدي والتحديثي في القصيدة الشعبية العراقية، وان مجموعة مثل "نوم الهلاهل" وبعد عقود زمنية وما زالت قوة توليدها تثير أسئلتها، في ان الشعر المرتبط بالموهبة والتجربة والثقافة هو الأبقى:

*.. أظل ارماد.. بس نار العشگ بيه..

وافرفح بيك.

واصعد سكتة الك,, وانزل غنه ابطاريك.

ينثرني الحزن..

واتشلبه الك عالشوگ..

دايرلك دفو.. ويلتم نثاري عليك برمادي.

برمادي.. الشمعك طوگ.

وسكتاتي بخيالك صوت

- يا خيط الشماتة اتطيح.. بس ناري الحبيبي اتلوگ

- بس آنه وحبيبي انلوگ.. شمعة وخيط..*

وهكذا، وعندما تتحول السكتة في خيال الآخر الى صوت..، فإن للهلاهل يقظتها من النوم في حلم الشاعر رغم الفجيعة.

  • نوم الهلاهل.. اسماعيل محمد اسماعيل.. مطبعة النعمان/ النجف 1973م – منشورات مكتبة المثنى.
عرض مقالات: