كنا نسمع عادة عبارة "عشنا وشفنا" من آبائنا واجدادنا، كانوا متعجبين من حياتهم التي عاشوها! رغم أنهم عاشوا وقتا وزمنا مليئا بالأخلاق والمبادئ والمُثل والضوابط. كنا صغاراً نجلس في أوقات الظهيرة لنشاهد المسلسل الكرتوني "أليس في بلاد العجائب" وربما كانت غرابة هذا المسلسل هي التي تجعلنا ننتظره بفارغ الصبر إذ كانت أليس تحاول إيصال الرسالة إلينا منذ طفولتنا لكننا لم نفهم الفكرة في حينها للأسف حتى تقدم بنا العمر لنكتشف أننا نعيش في بلاد العجائب حيث كانت تعيش أليس وتغامر من أجلنا. كانت أليس تلاحق الأرنب الذي يركض مسرعا وهو متأخر دائما لتبيّن لنا أن الوقت يمضي دون تريث، تتحدث مع الباب المتكلم لتبيّن لنا عواقب اختيارنا الطريق الذي نسلكه، تدخل بين أوراق اللعب الكبيرة لتبين لنا حجم الخداع والمخاطر المحيطة بنا، تُظهر لنا العديد من الشخصيات كالملكة العصبية المتسلطة والملك الوديع لتبيّن لنا الحياة بأدق تفاصيلها، فشكرا لك أليس من أعماق قلبي على مجهودك العظيم يا صاحبة الشعر الذهبي الجميل.

 بدوري سأبيّن لكم الآن دنيا العجائب التي نعيش فيها وبإيجاز فحقيقة "عشنا وشفنا "، أننا نعيش اليوم في دنيا اختلّت فيها القيم فأصبح كل شيء مصطنعا، إذ أصبح الحياء تمثيلا، والرجولة ادعاءً والكرامة كذبا، والأخلاق وهما. لا قيمة للوقت، لا احترام للاختيار والحرية والفكر.  السيد فيها هو الغني المغمور المتسلط والمسود فيها هو الحكيم العاقل المتأمل. دنيا لا يحسن البعض التصرف فيها حتى تهان كرامته والمحترم فيها يسحق. فإلى متى هذا التهاون والانحدار؟ انفضوا عنكم غباركم ليُشرق المعدن الأصيل بأصالته، وليتنحى عنا الدخلاء والغرباء، لا تحابوا ذوي السطوة فتزيدوا الفاسدين فسادا، شمّروا عن سواعدكم للإصلاح فأنتم أهل القيم والأخلاق والمبادئ، اعزلوا الطاهر عن المُلوّث وافصلوا الغثّ عن السمين، طهّروا أنفسكم من الطمع والجشع والخنوع، واربؤوا بأنفسكم عن مداهنة المزيفين ، وافسحوا المجال لذوي النفوس النقية العفيفة، وأصحاب الضمائر الطاهرة النقية، وكونوا على ثقة بأن المستقبل للطيبين المخلصين، وأن الظُلمة لابد أن تنجلي ما دمتم حاملين مشاعل النور والتنوير بأيديكم النقية النظيفة،  وانهضوا بأنفسكم الكبيرة الواثقة بمستقبل مشرق، فكل

واحد منا يستحق أن يكون خالدا.