منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921م كان مشروع بناء الدولة سواء في العهد الملكي أو الجمهوري تحت هيمنة نخبة سياسية لم تراع خصوصية المجتمع العراقي ذات الطبيعة المتنوعة، إذ عملت على تشكيل هويات قسرية بعيدة عن واقع المجتمع العراقي المتنوع قوميا ودينيا ومذهبيا، بدلا من أن تحتوي الهويات الفرعية وتحترم خصوصيتها وتغلب الهوية الوطنية في بناء الدولة.
وكان المواطن العراقي ينتظر التغيير في الواقع الاجتماعي والسياسي بعد 2003 في بنية النظام الجديد على أسس وطنية تجمع كل مكونات المجتمع العراقي تحت المظلة الوطنية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، لكن للأسف الشديد تم تأسيس أول نظام حكم وهو (مجلس الحكم) على أساس المحاصصة الطائفية، وتجسيد دولة المكونات على حساب دولة المواطنة، وأصبحت الطائفية في العراق مصدر علة لأبنائه بدلا من تحسين واقعهم الاجتماعي، وسادت المحسوبية التي أصبحت بمثابة هوية النظام السياسي في العراق، وباتت الطبقة السياسية تتصرف وقبل كل شيء بناء على مصالحها الضيقة،وعلى حساب المصالح العليا للشعب والوطن، وبعد مرور هذه المدة الطويلة أثبتت التجربة السياسية في العراق بأن النخبة الحاكمة لا تزال تفكر بعقلية التمسك بالسلطة، والاستحواذ عليها بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة، واليوم ونحن مقبلون على الانتخابات البرلمانية لعام 2018 نحتاج إلى اصلاح العملية السياسية، من خلال تغيير نظام المحاصصة الطائفية إلى نظام يؤمن ببناء الدولة المدنية الديمقراطية، التي تتجسد فيها العدالة الاجتماعية، وخلال الاطلاع على برامج الكتل والتحالفات السياسية المشاركة في الانتخابات، نجد ان ذلك يتحقق في برنامج " تحالف سائرون " لأنه مشروع وطني عابر للطائفية ومناهض لها، وتتمثل أهدافه بشكل أساسي في الخلاص من نظام المحاصصة الطائفية والسياسية، وتعزيز الطابع المدني والديمقراطي للدولة، وتشكيل مجلس نواب وطني يتمتع أعضاؤه بالنزاهة والكفاءة، وعلى النحو الذي يعيد الاعتبار لصورة مجلس النواب أمام المواطنين، ويوفر له فرصة ممارسة دوره الرقابي الفعال، كما تتمثل في تحقيق العدالة الاجتماعية، ومكافحة الفساد، وإشاعة الأمن والسلم، وانجاز عملية إعادة الأعمار، وضمان حقوق وحريات المواطنين وعيشهم الكريم، وتزداد ثقتنا بهذا التحالف لأنه تحالف من طراز جديد، انبثق من قلب المجتمع ومن حركة الاحتجاج الشعبي، حيث تنامي التعاون والتنسيق بين قوى شعبنا الوطنية المشاركة في الحركة على اختلاف أطيافها، وتنهض أمامه مهمات كبيرة في الميادين السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية، ويعمل تحالف "سائرون" ايضاً على بناء دولة قوية بمؤسساتها قادرة على اتخاذ قراراتها المستقلة بما يعكس هيبتها، وسيادة البلاد الوطنية، والحرص على سلامة أراضيها ووحدتها، وعلى إقامة علاقات عربية وإقليمية ودولية متوازنة مبنية على أساس المصالح المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والاحترام المتبادل لسيادة واستقلال كل دولة، وتعتمد في رسم وتطبيق السياسات العامة، على الكفاءات الوطنية والنزيهة من المهنيين والتكنوقراط العاملين بإخلاص على خدمة الشعب والوطن، عبر تنفيذ برامج التغيير والإصلاح بعيداً عن التمييز ونهج المحاصصة، والتشديد على اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة، وتطبيق قانون الخدمة المدنية، وتحقيق الإصلاح الإداري، ومكافحة البيروقراطية والروتين، واعتماد الحوكمة الالكترونية، ويتضمن برنامج التحالف معالجة مشاكل الخدمات الاجتماعية الأساسية، لاسيما الخدمات الصحية والتعليمية، والدفاع عن مجانيتها، وتوفير الخدمات العامة، وتأمين الموارد اللازمة لتنفيذ مشاريع الماء والكهرباء والنقل والسكن والمواصلات والاتصالات والمشاريع البلدية والخدمية، وبهذا ستكون سائرون هي الأمل المرتقب.
سائرون هو الأمل القادم
- التفاصيل
- عاصي دالي
- سائرون
- 1961