قال نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بسام محيي، إن « السلطة السياسية تتمركز بيد حفنة قليلة من القوى المتنفذة التي تحتكر المال والنفوذ وتهيمن على مؤسسات الدولة، مقابل أغلبية كبيرة من الطبقات والشرائح الاجتماعية التي تمثل الفقراء والمعدمين والمتضررين من الطائفية السياسية التي أوصلت البلاد إلى مزالق خطرة»

جاء ذلك في ندوة نظمتها منظمة الحزب في غوتنبرغ السويدية يوم 13 كانون الثاني الحالي، وتحدث فيها الرفيق لمجموعة من الشيوعيين وأصدقائهم عن الاوضاع السائدة في العراق.

وأشار محيي إلى، «مظاهر عدم الاستقرار حول الدولة ومؤسساتها إلى اقطاعيات للأحزاب المتنفذة، فضلا عن الدور المتنامي للجماعات المسلحة وخلق سلطات فرعية متنفذة تعيق عمليا تطبيق القوانين وتعميق العمل المؤسساتي وحتى تعريض سيادة البلاد إلى مخاطر جدية»، مبيناً أن «من مؤشرات عدم الاستقرار فشل الحكومة الحالية التي شكلها تحالف الإطار التنسيقي وعجزها عن تحقيق اي تقدم لإنهاء الازمات العالقة ومنها تلك المتعلقة بالعلاقة مع إقليم كردستان أو تلبية مطالب الجماهير في تحسين ظروفهم المعاشية والاقتصادية».

وتحدث الرفيق عن «معاناة البلد بسبب حالة الفوضى التي يعيشها جراء استمرار الاعتماد على الاقتصاد الريعي المرتبط بواردات النفط وانعدام الاستراتيجيات الاقتصادية على صعيد الصناعة والزراعة والخدمات، بالرغم من تشريع قانون الموازنة الذي ينبغي أن يحقق نقلة في الحياة الاقتصادية والمعاشية للمواطنين إلا ان معدلات التضخم تصاعدت مقرونة بارتفاع الاسعار وتذبذب سعر الدولار مما خلق مظاهر من الفوضى أثرت بشكل كبير ليس فقط على القدرة الشرائية للمواطنين بل على الفئات الاجتماعية الفقيرة ومحدودة الدخل وحتى على الفئات الوسطى، وكما أشرت المصادر الرسمية لوزارة التخطيط فان معدلات الفقر قد ارتفعت وزادت نسبة معدلات تحت خط الفقر لأكثر من 23 بالمائة من السكان».

وتطرق نائب سكرتير الحزب إلى بعض إجراءات السلطات التي لعبت دورا في حالة عدم الاستقرار، منها قضية انتخاب رئيس لمجلس النواب التي تحولت إلى سوق لشراء الذمم وصورة كبيرة لصفقات الفساد السياسي التي تعكس مستوى ضعف الأداء لمجلس النواب البعيد عن مصالح الجماهير وترسيخ قيم لا أخلاقية في الممارسة السياسية.

 

رفض وسخط

منوها إلى أنه على الرغم حالة اليأس والإحباط التي أصابت الناس جراء أداء المنظومة الفاسدة في الحكم إلا ان هذه المعاناة الكبيرة للجماهير تتحول إلى عملية رفض وسخط كبيرين وترفع من قدرات الحراك الاحتجاجي والشعبي الرافض لمنظومة الحكم ويتجلى ذلك في الحركات الاخيرة للمحاضرين وتظاهرات المتقاعدين والاحتجاجات بشأن سلم الرواتب وغيرها.

وأشار الرفيق محيي إلى، أن «أمام هذه الازمات واحتكار السلطة ومظاهر تقويض الحريات ومعاناة جماهير شعبنا العراقي باتت عملية التغيير اي الخلاص من منظومة الطائفية السياسية أمرا ملحا لإعادة بناء الدولة على أساس المواطنة الحقيقية وترسيخ مبادئ حقوق الانسان وضمان الحريات والمساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية».

وتناول الرفيق خلال الندوة بشكل واسع مساهمة الحزب الشيوعي العراقي وقوى التغيير الديمقراطية في انتخابات مجالس المحافظات في كانون الاول 2023 وتشكيل تحالف قيم المدني وقوائم اخرى باعتبار الانتخابات إحدى ميادين الصراع السياسي والاجتماعي، واضعين أمامهم أهدافا عبر عنها في شعار «لا للمحاصصة.. لا للفساد.. لا للسلاح المنفلت وشعار تحالف قيم « جايين نغير».

وبيّن الرفيق موقف الحزب الشيوعي من دور وأهمية تشكيل مجالس المحافظات والاشتراك في منابرها لإيصال صوت الجماهير في المحافظات والدفاع عن مصالحها ومواجهة الفساد واحتكار السلطة وممارسة الدور الرقابي عليها، وتعتبر مساهمة الحزب في الانتخابات إحدى وسائل او رافعات التغيير، موضحا ان الانتخابات تبقى إحدى تكتيكاته السياسية في خوض نضاله ومعارك السياسية، دون التخلي عن اسلوبه الكفاحي الرئيسي في الضغط الجماهيري والتعبير عن مصالح الطبقية للجماهير المتضررة من منظومة المحاصصة والفساد.

كما بين الرفيق أهداف الحزب في المشاركة في الانتخابات، وقراره جاء مختلفا عن ظروف مقاطعته للانتخابات البرلمانية السابقة، موضحا التباين بين انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات، كما كان للحزب اهداف سياسية وتنظيمية وتعبوية وإعلامية وجماهيرية تهدف إلى الترويج إلى مشروع التغيير وتعبئة الجماهير.

دور الشيوعيين

وأشاد الرفيق بسام بجهود رفيقات ورفاق منظمات الحزب الذين دشنوا حملة انتخابية واسعة شارك فيها المئات من المناضلين متحدين المصاعب والظروف المحييطة بالانتخابات من احتكار للسلطة وتسخير موارد الدولة واستخدام المال السياسي والمليشيات والضغوط على الدعايات الانتخابية والضغوطات الخارجية، فضلا عن طبيعة القانون الانتخابي والاشكاليات التي واجهت العملية الانتخابية، ومظاهر العزوف الكبيرة في عدم المشاركة في الانتخابات التي شكلت نسبة قليلة ممن يحق لهم المشاركة وهو تعبير عن حالة الرفض لمنهج الحكم وممثليه.

وأشار إلى، أن «نتائج الانتخابات تحولت إلى ساحات للصراع على تشكيل الحكومات المحلية وخاصة لتلك القوى المتنفذة بعيدا عن مصالح الجماهير وحاجاتها إلى تحسين أوضاعها الخدمية أو المعاشية. وأن ما حققه تحالف قيم المدني من مقاعد في مجالس المحافظات إنما يعبر عن امكانيات غير قليلة تمتلكها القوى المدنية والديمقراطية التي ينبغي مراكمتها بغض النظر عن حجم الواقع المرير والضغوطات الكبيرة التي تواجهها قوى التغيير».

وبيّن ان «نتائج الانتخابات لم تكن مرضية للحزب الشيوعي العراقي حيث لم يتمكن من الحصول على مقاعد في مجالس المحافظات و ستخضع هذه التجربة إلى الدراسة والبحث والتحليل وتقديم تقييم شامل ذي أبعاد فكرية وسياسية وتنظيمية ارتباطا بالظروف الموضوعية المحييطة بالحملة الانتخابية والتي من الضروري التركيز على تنظيم مراجعة نقدية شاملة لها دون اي تردد، بل من منطلق الحرص والمسؤولية اتجاه الحزب وسياسته، كما أن من اهداف هذا التقييم استخلاص الدروس والعبر لهذه التجربة والعمل على تجاوز النواقص والثغرات، وأشار أيضا أن قيادة الحزب ومنظماته تتحمل المسؤولية في خوض الانتخابات وجميع القرارات المتخذة على الصعيد السياسي والتنظيمي، وهذا ما تقوم به  الآن منظمات حزبنا وأعضائها في دراسة الاسباب والخروج بخلاصات تهدف إلى تحسين الأداء الحزبي على الصعد السياسية والتنظيمية والجماهيرية والتعبوية، مؤكدا على قوة وتضامن الشيوعيين وتمسكهم بوحدة حزبهم الشيوعي وإصراره على مواصلة الكفاح في الاستمرار في معارضة المنظومة الحاكمة والفاسدة للدفاع عن مصالح جميع الطبقات والفئات الاجتماعية  لشعبنا لإحداث التغيير الحقيقي».

وفي نهاية اللقاء تمت الاجابة والتوضيح على استفسارات الحاضرين.